فلسطين أون لاين

حوار أبو رمضان: مقاطعة انتخابات الكنيست نابعة من عدم تحقيق إنجازات لفلسطينيي الداخل

...
رئيس الهيئة الوطنية لدعم وإسناد الفلسطينيين في الداخل المحتل محسن أبو رمضان - أرشيف
غزة/ نور الدين صالح:

قال رئيس الهيئة الوطنية لدعم وإسناد الفلسطينيين في الداخل المحتل محسن أبو رمضان، إنّ مقاطعة فلسطينيّي الداخل لانتخابات الكنيست في دولة الاحتلال، جاءت نتيجة عدم إمكانية تحقيق أيّ إنجازات لصالحهم كما جرى مع الحكومات السابقة المتعاقبة، مؤكدًا في الوقت ذاته رفضه للاعتقالات السياسية في الضفة.

وأوضح أبو رمضان في حوار مع صحيفة "فلسطين"، أنّ فلسطينيي الداخل جرّبوا الكنيست وحكومات الاحتلال المتعاقبة على مدار سنوات طويلة، إذ لم تحقق إنجازات على المستوى المدني والحقوقي أو الوطني.

اقرأ أيضًا: أكثر من ستة ملايين شخص يشاركون في الانتخابات الإسرائيلية الثلاثاء

وشدّد على أنّ رئيس حكومة الاحتلال يائير لبيد وبنيامين نتنياهو الذي سبقه، هما وجهان لعملة واحدة في التطرف والانحياز لصالح المستوطنين، مؤكدًا أهمية الاستمرار في الكفاح الشعبي في الداخل المحتل ضد مصادرة الأراضي وترحيل الفلسطينيين وعمليات التطهير العرقي وغيرها من الممارسات العنصرية.

وأضاف أنّ "لبيد يحاول أن يظهر بصورة تجميلية أمام الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي من خلال ترديد شعار حل الدولتين الذي ذكره مرة واحدة في الأمم المتحدة، ولكنه على المستوى العملي يُنفّذ سياسة نتنياهو في التطهير العرقي والاستيطان وتنفيذ التقسيم الزماني والمكاني للأقصى".

وجدّد تأكيده ضرورة عدم التوصية لأيٍّ من قادة الاحتلال سواء نتنياهو أو لبيد أو غانتس، لافتًا إلى أنّ هذه المسألة هي التي خلقت فجوات وأربكت خيارات الجماهير الفلسطينية والقوائم التي تُشارك في الانتخابات، ما أدَّى إلى انشطارات في بنية القائمة المشتركة.

وبيّن أنّ "الأصل أن تكون هناك منهجية معارضة لمنهج اليمين واليمين المتطرف الذي لا يختلف عن بعضه سواء في مواجهة فلسطينيي الداخل عبر إجراءات التمييز العنصري والقوانين الجائرة أو بحقّ الشعب الفلسطيني من خلال شطب حقه في تقرير المصير والتنكر لقرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية".

اقرأ أيضًا: تقرير "تحريش النقب".. مشروع استيطاني يعود للواجهة مع اقتراب الانتخابات الإسرائيلية

ونبّه أبو رمضان، إلى أهمية وجود مشروع وطني فلسطيني متلاحم ومترابط بين الضفة وقطاع غزة والداخل المحتل والشتات، يؤكد ترابط وحدة الشعب الفلسطيني جغرافيًّا وديموغرافيًّا ووحدة هويته الوطنية الجامعة في مواجهة سياسة التجزئة والاستفراد التي يُمارسها الاحتلال.

واستعرض أبو رمضان عدة أسباب دفعت فلسطينيي الداخل لمقاطعة انتخابات الاحتلال، أولها عدم وجود جدوى من المشاركة في الكنيست، وإمكانية تحقيق مصالح البلدات العربية أو منع تمرير قوانين عنصرية ضد الفلسطينيين.

والسبب الثاني وِفق رأيه، هو فكرة التأثير التي استمرأها منصور عباس رئيس القائمة العربية الموحدة في الكنيست، والتي عادت بالسلب على الجماهير العربية، حيث لم يتم تحقيق إنجازات على المستوى المدني والاقتصادي أو نتائج ملموسة للمواطن الفلسطيني، سوى الفُتات بما يتعلق بفتح شوارع ومياه وكهرباء وغيرها.

وبحسب أبو رمضان، فإنّ السبب الثالث هو أنّ الجماهير الفلسطينية تنظر باهتمام لفكرة الوحدة بين مختلف الأحزاب العربية كما في السابق، مشيرًا إلى أنّ الانقسامات التي حدثت "أدّت لتفكير الناخب الفلسطيني في الداخل لمعاقبة القيادات العربية التي قدمت مصالحها الذاتية وخلافها على درجة الوحدة".

وحول علاقة مقاطعة الانتخابات بتصاعد وتيرة المقاومة في الضفة، قال أبو رمضان: "من الممكن أن ينظر فلسطينيو الداخل لحالة الانتفاضة المشتعلة في الضفة كنموذج يُمكن أن يُحتذى به في مواجهة الاحتلال والاستيطان والتمييز العنصري".

وأضاف أنّ "فلسطينيي الداخل جرّبوا العمل السياسي وربما وصلوا لنتيجة أنه لا جدوى من هذا المسار، بالتالي الرهان على المقاومة الفلسطينية أصبح يُرجَّح أفضل، بالتالي عدم المشاركة في الانتخابات والتفاعل مع الأحداث التي تجري في الضفة الغربية والمقاومة ربما شكّل أحد الخيارات".

وتابع أنّ "الصمود في الأراضي المحتلة عام 48 والتفاعل إعلاميًّا وجماهيريًّا وشعبيًّا بما يتعلق بجهود القوى المُقاوِمة الفاعلة في الضفة لا تزال تستمر في تلقين الاحتلال دروسًا من الكفاح والمقاومة".

سيطرة عباس على السلطات

وفي موضوع استمرار رئيس السلطة محمود عباس إصدار قرارات بقوانين، وآخرها إنشاء المجلس الأعلى للهيئات والجهات القضائية وتنصيب نفسه رئيسًا له، اعتبر أبو رمضان ذلك "تعميقًا لسيطرة السلطة التنفيذية على كل الهيئات والسلطات الأخرى".

وشدّد على أنّ "هذا الأمر لا ينسجم مع القانون الأساسي الفلسطيني ويتعارض معه، حيث إنّ إعادة تشكيل العديد من الهيئات لا يخدم المسار المبني على فكرة سيادة القانون واستقلال القضاء".

وأكد أنه يُعمّق سيطرة السلطة التنفيذية على السلطتين التشريعية والقضائية، "لذلك الأساس الذهاب إلى انتخابات لا إلى سيل من القرارات والقوانين التي تؤدي إلى مزيد من السيطرة".

وبيّن أنّ هذه القرارات بقوانين ستنعكس سلبًا على حوارات المصالحة التي جرت في الجزائر قبل أسابيع، خاصة أنّ الأخيرة بذلت جهودًا وجرى الاتفاق على آلية الانتخابات.

وقال: "بدلًا من أن نجد رد الفعل الأول باتجاه المصالحة وإصدار مرسوم لإجراء انتخابات شاملة كما تم الاتفاق عليه، وجدنا سلسلة من القرارات بقوانين لتحكم السلطة التنفيذية لهيئات ومؤسسات بما فيها القضاء والنقابات".

وعدّ أنّ هذه المسألة "تتناقض مع روح التفاهمات التي تمت في الجزائر وتؤدي لتعميق الهوة بين الأطراف الفلسطينية".

وفي سياق آخر، أعلن وزير الداخلية في حكومة رام الله زياد هب الريح، منع عقد المؤتمر الشعبي الفلسطيني - 14 مليون في رام الله، المقرر انعقاده في قاعة المسرح البلدي في بلدية رام الله السبت القادم في قاعات بكلّ أنحاء العالم وبالداخل والشتات أينما يوجد الفلسطينيون.

ويُنادي هذا المؤتمر بضرورة إصلاح منظمة التحرير عبر انتخابات وأسس ديمقراطية تضمن مشاركة كل الفلسطينيين فيها بالداخل والشتات.

وعلّق أبو رمضان على هذا القرار بقوله: "إنّ أيَّ منع لتجمع فلسطيني يرفع شعارات محددة ووحدوية وانتخابية يتنافى مع القانون الأساسي ولا يستقيم مع القيم الديمقراطية ويتناقض معها بصورة جذرية ورئيسية".

وأضاف: "الأساس أن يتم السماح بهذه التجمعات كجزء من التجمع السلمي، وألا يتم هذا المنع بل السماح بحرية التعبير والرأي والتجمع السلمي بوصفه جزءًا من القانون الأساسي الفلسطيني والمواثيق التي وقّعتها دولة فلسطين التي تمّ الاعتراف بها عضوًا مراقبًا في الأمم المتحدة عام 2012".

واعتبر أنّ هذا المنع "غير مفيد ويُكرّس عملية الهيمنة والسيطرة، ويُساهم في تكميم الأفواه ويُقلّص الحيز الديمقراطي العام في الرأي العام والتعبير والتجمهر". 

رفض الاعتقال السياسي

وحول استمرار أجهزة أمن السلطة بالاعتقالات السياسية في الضفة، أكد رفضه لمبدأ الاعتقال السياسي من أصله، قائلًا: "الأساس أن يكون السماح في مبدأ التعددية الحزبية والسياسية".

وبيّن أنّ الاعتقالات السياسية ارتفعت وتيرتها في الآونة الأخيرة، تزامنًا مع زيادة المقاومة ضد الاحتلال، وذلك ضمن آلية "التنسيق الأمني بين السلطة والاحتلال".

وشدّد على ضرورة "عدم الرهان على أيّ آليات للمفاوضات أو التنسيق الأمني وأن ينضوي الكلُّ الوطني بما فيها الأجهزة الأمنية في جبهة كفاحية وطنية مشتركة عنوانها مقاومة الاحتلال".

وأكد ضرورة "وقف كلّ الوسائل الرامية لخنق الحريات وتحجيم العمل الديمقراطي وإعادة السيطرة على بُنية النظام السياسي الفلسطيني"، مشيرًا إلى أنها تؤدي لإرباك الحالة الوطنية الفلسطينية وفجوات في النسيج السياسي والاجتماعي.