أطلقت جامعة الدول العربية مؤتمر قمة عربية في الجزائر الثلاثاء الأول من نوفمبر ٢٠٢٢م. رئيس السلطة محمود عباس وصل أول من أمس الاثنين إلى العاصمة الجزائرية يرافقه حسين الشيخ ورياض المالكي، ومحمود الهباش ومجدي الخالدي وأحمد عساف. في الاستقبال الرسمي صرح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون: "إن القضية الفلسطينية بالنسبة للجزائر هي بمنزلة أم القضايا عبر كل الأزمنة".
لا أحد في فلسطين ينكر دور الجزائر وموقفها الصلب المؤيد للحقوق الفلسطينية، وهو موقف تاريخي متوارث منذ استقلال الجزائر، والفلسطيني عادة ما يتذكر كلمة الراحل هواري بو مدين الذي قال: "الجزائر مع فلسطين ظالمة أو مظلومة". الجزائر بلد الشهداء هي من أفضل البلاد العربية تقديرًا للمقاومة الفلسطينية، ولشهداء الشعب الفلسطيني، وهي أبعد الحكومات عن المتاجرة بالقضية الفلسطينية، لذا تجد إجماعًا فلسطينيًّا على حبّ الجزائر واحترامها، قيادة وشعبًا، وهو حبّ واحترام له نكهة خاصة.
القمة في الجزائر، والجزائر تقودها وتتولى رئاستها، ولكن مواقف الدول العربية من (إسرائيل) ليس كموقف الجزائر، بل مواقفهم متباينة، بعضهم اعترف وطبع! وبعضهم على الطريق! وبعضهم يرفض الاعتراف والتطبيع قبل القبول بالمبادرة العربية وقيام دولة فلسطينية. وعليه فثمة مشكلة أمام الجزائر، إذ كيف لها أن تجمع المواقف المتشاكسة هذه في موقف واحد، هو موقف الجزائر؟!
لا تملك الجزائر عصا سحرية لتوحيد مواقف الدول العربية عمليًّا، وعدد من الدول العربية لن يتعاطى مع موقف الجزائر لو طالبت بوقف التطبيع مع (إسرائيل)، لذا ربما تسلك الجزائر في قيادتها للقمة مسلكًا خطابيًّا، وإعلاميًّا يناصر الحقوق الفلسطينية دون التعرض لمسألة التطبيع، ومن ثَم يمكن القول بأن قمة الجزائر ستكون امتدادًا للقمة السابقة، وسيكون في البيان الختامي تكريرًا لفقرات البيانات الختامية السابقة.
هذه هي حال القمة العربية عقدت في الجزائر أو عقدت في غيرها من بلاد العرب. وهذه حال الشعوب العربية، والشعب الفلسطيني، إذ لا تهتم الشعوب بلقاء القمة، ولا تتابع مجريات المؤتمر.
إن استطلاعًا للرأي حول القمة كشف عن النتائج الآتية: بعض المستطلعين ليس لديهم علم بالقمة العربية، ولا يتابعون أخبارها؟! وبعضهم ينتقدونها ويرونها لقاء للمجاملات! وبعضهم يرونها مجلسًا للمزايدات، وتنتهي بتكريس الخلافات البينية، ولا تقدم حلولًا للمشكلات! وبعضهم يراها تكون جادة لو حضرتها (أميركا أو إسرائيل)! وبعضهم يتأسف للنفقات! وبعضهم يقول لعل وعسى، ولعل الله يوفقهم، أو...!