يبدو أن قلة قليلة من الجماهير ترغب بتأجيج الساحة الرياضية سواء بقصد أو بغير قصد، وفي كلتا الحالتين، يجب الضرب بيد من حديد لكل من يسعى إلى زعزعة الاستقرار في غزة المُحاصرة بفعل فاعل.
أما من يتعمد تأجيج الساحة الرياضية، فهذا يضع نفسه موضع الشك في سلوكه، ومن ثَم يجب أن يخضع لمُساءلة قانونية تكشف عن حقيقة هذا السلوك ومن يقف خلفه إن كان هناك من يقف خلفه، وإن لم يكن أحد خلفه، فإن الشخص صاحب السلوك السيئ يكون أمام قرار قضائي يضمن عدم السماح لمن تسول له نفسه المساسَ بحالة الاستقرار الرياضي.
أما أصحاب السلوك غير المقصود منه زعزعة وتأجيج الساحة الرياضية، فهم يُصَنفون على أنهم من مُثيري الشغب، وهذا بحد ذاته يتطلب معالجة اجتماعية من قِبل إدارات الأندية بالدرجة الأولى من خلال رفع الغطاء الرياضي عنهم وتقديمهم للقضاء، ولا سيما أن معظم إدارات الأندية تعرف مُثيري الشغب في صفوف جماهير أنديتهم.
إن الساحة الرياضية ليست بعيدة عن عبث العابثين ولا عن مُشغليهم مثلها مثل ساحات أخرى سياسية واقتصادية وأمنية، وعليه من المفترض أن تُعالَج هذه الظاهرة على كل الصُعد، سواء بوقوف اتحاد كرة القدم عند مسؤولياته من خلال فرض عقوبات صارمة على المخالفين، أو الجهات الشرطية والأمنية، لكون الأمر متعلقًا بمحاولة إغراق غزة بمزيد من الإشكاليات، بالطلب من الأندية التعاون معها لتقديم المشاغبين للعادلة إن لم يُقبض عليهم متلبسين.
لا أهدف هنا إلى تضخيم الأمور، ولكني أعمل جاهداً على عدم تفاقم الأمور لعدم وصولها إلى لحظة نندم فيها جميعاً من خلال منح المشبوهين فرصة العبث بساحتنا الآمنة، فهناك من لا يرغب في أن تتمتع غزة بالاستقرار بهدف تنفيذ مخططاتهم لتدميرها لكونها حاضنة المُقاومة.
هناك من لا يرغب أن تُنظم في غزة بطولات رياضية وألَّا يكون للشباب والأطفال أي متنفس يُخفف عنهم معاناة الحصار المضروب عليها منذ 16 سنة، ودفعهم لتحويل مسار حياتهم إلى اتجاهات غير محمودة وغير وطنية وغير أخلاقية بهدف ضرب أساسات القضية الفلسطينية في مقتل من خلال حرف أطفالها وشبابها عن الطريق الوطني السليم.
ولعل الساحة الفلسطينية في غزة مليئة بالمواطنين الحريصين على مصلحة ومستقبل الوطن، ولكنهم يذهبون إلى طريق علاج غير سليم لحالة الفوضى الرياضية، من خلال مُطالبتهم بإلغاء البطولات.
إن المُكالبة بإلغاء البطولات يخدم مصلحة الذي دعا الشباب للتخريب ولا يصب في مصلحة الوطن ورياضته، وعليه يجب على الحريصين على مصلحة الرياضة الفلسطينية أن يقوموا بعملية تشخيص سليمة للحالة ليتمكنوا من إيجاد وطرح حلول إيجابية تضرب كل محاولات العابثين، وليس مساعدتهم على تنفيذ مخططاتهم.
يجب أن تستمر الرياضة ويجب تطويرها ودعمها وحمايتها من خلال مواجهة المتسببين في الضرر وتقديمهم للعدالة، لا أن نستسلم لهم ونمنحهم الفرصة لمزيد من حالات العبث بالساحة الرياضية.
إن قيام جماهير أي نادٍ بالتحريض على اتحاد كرة القدم بعد فرض عقوبات على النادي بسبب الشغب، والتستر على أي فرد من الأفراد المتعصبين ومثيري الشغب في صفوف جماهير هذا النادي أو ذاك، هو بمنزلة تضليل للشارع وسعي لتحقيق المصلحة الشخصية للنادي على حساب المصلحة العامة للرياضة الفلسطينية.
كما أن التستر على مفتعلي الشغب يُسهم كثيرًا في تنامي هذه الظاهرة السلبية، ودفع أعداد أكبر من مثيري الشغب لفعل ما يريدون لكونهم ضمنوا عدم الكشف عن هويتهم، ومن ثم دعمهم لمزيد من محاولات تخريب أي مباراة في أي وقت وفي أي مكان.