قال محللان سياسيان، إن حركة "فتح"، تعيش أزمة تنظيمية، تضخمت خلال الشهور الماضية في قطاع غزة، بفعل الإجراءات العقابية التي اتخذها رئيس السلطة محمود عباس بحق الموظفين وعناصر الحركة.
وتوقع المحللان، خلال حديثهما لصحيفة "فلسطين"، أن تشهد حركة "فتح" في قطاع غزة، خلال الأيام القادمة، حراكا داخليا وخارجيا في محاولة للضغط على اللجنة المركزية، والمجلس الثوري، لممارسة دورهم، والضغط على "عباس" للتراجع عن قراراته الأخيرة.
وكانت مصادر قيادية في حركة "فتح"، كشفت النقاب عن إعطاء أمناء سر الأقاليم في قطاع غزة، مهلة زمنية لقيادة الحركة حتى الخميس المقبل (17 آب/اغسطس) للعمل على حل مشاكل القطاع، مهددين بخطوات تنظيمية صعبة، أبرزها تجميد العمل التنظيمي في القطاع.
قديمة جديدة
ورأى المحلل السياسي أسعد أبو شرخ، أن القاعدة التنظيمية لحركة "فتح"، فسرت الإجراءات العقابية لرئيس السلطة محمود عباس، وحكومته في رام الله، ضد الموظفين والأهالي في قطاع غزة، بأنها "انتقام غير مبرر .. يستدعي الوقوف والتصدي لها".
وقال أبو شرخ لـ"فلسطين" إن تهديد حركة "فتح" بتجميد عملها التنظيمي في قطاع غزة، في حال مواصلة "عباس" إجراءاته العقابية، "لا يمكن إخراجها عن قضايا الحركة، والقرارات الظالمة المتعلقة بقطع رواتب الموظفين والخصومات المالية منها، وإحالة الكوادر للتقاعد المبكر وغيرها من الإجراءات".
وعبر عن أمله بأن تكون خطوة "فتح" بداية لحراك كبير، وذلك لتصويب البوصلة، وحث أبناء التنظيم للاعتراض والمطالبة بحقوقهم دون خوف أو وجل، لافتا إلى أن موقف "فتح" وخطواتها القادمة جاءت رغم محاولة حثيثة لـ"عباس" في المؤتمر السابع للحركة إحكام السيطرة على التنظيم وقيادته وإلزام الجميع الالتزام المطلق بقراراته وتوجهاته.
وتوقع أبو شرخ أن تجري تحركات أخرى لحركة "فتح"، وذلك في محاولة لخلق حالة من الضغط على اللجنة المركزية للحركة والمجلس الثوري، ومن قبلهم "عباس" لوقف الإجراءات المتخذة بحق أبنائها.
واتخذت السلطة الفلسطينية، مؤخرًا، عدة قرارات بحق موظفيها والذين ينتمون غالبيتهم لحركة فتح، منها إحالة 18 ألف رجل أمن للتقاعد المبكر، و7 آلاف من الموظفين المدنيين غالبيتهم من وزارتي الصحة والتعليم الذين هم على رأس عملهم.
وأتت القرارات المتخذة بعد استقطاع أكثر من 30 % من رواتب موظفي قطاع غزة منذ أبريل/ نيسان الماضي، وقد لاقى القرار اعتراضا واحتجاجات واسعة للموظفين.
أزمة متضخمة
فيما أكد المحلل السياسي تيسير محيسن، أن حركة "فتح" تعيش أزمة تنظيمية كبيرة، تضخمت خلال الأشهر الأخيرة، بسبب الإجراءات العقابية التي اتخذها "عباس" بحقها، وبحق أهالي قطاع غزة عامة، مشيرا في ذات السياق، إلى أن هذا الأمر قاد أمناء سر الأقاليم لحركة "فتح" للخروج عن صمتهم، والتقدم بالاعتراض والتهديد بوقف العمل التنظيمي.
ورأى محيسن لـ"فلسطين"، أن عدم قدرة قيادة حركة "فتح" سيما من هم أعضاء في المجلس المركزي والثوري بغزة في تقديم اجابات مقنعة حول الإجراءات المتخذة بحق أعضاء الحركة وعناصرها، "أوصل لأن تكون هذه القيادة مجرد أشكال في وجهة نظر القاعدة التنظيمية، وأنه لابد من تخطي موقفهم عبر تجميد العمل التنظيمي والتي جاءت كمفاجأة للجميع" حسب وصفه.
وأوضح أن التلويح بتجميد العمل التنظيمي، يقرأ منه انطلاق "شرارة ململة أمامية" نحو تصويب الوضع القائم، وذلك بعد مسار صمت طويل خلال الفترة الماضية، متوقعًا أن يحدث بعد هذا الموقف حالة من الانشقاق والتمرد إذا ما بقي "عباس" مصرًا على موقفه وإجراءاته ضد أبناء حركته في قطاع غزة.
وقال المحلل السياسي "إذا رغبت حركة فتح في إحداث مزيد من الضغط على قيادتها سيما في الضفة الغربية، عليها أن تخطو خطوات أوسع بعد تجميد العمل التنظيمي، والاستقالات الجماعية وهو ما سيكون بمثابة لطمة في وجه عباس، واستدراكًا من الأخير بأن إجراءاته من الممكن أن تفصل التنظيم بغزة كليًا عن قيادته في الضفة".
ويبلغ عدد موظفي السلطة 156 ألف موظف؛ مدني وعسكري، منهم 62 ألفًا من غزة (26 ألف مدني، 36 ألف عسكري)، يتقاضون قرابة 54 مليون دولار شهريًا، وتبلغ نسبة غزة 40 في المائة من إجمالي الموظفين، بحسب بيانات صادرة عن وزارة المالية الفلسطينية.