المسجد خط أحمر وعصب حساس للعرب والمسلمين، وأي مساس به له تداعيات خطيرة وكارثية، قد تؤدي إلى إشعال فتيل انتفاضة جديدة، فما نشرته جماعات يهودية متطرفة على صفحتها في «الفيسبوك» أمس الأول من أن ١٩ ألف متطرف يهودي اقتحموا الأقصى منذ بداية العام الجاري والذي وصفته بالقياسي بالنسبة للسنوات والأشهر السابقة، يؤكد من جديد استهداف أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين لا زال قائما ولم يكف المستوطنون بمساندة الاحتلال عن الاستيلاء عليه.
كما لفتت هذه الجماعات اليمينية المتطرفة إلى أن 500 متطرف يهودي اقتحموا المسجد الأقصى في الأسبوع الأخير، أي بزيادة تصل إلى ١٤٢٪ مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، متوقعة أن تتواصل وتيرة الزيادة في عدد المقتحمين كنتيجة طبيعية لدعواتها وحملاتها الدعائية المستمرة في توسيع دائرة الجمهور اليهودي للمشاركة في عمليات الاقتحام شبه اليومية.
تحت هذا الستار يقوم عشرات ومئات المستوطنين باقتحامه يوميا، في حين أنه حسب المتعارف عليه فإن السياحة يجب ان تكون تحت إشراف الأوقاف الإسلامية وبأعداد قليلة، وليس بالأعداد التي تقتحم الأقصى من متطرفين يهود وتحت حراسة شرطة وأجهزة مخابرات الاحتلال التي تعتدي على حراس الأقصى وتمنع العديد منهم من دخوله وتعتقلهم وتبعدهم عنه رغم انهم موظفون لحراسته والدفاع عنه من أي سوء أو محاولات للنيل منه.
إن هذه ليست زيارات بل هي مقدمة لاقتحام واسع النطاق للمسجد الأقصى؛ للاستيلاء على محيطه الداخلي، أي من فوق ومن أسفل، والاستيلاء على محيطه الخارجي، والشاهد على هذا أن قوات الاحتلال تقتحم الساحات اقتحامات منظمة، ويؤكد ذلك أن الدعوات أصبحت واضحة وصريحة، تلك التي تدعو إلى التعجيل الفوري لتمكين بناء "الهيكل الأسطوري" الكاذب على أنقاض الأقصى، إذ بدأت تعقد اجتماعات رسمية في مبنى (الكنيست) تدعو إلى بناء هيكل كذاب على أنقاض المسجد الأقصى المبارك، وهذا يعني أن الاحتلال ضرب بعرض الحائط كل اعتراضات (يونسكو) والاحتجاجات العربية والإسلامية.
فالاحتلال يعد هذه الساحات عامة، ويحاول استباحتها دون وجه حق ودون إذن من الأوقاف ودون قيد أو حساب، ومن يعترض طريقه يعتقل أو يمنع من دخول المسجد الأقصى، والسؤال هنا: من سيوقف هذه الاعتداءات ؟
إن المقدسيين الذين أفشلوا محاولات وضع أبواب إلكترونية وكاميرات متطورة جراء وحدتهم وصمودهم ونضالهم السلمي ضد الاحتلال ومحاولاته الهيمنة الكاملة على الأقصى، هم بحاجة لمن يدعمهم من خلال اتخاذ خطوات عملية ضد انتهاكات الاحتلال ومستوطنيه ومتطرفيه، وبالتالي ان المسؤولية ليست ملقاة على عاتق الفلسطينيين وحدهم في حماية المقدسات الإسلامية، بل أيضًا الأمة العربية والإسلامية تتحمل المسؤولية الأولى والأخيرة عن مصير المسجد الأقصى والقدس، لذا يجب عليها عدم إعطاء المفاوضات غطاء أو منحها امتيازًا، بل سحب المبادرة العربية من أجندتها، والتحرك لوضع إستراتيجية عميقة لحماية الأقصى والقدس، وجعلها على رأس أولوياتها ومهامها بالتحرك في كل الاتجاهات وعلى كل المسارات والأصعدة في المنظمات الدولية والحقوقية والجنائية؛ للضغط بثقل وبقوة على الاحتلال للكف عن العبث بالمسجد الأقصى المبارك، فنحن ننتظر من الأمة المسلمة والعالم العربي الرسمي والشعبي إعلان مشروع تحرير القدس والمسجد الأقصى.
فالإجراءات والانتهاكات الإسرائيلية شبه اليومية ضد الأقصى تتطلب من الجانبين الفلسطيني والأردني زيادة التحرك على المستوى الدولي لوضع حد لهذه الانتهاكات الاسرائيلية للأقصى الذي هو مكان عبادة للمسلمين وليس مكانا للسياحة، فالأردن بصفته الوصي على الأماكن المقدسة، عليه الإسراع في تشكيل لجنة مشتركة لمتابعة ما تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد الأقصى والتي تسعى في المرحلة الحالية إلى تقسيمه مكانيا بعدما قسمته زمانيا تحت ستار السياحة .