لم يتأخر الشاب المجاهد حمدي صبيح قيم ابن مدينة نابلس وحركة حماس، عن تلبية نداء الواجب ومشاركة رفاقه في عرين الأسود بالتصدي لاقتحام قوات الاحتلال يوم الثلاثاء الماضي.
ودّعت نابلس قيم وقد عرفته البلدة القديمة شابا معطاءً وصاحب همة ومحياً جميلاً، لم يبخل يوما على أهله وذويه ومدينته.
أسد من العرين
حمدي قيم (30 عاما)، أحد أبطال عرين الأسود، يعمل سبّاكا في مدينة نابلس، ومتزوج وله طفلان لم يقعدانه عن الجهاد والمقاومة والانضمام لعرين الأسود ومواجهة المحتل.
كان حمدي متوجها بسيارته إلى حيث الاشتباكات في البلدة القديمة بنابلس، لكن انفجاراً عرضياً أدى لاستشهاده وإصابة شقيقه بجروح متفاوتة.
ابن حماس
حمدي ابن حركة حماس الذي نشأ وترعرع على حب كتائب الشهيد عزالدين القسام، فأورثه شخصية ملتزمة رفعت لواء الدعوة والمقاومة.
عرفته مساجد المدينة وشوارعها وبيوتها المستورة، صاحب اليد البيضاء في الخير والممدودة للناس تساعدهم وتحمل المحبة والخير لهم في كل وقت وحين.
صبيح القيّم، والد الشهيد حمدي، ظهر وكأنه قد حمل كل صبر الدنيا في صدره واجتمع في كلماته حينما قال:" كل العرين أولادنا، فدا الوطن، الله أخد والله بعطي، والله بعوض، والحمد لله المسيرة شغالة، وأولاد حمدي صابرين، كلنا صابرين".
وأكد قيّم أن استشهاد نجله فداء للوطن وللعرين وفداء للقدس والأقصى، وأنهم لن يهتزوا وأن المسيرة مستمرة، وأن المقاومين سيهزمون الاحتلال ولن يهتزوا، و "يا جبل ما يهزك ريح"، ورح ننتصر إن شاء الله.
رائد العمل التطوعي
وقال صبيح قيم إن نجله حمدي كان يعمل دائما على خدمة الناس، يساعد المحتاجين، يعمل حتى في يوم الجمعة على مساعدة أهالي نابلس.
وكتب أحد أصدقائه من طلبة جامعة النجاح الوطنية عن مواقف للشهيد حمدي قيم أنه: "كان في جامعة النجاح مجموعة تطوعية تعنى بمساعدة العائلات المتعففة من أهل البلد، من ضمن أعمالها ترميم البيوت المتهالكة، وكنا نحتاج مواسرجي باستمرار، اقترحولنا شب اسمه حمدي".
وأشار صديقه إلى أن حمدي كان يخدم الناس بعينيه وقلبه، يعامل الناس وكأنهم بقية أهله وجزء من أسرته، ويحتسب عمله عند الله سبحانه وتعالى.
دموع خلف الكاميرا
شقيقته الصحفية فرح قيّم والتي كانت دوما ما تغطي أخبار الشهداء وتلتقي عائلاتهم، صاحبة القلب المرهف التي لطالما أخفت دموعها خلف الكاميرا وهي تستمع لقصص الشهداء، حتى أصبحت وشقيقها هما القصة وأصبحت هي وعائلتها من عوائل الشهداء.
تلقت فرح نبأ ارتقاء شقيقها حمدي أثناء تغطيتها عدوان الاحتلال على نابلس، حين ورد خبر بانفجار مركبة باستهداف للاحتلال في منطقة رأس العين.
وظهر جليا على وجه فرح القيم حزن مخلوط بالفرح، وهي تودع شقيقها حمدي الذي ارتقى شهيدا، لترتفع في السماء زغرودتان من قلب يملأه التعب والحزن، ومن بين الدموع وتحث النساء على فعل ذلك.
لن تسقط الراية
رحل في تلك الليلة خمسة أقمار في نابلس وسادس في رام الله، نفضوا غبار الحياة عنهم، عشقوا الخلود والحرية فلم يأبهوا للموت، رجال لم تلههم تجارة أو بيع أو أولاد ونساء عن جهاد هذا المحتل ومقاومته ولم يقنعوا بالذل على رقابهم.
كان حمدي وأصدقاؤه دعاة إلى الله، شباب قلبهم على فلسطين وأهلها، حملوا هموم الشباب وأبلغوهم رسالة المحبة وضرورة أن يكون الشباب ملتزما مرتبطا بدينه وعقيدته كي يكون أقوى في مواجهة هذا العدو الغاشم.
ونعت حركة حماس شهيدها البطل حمدي صبيح قيم (30 عامًا)، إلى جانب شهداء شعبنا الفلسطيني الشهيد وديع صبيح الحوح (31 عامًا)، والشهيد حمدي محمد صبري شرف (35 عامًا)، والشهيد علي خالد عمر عنتر (26 عامًا)، والشهيد مشعل زاهي أحمد بغدادي (27 عامًا)، والشهيد قصي محمود التميمي (20 عامًا).