قالت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد" إن المرسوم الرئاسي المنشئ لما يسمي بــ "المجلس الأعلى للهيئات والجهات القضائية" محطة جديدة في سلسلة سياسات هيمنة وتغول السلطة التنفيذية على السلطة القضائية.
وأوضحت أنها تابعت باستهجان وقلق بالغين إصدار رئيس السلطة محمود عباس مرسومًا رئاسيًا يقضي بتشكيل ما سمي بـــ"المجلس الأعلى للهيئات والجهات القضائية" وذلك برئاسته؛ وعضوية كلًا من: رئيس المحكمة الدستورية العليا، ورئيس مجلس القضاء الأعلى – رئيس محكمة النقض، رئيس المحكمة الإدارية العليا، رئيس الهيئة القضائية لقوى الأمن، رئيس مجلس القضاء الشرعي، وزير العدل، المستشار القانوني للرئيس، النائب العام.
وطالبت حشد "عباس" بالكف عن إصدار القرارات بقانون ومراسيم رئاسية وخاصة التي تفتقر إلى الضرورة، وتشمل دعوتها الرئيس الفلسطيني لضرورة سحب وإلغاء المرسوم الرئاسي الأخير، وسحب كل القرارات السابقة التي تمس باستقلالية السلطة القضائية، بما في ذلك ووقف التدخلات في عمل السلطة القضائية والعمل على إعادة بناء وتوحيد مؤسسات النظام السياسي كأولوية وطنية وقانونية بما يضمن الفصل بين السلطات وسيادة القانون وعدم المس في استقلالية القضاء الفلسطيني.
وأهابت بالمجتمع الفلسطيني ولا سيما أعضاء السلطة القضائية الفلسطينية ونقباء وأعضاء مجالس النقابات المهنية وخاصة نقابة المحاميين الفلسطينيين والمنظمات الأهلية والحقوقية والشعبية والأحزاب والحركات الفلسطينية لضرورة التعبير عن رفضهم لهذا المرسوم، خاصة أنه جاء كغيره دون تشاور مع أحد وبما يخالف القانون الأساسي الفلسطيني.
ودعت الهيئة المقرر الخاص المعنية باستقلال القضاة والمحامين لضرورة أخذ ما يلزم من إجراءات للضغط على السلطة التنفيذية الفلسطينية للتراجع عن هذا المرسوم وما سبقه من قرارات تمس استقلالية السلطة القضائية، بما يضمن استقلال السلطة القضائية الفلسطينية.
كما دعت للعمل على استعادة الحياة الديمقراطية والوحدة الوطنية، وإعادة الاعتبار لمبدأ سيادة القانون، ومبدأ الفصل بين السلطات، واستقلال القضاء، من خلال إجراء الانتخابات الشاملة للمجلس الوطني والتشريعي والانتخابات الرئاسية وبما يمكن المواطنين من ممارسة حقهم الدستوري والقانوني في اختيار ممثليهم في انتخابات عامة ونزيهة.
وقالت: "حددت المادة الرابعة من المرسوم؛ المهام الموكلة للمجلس والتي تتمثل في مناقشة مشاريع القوانين الخاصة بالسلطة القضائية ومكوناتها، وحل الإشكاليات التي قد تنشأ بين الجهات والهيئات القضائية، وإعداد المذكرات التطويرية لعمل الهيئات القضائية، ودراسة المناقلات ما بين الجهات والهيئات القضائية، ومناقشة احتياجات الهيئات والجهات القضائية؛ فيما قررت المادة الخامسة منه إلغاء صريح لكل ما يتعارض مع أحكام المرسوم الرئاسي.
وأشارت أن المرسوم يأتي في إطار سلسلة المراسيم والقرارات بقوانين التي عكف رئيس السلطة محمود عباس على تكثيف إصدارها في السنوات الأخيرة والتي وصل عددها الي قرابة ٤٠٠ قرار بقانون أخطرها التي تعلقت بحل المجلس التشريعي الفلسطيني، إلغاء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وانتخاب المجلس الوطني، وتلك المراسيم والمتعلقة بالشأن القضائي وغيره من الشؤون العامة، إلى جانب العشرات من المراسيم التي مست بمنظومة الحقوق الحريات والقرارات التي انتهكت حقوق الموظفين العموميين أو تلك التي عيٌن أو رقي بموجبها موظفين معيين بذاته إلى مناصب إدارية متقدمة في السلم الوظيفي للوظيفة العامة.
وشددت على أن المرسوم الرئاسي المنشئ للمجلس الأعلى للهيئات والجهات القضائية، ومع كل ما قد يساق لتبريره من النواحي التنظيمية؛ فأنه بشكل جلي وواضح قد أهدر بشكل غير مسبوق استقلالية السلطة القضائية وجعلها رهينة في يد رئيس الدولة، خاصة أن القانون الأساسي الفلسطيني وكذلك القوانين المتعلقة والمنظمة للسلطة القضائية لم تأتي على إنشاء هذا المجلس الهجين، الذي يهدف لاستكمال تنفيذ سياسات تهدف لمزيد من تغول السلطة التنفيذية على ما تبقي من استقلال السلطة القضائية.
وقالت إن "الاستخفاف الرئاسي بالمنظومة الدستورية والقانونية والقضائية الفلسطينية بما في ذلك التجاهل الدائم لمبادئ وقواعد القانون الأساسي الفلسطيني وصل لدرجة لا يمكن قراءتها إلا في ضوء سياسية الاستحواذ والتفرد التي يديرها ويستفيد منها عباس، الأمر الذي بات يشكل تهديد حقيقي وجدي على ما تبقي من النظام السياسي والدستوري الفلسطيني".
وحذرت الهيئة من استمرار سيل القرارات بقانون والمراسيم الرئاسية التي لا تحمل أي ضرورة عاجلة بل على العكس تدمر النظام السياسي والدستوري الفلسطيني، وتلغي مبادئ سيادة القانون والفصل بين السلطات واستقلال السلطة القضائية.
وأكدت دعمها لفكر إصلاح قطاع العدالة والقضاء الفلسطيني، والحاجة الماسة لذلك بما لا يمس باستقلالية السلطة القضائية، وإذ ترى أن أسلوب السلطة التنفيذية وقراراتها الراهنة هي انعكاس واضح وجلي لضمان هيمنة الرئيس والسلطة التنفيذية على مقاليد السلطة القضائية في ظل التغيب الحالي للسلطة التشريعية.