أبطال المقاومة في جبل النار، في عرين الأسود، في قلعة الصمود والتضحية، يرفعون الصوت عالياً في وجه قتلة القرن: "سنلاحقكم حتى دحركم".
فلسطين من أقصاها إلى أقصاها تنعى شهداءها البررة، فرسان "عرين الأسود" الذين رووا بدمائهم الطاهرة الأرض المقدسة وموئل الرباط والصمود العظيم، مقاومون رجال يخضبون مُحيا الزمان، إنهم ليوث حارة الياسمينة وأزقة البلدة العتيقة.
الحاضنة الشعبية تقف موحدة اليوم وكما كانت، وكان عهدها قاطعاً بأنها خلف مجاهديها تمد هذا الزحف الهادر والمد الثوري متراساً صُلباً مُتراصاً في وجه عدو غادر، وتَعِدُ بتقديم شلالات الدماء دفاعاً عن حرية واستقلال الأرض التي تستحق كل التضحيات.
أقمار يتوسطون سماء الوطن، شهداء فلسطين، حمدي صبيح تيم، علي خالد عنتر، حمدي محمد شرف، وديع صبيح الحوح، ومشعل زاهي بغدادي، رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه وكانوا متراساً عَصِيّاً في مواجهة عدو يهرب مدحوراً يحمل قتلاه وجرحاه وآلياته المعطوبة، ووحدات "عرين الأسود " تزأر في بيانها: " نحن نستمد زادنا من ربنا أولاً، ومن ديننا ثانياً، ومن دعم أهلنا وإخواننا ثالثاً، وننتظر النصر، وقد حان خروج الأسود من عرينها".
أبطال "العرين"، يثقون بأن شعبهم الذي يوالي ويُصَعِّدُ حراكهُ وزحفه معهم وناصرهم "وبكلمة الله أكبر سَنُصلي خِراف العدو رُعباً".
وَيَرُدُّ مواطنٌ نابلسي بصوت كالرعد وَسط النِزال: "نابلس حاضنة الثوار وقلعة المقاومة".
العدو يَعْمدُ للاستمرار في حصار نابلس فترد عليه حاضنة المقاومة فيها بتعزيز وإسناد رجالها المقاومين في "عرين الأسود"، فتقدم أنموذجاً وحدوياً والتفافاً جماهيرياً يتعاظم مع كل حماقة ومغامرة هوجاء يقترفها العدو ليرتد على عقبيه، وتنهض المدينة مرة أخرى منتصبة كالرمح وكما لم تكن يوماً من قبل.
جنين التي لم تهدأ تطارد العدو وتصطاده في مقتل، وتنتصر لتوأمها نابلس الثورة، وخليل الرحمن تبدأ إرهاصاتها، وقدس الأقداس تتصدى بكل بسالة لجنود العدو المدججين بالعنصرية ولمستوطنيه فيهربون كالجرذان أمام تلاحم أبنائها العظيم.
شعب الضفة، يرى اليوم، وبِأم العين الدور الآسن لمحافظ نابلس إبراهيم رمضان وتحريضه للعدو ومعه عصابة أركان السلطة المارقة في وكر التآمر في مقاطعة عار رام الله المحتلة.
لقد جاء اغتيال الشهيد تامر الكيلاني وشهداء "العرين" في الأيام الماضية ليفتح صفحة دموية جديدة، تشي بانطلاق باب التصعيد الأمني والعسكري على مصراعيه، وكما نلحظ فإن طابعه يذهب نحو المزيد من الاشتعال ويبدو أن ملامح المرحلة القادمة تقول بأن العدو: "سيشدد الحصار المفروض على مدينة نابلس منذ 11 من تشرين الأول الجاري بهدف تأليب الحاضنة الشعبية على المقاومة.
وهو يخطط إن لم ينجح هذا المخطط، فقد تقدم قوات الاحتلال على شن عملية عسكرية واسعة، والأرجح أن يحدث ذلك بعد إجراء الانتخابات مطلع تشرين الثاني القادم، والتي قد يؤخر هذا العدوان لبرهة من الزمن وقوعها وحتى تشكيل حكومة جديدة، خاصة وأن ذلك سيكون مادة تحريض للكتل المتنافسة قبل الانتخابات، كما سيكون شأناً أمنياً له الأولوية لدى الشارع الاستيطاني أمام ما باتت تشكله وحدات "عرين الأسود" وبقية المجموعات الفدائية الجديدة على أمن الكيان الصهيوني.
ويهدف العدو أيضاً إلى فرض معارك دفاعية على وحدات المقاتلين لشل قدراتهم للبدء بعملياتهم الهجومية والتي تعدهم بالرد على عمليات القتل والاغتيالات الصهيونية التي ما فتئت تتصاعد فصولاً.
كما أن احتمال البدء بحملة اغتيالات قائم وجاد، هذا إذا ما استعدنا عشرات عمليات الاغتيال التي جرت في الضفة المحتلة ضد قادة المقاومة خلال الانتفاضة الثانية عام 2000 وخاصة في مدينة نابلس، وذلك بالقصف من الطائرات المروحية كما حدث عام 2004 مع قائد كتائب شهداء الأقصى هاشم أبو حمدان وزملائه نادر أبو ليل، ونائل أبو حسنين ومحمد أبو حمدان، أو باستخدام العبوات الناسفة كما وقع مع الشهداء باسم أبو سرية في البلدة القديمة في نابلس وجوابرة الذي اغتيل بانفجار هاتف عمومي مفخخ.
وتشير الأحداث المذكورة أنه وبعد أكثر من أسبوعين من حصار جبل النار فقد صب العدو زيتاً على نار غضب الحاضنة الشعبية وأضحت أكثر إسناداً لأبنائها المجاهدين، كما أن عمليات الاغتيال لم تحدث الصدمة التي تمناها العدو في أضغاث أحلامه.
كما أن عمليات ما أسماه "طنجرة الضغط" بحصار المقاومين في البيوت واستخدام الصواريخ وزخات الرصاص المكثف لم تُأتِ أُكُلها في إجبار الأسود على الاستسلام بل يقاومون حتى الطلقة الأخيرة والشهادة، وتستمر وتتصاعد عملياتهم وتزيد وتائر مبادراتهم إلى عمليات جديدة ومطاردة العدو، كما أن عمليات الاغتيال الغادرة، لن تمر مرور الكرام، "والعرين" تتعهد وبشكل قاطع برد مؤلم، وهذا ما يتجسد في عمليات إطلاق النار التي لم تتوقف حتى اليوم والإصابات التي تحققت بجرح عدد من الجنود والمستوطنين بعضهم بجراح خطرة.
الشعب الفلسطيني في حيفا ويافا والناصرة واللد والرملة والنقب، يخرج مسانداً لأشقائه في نابلس والقدس وجنين، وفي طول وعرض الضفة المحتلة والشباب الثائر في غزة العزة يُبْرِدُ لرجال "عرين الأسود" في ضفة يعبد الانتفاضة" أحفاد خالد بن الوليد ومصعب بن عمير والمثنى والبراء بن مالك وضرار بن الأزور"، بأن شعب القطاع الذي يبايع خطوات "العرين" يشتبك مع جيش الاحتلال على السلك الشائك الزائل وثوار الضفة الأفذاذ وقد حملوا الأرواح على الأكف، أولئك الأبطال بكل الروح الوثابة والطاقة الهائلة والصبر والجلد والصمود لإنفاذ برنامجهم الجهادي واشتعال زخم الفعل الجماهيري الزاحف دوماً، يتقدمون نحو أهدافهم لدحر سَدَنة الإرهاب ويذهبون إلى الشهادة رافعي الرؤوس، لا يلوون على شيء ويعلمون يقيناً أن مد الثورة مستمر وزحف المقاومين لن يتوقف.
شهداؤنا يرتقون مقبلين غير مدبرين، والإسناد الجماهيري يزداد زخماً، والعيون اليقظة تتعمد كل يوم بدم عزيز وتواصل الزحف، ونابلس تؤكد كل يوم أنها منارة الثائرين تهديهم إلى الدرب الذي يقول: إن الزمن أمسى بيد المقاومين، وإن الانتفاضة تتسع، وإن حصار القوات الخاصة ممكن بل ووقع، وكان الاشتباك من نقطة الصفر، وإن الخسائر الجسيمة لا شك فيها والمعارك مفتوحة، والشعب حائط صّدّ مكين، فالهدف الذي أشرف عليه شخصياً رئيس الأركان أفيف كوخافي ورئيس جهاز الشاباك رونين بار لم يتحقق، وستكون الكلمة للشعب ومقاومته التي تَعِدُ بنصر مؤزر وقريب.