يعكس المرسوم الذي أصدره رئيس السلطة محمود عباس، أول من أمس، بحل نقابة الأطباء في الضفة الغربية، مدى تغوله على النقابات الفلسطينية وحل مجالسها وتعيين آخرين ينفذون سياساته.
واعتبر مختصون، في أحاديث منفصل لصحيفة "فلسطين" أن إصدار مرسوم بتعيين مجلس نقابة للأطباء بديل عن المجلس الحالي، تجاوزًا للقانون الأساسي وتعدٍّ على الديمقراطية، ولم يكن ثمة داعٍ لإصداره، داعين عباس للتراجع عن قراره.
ويقضي مرسوم عباس بحل نقابة الأطباء في الضفة الغربية المحتلة، وتشكيل نقابة بديلة عن التي يرأسها د. شوقي صبحة.
وكانت القوائم المستقلة فازت في انتخابات نقابة الأطباء في الضفة الغربية التي جرت في يونيو الماضي، وسط هزيمة مدوية لحركة "فتح".
وحصد المستقلون كامل المقاعد في محافظات نابلس وقلقيلية وبيت لحم، وثمانية مقاعد مقابل واحد للمنافسين في القدس، وستة مقاعد مقابل ثلاثة في الخليل، في حين فازت حركة "فتح" في رام الله فقط.
خطوات احتجاجية
وقال عضو نقابة الأطباء نصر جعفر: إن إصرار نقابته على تحسين الوضع الطبي في فلسطين والمطالبة بتحسين أوضاع الأطباء المهنية، ودخولها في صدامات متكررة مع السلطة دفع رئيسها لإصدار قرار بقانون يقضي بحل مجلسها وتعيين بديل عنه.
وأضاف جعفر، لصحيفة فلسطين: إن مطالب النقابة الشرعية جعلت الحكومة (في رام الله) تنظر لها أنها خارجة عن مسارها، ويجب حلها من خلال إصدار مرسوم رئاسي بتعيين مجلس آخر بديل عن المجلس الحالي.
وأكد أن نقابته مقبلة على سلسلة من الخطوات الاحتجاجية لمطالبة رئيس السلطة بإسقاط المرسوم غير القانوني، مضيفًا: "لا يجوز أن يتم تعيين مجلس جديد ولم يمضِ شهور على انتخاب مجلس النقابة".
تجاوز للقانون
من جانبه، أكد مدير مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية حلمي الأعرج، أن القرار بقانون القاضي بحل مجلس نقابة الأطباء المنتخب تجاوز القانون الأساسي الفلسطيني، وتعدى على الديمقراطية.
واستغرب الأعرج عبر صحيفة "فلسطين" إصدار عباس القرار بقانون، لكون النقابة أجرت قبل أشهر انتخابات وتم تشكيل رئيسها وأعضائها وفق القانون، مؤكدًا أن تلك الخطوة تثير حفيظة المجتمع الفلسطيني للتعدي على الديمقراطية.
وبين أن القرار بقانون، يثير مخاوف النقابات الفلسطينية الأخرى المنتخبة كـ"المحامين والمهندسين" بأن تقدم السلطة على حلها أسوة بنقابة الأطباء، داعيًا عباس لإلغاء المرسوم بشكل فوري وإعادة الأوضاع لنصابها الصحيح، لكونه يشكل خطرًا على النقابات المهنية.
وذكر أن المرسوم لا يخدم الأطباء ولا العملية الديمقراطية "فهو يشكل فرصة للتغول على النقابات الفلسطينية"، محملًا كامل المسؤولية للمقربين من رئيس السلطة لكونهم من أشاروا عليه لإصدار القرار بقانون.
صلاحية مطلقة
من جهته، قال المحامي في مركز القدس للمساعدات القانونية بسام كراج: إن القرار بقانون الذي صدر عن عباس، وقضى بحل النقابة، خالف الأصول والقانون ولم يكن ثمة داعٍ لإصداره.
وأضاف كراج لصحيفة "فلسطين": أن القرار يؤكد الصلاحيات المطلقة التي يتمتع بها رئيس السلطة، للتدخل في المراكز القانونية لأي نقابة كانت، وإلغاء مجالس إدارتها وتعيين مجالس جديدة.
وحذر من خطورة القرار الذي من شأنه أن يفتح شهية السلطة ورئيسها للتغول على أي نقابة وإقالة مجالس إدارتها وتعيين مجلس جديد، مؤكدًا أن المرسوم الرئاسي سيكون له تداعيات خطيرة ستطال مختلف الأماكن التي يعمل بها الأطباء في الضفة الغربية أو غزة أو الأردن.
وشدد على ضرورة إلغاء القرار بشكل فوري لما فيه من ظلم واقع على الأطباء، مستغربًا من إصداره، لكونه مخالفًا لإرادة الأطباء الذين انتخبوا مجلس النقابة الحالي ونقيبهم بطريقة ديمقراطية، معتبرًا إياه انقلابا على المجلس الحالي المنتخب وإحلال مجلس بنظام التعيين مخالفاً بذلك قانون نقابة الأطباء رقم (14) لسنة 1954".
واعتبر أن من أشار على عباس لإصدار المرسوم، منتفع منه، داعيًا جميع النقابات للتوحد والوقوف صفًا واحدًا لدفع رئيس السلطة للتراجع عن القرار، مضيفًا: "فاليوم أعلن حل نقابة الأطباء وغدًا سيكون الدور على نقابة جديدة".