الإضراب الشامل عمّ مدن الضفة والقطاع أمس غضبًا وتضامنًا. غضبًا من العدو لاغتياله بضعة رجال من العرين بنابلس، وتضامنًا مع الشهداء وذويهم. نابلس تقدم فلذات أكبادها رفعة للدين، ودفاعا عن الحرية والوطن. الشهداء بإذن الله قتلوا ويدهم على الزناد لا يرهبهم رصاص العدو، ولا تنال من عزائمهم توهين المنافقين.
نابلس بلدة جبل النار لها تاريخ ناصع في النضال الوطني ومقاومة المحتلين، وعرين الأسود هي الحلقة الجديدة من سلسلة حلقات النضال الوطني الفلسطيني في نابلس. هذه الحلقة متينة تستعصي على الكسر بإذن الله. نعم استشهد عدد من قادتها، والشهادة ليست كسرًا ولا هزيمة، بل الشهادة نور يضيء طريق السالكين للآخرة.
"ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون". الفلسطيني يؤمن بعطاء الشهادة، وأنها حياة دائمة، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور. نابلس الآن تودع أحياء هم عند ربهم يرزقون، هي تذرف دمع الفرح بالشهادة، وحق لها أن تفرح بشهدائها، وأن تستقبل حياة الحرية القادمة.
الطريق إلى الحرية طريق طويل، لا يُحسب بالأمتار، ولا بعدد السنين، طريق الحرية يحسب بالشهداء، فالجزائر تعرف ببلد المليون ونصف المليون شهيد. وفلسطين على طريق الشهداء لا تقيل ولا تستقيل. ومن سلك درب الشهداء كان على موعد مع الحرية، فالحرية مهرها دماء الشهداء المخلصين في عملهم لله.
قد يفرح العدو بقتل من قتل في نابلس، ولكن فرحته مؤقته، وهي فرحة الغافل، الذي لا يعرف المسلم ولا الإسلام. الفرحة العاجلة تنقلب لا محالة غدا حسرة وندامة، ولو علم العدو ماذا تعني الشهادة لضن بها على رجال فلسطين. الشهادة حياة لمن أصابها اصطفاء، ولمن خلفه ولما يصبها قدوة وأسوة. رحم الله شهداء نابلس وكل شهداء فلسطين والمسلمين.