في وقت تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي حصارها المشددة على مدينة نابلس، شمالي الضفة الغربية المحتلة لليوم الرابع عشر على التوالي، تقف السلطة وأجهزتها الأمنية "مُتفرجة" بعيدة عن ذلك المشهد برمته، دون تقديم أي دعم يعزز صمود المواطنين على أقل تقدير.
ولم تكتفِ السلطة بـ "الصمت" إزاء الأحداث المشتعلة في نابلس، بل راحت أجهزتها الأمنية تعتقل وتطارد المقاومين الذي يشكلّون خطراً على الاحتلال في تلك المدينة المحاصرة وغيرها من مدن الضفة الغربية، وفق ما يقول مراقبون.
وتغلق قوات الاحتلال أغلبية الحواجز الرئيسة والفرعية في مدينة نابلس، وتعيق حركة المواطنين والمركبات من داخل المدينة إلى خارجها، كما تواصل إغلاق مداخل بعض البلدات والقرى بالسواتر الترابية، وسط استمرار اعتداءات المستوطنين الذين أعطتهم حكومة الاحتلال الضوء الأخضر لارتكاب الجرائم بحق المواطنين.
السلطة عاجزة
يتهم الناشط في المقاومة الشعبية من نابلس خالد منصور، السلطة وأجهزتها الأمنية بـ "القصور" عن مساندة المواطنين في نابلس في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي المتواصل عليها.
إقرأ أيضا.. الاحتلال يُحكِم حصار نابلس بثمانية حواجز
وقال منصور لصحيفة "فلسطين": إن "السلطة عاجزة عن رفع الحصار المفروض على نابلس بقوّة أجهزتها الأمنية"، مشيراً إلى ضرورة اتخاذ موقف سياسي وتعزيز صمود المواطنين.
وشدد على ضرورة وقف التعاون الأمني الذي تتمسك به السلطة منذ توقيع اتفاقية أوسلو، "كبادرة حسن نية في سبيل دعم صمود المواطنين"، مضيفاً أن "السلطة لا تزال تراهن على الدور الأمريكي والعودة للمفاوضات وتتمسك باتفاقية "أوسلو" رغم إقرارها بالتنصل منها خلال عقد المجلسين المركزي والوطني".
وتابع "بما أن الاحتلال يقف حامياً ومشجعاً للمستوطنين على ارتكاب جرائمهم ضد الفلسطينيين، يجب على السلطة أن تقف إلى جانب شعبها كذلك، وتوفر له الحماية"، مستدركاً "أجهزة أمن السلطة لا تحمي المقاومين والمواطنين ولا تقف على مداخل المدن والبلدات".
وبيّن أن الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال خاصة "أوسلو" كبّلت السلطة وجعلتها غير قادرة على حماية أبناء شعبها، بل تذهب باتجاه اعتقال المطاردين والمقاومين استكمالاً للتعاون الأمني، مشيرًا إلى أن أهالي نابلس وجهوا نداءً لحكومة اشتية لعقد اجتماعها الأسبوعي في المدينة من أجل معايشة معاناتهم ودعمهم "ولكن لم يتم ذلك حتى اللحظة".
وعبّر منصور عن أمله أن تستجيب الحكومة في رام الله وتتخذ قراراً صلباً يتمثل بوقف التعاون الأمني وقطع العلاقة مع الاحتلال، مجدداً رفضه لحملات الاعتقال السياسي التي تنفذها أجهزة السلطة ضد المقاومين والمطاردين.
وطالب السلطة بضرورة الإفراج عن كل المعتقلين السياسيين في سجونها، والوقوف إلى جانب شعبها الذي يتعرض لهجمة إسرائيلية خطيرة في الفترة الراهنة، داعياً كل الفلسطينيين لتوحيد الصف الوطني لمواجهة سياسات الاحتلال.
تعزيز صمود
وأكد الناشط السياسي من نابلس غسان حمدان، أن تدخلات السلطة تجاه ما يجري في نابلس "دون المستوى المطلوب".
وقال حمدان لصحيفة "فلسطين": "يجب على السلطة تعزيز صمود المواطنين والتخفيف عنهم، عبر تخفيف الضرائب التي تفرضها عليهم، وحضورها بشكل دائم في المدينة المحاصرة".
وشدد على ضرورة "إيجاد خطط واستراتيجية عاجلة لدعم صمود المواطنين، وممارسة ضغوطات على مؤسسات دولية، كي تتدخل في وقف جرائم الاحتلال تجاه الفلسطينيين".
وعد أن "استجابة الحكومة (في رام الله) بعقد جلستها في نابلس تكون خطوة أولى على طريق مساندة السكان، لكنها لم تفعلها حتى الآن"، مؤكداً ضرورة التحرك على مستوى عربي ودولي وتعرية الاحتلال أمام المجتمع الدولي.
وجدد حمدان تأكيد ضرورة إنهاء الخلافات الداخلية في الساحة الفلسطينية ورص الصفوف من أجل مواجهة سياسات الاحتلال العنصرية بحيث تكون البوصلة الرئيسية نحو القدس، مطالباً بطي صفحة الانقسام وإنهاء هذه الظاهرة التي لا تخدم الشعب الفلسطيني.
تجدر الإشارة أن قوات الاحتلال قمعت خلال الأيام الماضية الفعاليات الشعبية المطالبة بإزالة الحصار العسكري وتشديدات الاحتلال المفروضة على نابلس، موقعةً إصابات في صفوف المواطنين.
وكانت لجنة التنسيق الفصائلي في نابلس، قد أطلقت الأسبوع الماضي، نداءً إلى أبناء الشعب الفلسطيني كافة في الضفة الغربية والداخل الفلسطيني المحتل، لإطلاق حملة واسعة لكسر حصار الاحتلال على نابلس.