فلسطين أون لاين

​بدأت السلطة العمل به مطلع الشهر الحالي

حقوقيان: قانون الجرائم الإلكترونية يقيّد حرية الرأي والتعبير

...
رام الله / غزة - أحمد المصري

يرى حقوقيان أن قانون الجرائم الإلكترونية الذي أقرته السلطة في الضفة الغربية، وبدأت العمل به بداية شهر أغسطس الجاري، يعد من أخطر القوانين المقيدة لحرية الرأي والتعبير، وانتهاك الخصوصية والحريات العامة.

ويؤكد الحقوقيان لـ"فلسطين" أن هذا القانون ينتهك القانون الأساسي الفلسطيني صراحة في حماية واحترام حق حرية الرأي والتعبير، فيما أنه يتناقض مع الاتفاقات الدولية التي وقعت عليها سابقًا السلطة الفلسطينية بما يخص الحقوق الأصيلة للأفراد.

وبموجب قانون الجرائم الإلكترونية الذي أقر في شهر يوليو/ حزيران الماضي، اعتقلت السلطة في رام الله ثمانية صحفيين يعملون ضمن وكالات ومحطات إعلامية مختلفة، تحت تهم أبرزها تسريب معلومات لجهات معادية، والإضرار بالأمن العام.

وجرت المصادقة على القانون بعيدًا عن المجلس التشريعي المختص بإصدار القوانين والتشريعات والمجمد بمرسوم رئاسي أيضًا، وقد احتوى على 61 مادة تم تناولها في 31 صفحة، تتعلق المادة 20 منه بـ" بنشر أخبار من شأنها تعريض سلامة الدولة أو نظامها العام أو أمنها الداخلي أو الخارجي للخطر".

ومن أبرز ما جاء في القانون أيضًا، تشريع مراقبة كل ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية، واتاحة مراقبة المستخدمين والتنصت عليهم وتخزين بياناتهم كاملة لمدة 3 سنوات، فارضًا على الشركات المزودة للإنترنت التعاون مع الجهات الأمنية للوصول إلى بيانات المستخدمين.

ويقول شعوان جبارين مدير مؤسسة الحق لحقوق الانسان، إن الصيغة التي وردت بشأن قانون الجرائم الإلكترونية تتناقض كليًا مع ما جاء في القانون الأساسي الفلسطيني بما يتعلق في حماية واحترام الحقوق، سيما الخصوصية الشخصية للأفراد.

ويؤكد جبارين أن قانون الجرائم الإلكترونية ينتهك في "روحه ومبدئه" حرية الرأي والتعبير، ويعاقب الأفراد وفقا لما ينشرون في القانون الأساسي الفلسطيني، إلى جانب ضربه بعرض الحائط المواثيق الدولية التي وقعت عليها دولة فلسطين سابقا الملزمة باحترام الحريات والحقوق والعمل الإعلامي، وعدم الإضرار بهما ارتباطًا لشؤون سياسية أو غيرها.

وينبه إلى أن من أشرف على وضع وإقرار هذا القانون الشهر الماضي، لم يقم للقانون الفلسطيني والالتزامات الدولية أي وزن، وبات الصحفيون يعتقلون وفقا لنشرهم آرائهم وتعبيرهم، وحقهم في نقل المعلومة.

ويشدد جبارين على أن المادة 20 من قانون الجرائم الإلكترونية المبررة لاعتقال الصحفيين هي "أكثر من جريمة"، فيما يؤكد أن هذا القانون يشير لتدهور خطير، وعدم احترام للحقوق والحريات الفلسطينية العامة.

ويوضح أن إقرار قانون الجرائم الإلكترونية يأتي في ظل سلسلة انتهاكات للقانون الفلسطيني، جرت سابقًا كالتي تتعلق بتشكيل محكمة الجنايات الكبرى، والمحكمة الدستورية، والتي تؤشر معظمها على الاتجاه نحو إحكام القبضة الأمنية والتضييق على الحريات.

ويشدد جبارين على أن سياسة تكميم الأفواه، ومعاقبة الأفراد وفقا لآرائهم، لا بد وأن تنتهي، لأنها تضر أكثر مما تنفع، ولا يمكن عبرها أن تقوى السلطة ما لم يكن المجتمع الفلسطيني قويا، خصوصًا وأنه مجتمع يرزح تحت الاحتلال.

قانون خطير

الخبير القانوني ماجد عاروري يقول إن قانون الجرائم الإلكترونية "قانون خطير"، وإنه من أخطر القوانين التي أقرتها السلطة الفلسطينية منذ تشكيلها عام 1993 على الحريات المتعلقة بحرية الرأي والتعبير، وخصوصية المواطنين.

ويضيف عاروري: "انتقلنا وفقا لهذا القانون لمجتمع يشرعن انتهاكات الخصوصية والحريات، وهذا أمر مقلق بشكل كبير"، ويلفت إلى أن ال 14 مادة الأولى من قانون الجرائم الإلكترونية تتعلق بالنشر ولا يمكن أن تعتبر جريمة.

ويؤكد أن النيابة العامة وفقا لما هو منشور على مواقع التواصل الاجتماعي بما يتعلق بتمديد توقيف الصحفيين، قد طبقت قانون الجرائم الإلكترونية بأثر رجعي لما قبل صدوره، رغم أن القانون الأساسي وفقا للمادة (15) ينص صراحة على أن القانون يسري من تاريخ صدوره.

ويضيف عاروري: "عدم رجعية القوانين الجنائية، تعني تطبيق القوانين على الجرائم التي تقع بعد إصدار القانون، ولا يجوز أن تنسحب بأثر رجعي على الجرائم التي وقعت قبل صدوره، إلا القوانين الأصلح للمتهم".

ويستغرب الخبير القانوني من كيفية استناد تمديد توقيف الصحفيين وفقا لما نشر على أعمال تمت منذ سنوات خلت، ولم تكن مُجرمة في حينها، إلى جانب جعل قضاة الصلح يوافقون على هكذا طلبات ويقررون التمديد، علماً أن القانون أناط بهم مهمة الرقابة على إجراءات النيابة العامة.

ويشدد على أن السلطة التنفيذية غير مؤتمنة على إقرار أي قانون يتعلق بالحريات الصحفية، حيث إنها تفصل هذه القوانين لصالح فرد أو محاربة آخر، ويؤكد أن قانون الجرائم الإلكترونية سيحول الدفاع عن الحريات خاصة حرية التعبير من حركة على مواقع التواصل الاجتماعي ضعيفة التأثير إلى حركة في الميدان أكثر تأثيرًا.