شاهد الجميع الشجاعة والبسالة والإقدام التي قاتل فيها حتى الرمق الأخير الشاب المقدسي عدي التميمي، مشهد قل له مثيل من المقاتلين الأشداء الذين يدافعون عن شعبهم وأمتهم بكل صبر وصمود.
عدي التميمي الذي صوّب سلاحه في قلب النظرية الأمنية الإسرائيلية، ووجّه لها الضربات المتتالية؛ الأولى في مخيم شعفاط حين قتل وأصاب ثلاثة من جنود الاحتلال من النقطة صفر، وغادر بكل شجاعة وبطولة واختفى 13 يومًا عن أنظار الاحتلال الإسرائيلي الذي استنفر كل الأجهزة الأمنية وحاصر مخيم شعفاط ليلًا ونهارًا، وشن حملات تفتيش متتالية، وأطلق الطائرات في سماء القدس ومحيطها للبحث عنه، لكن هذا البطل خرج لهم من حيث لم يحتسبوا في مستوطنة معاليه ادوميم المحصنة ليوجه سلاحه مرة أخرى لقلب النظرية الأمنية الإسرائيلية، ويطلق الرصاص اتجاه جنود الاحتلال ويصيب أحدهم ويشتبك معهم حتى الرمق الأخير.
عدي التميمي نموذج للشاب الفلسطيني المتمسك بالأقصى والقدس والدفاع عنه والقتال في سبيل وطنه، وهو في سن لم تتجاوز 22 عامًا، وقاتل ببسالة وشجاعة وهو يمثل الجيل الحالي المتمسك بحقوقه والدفاع عن مقدساتها مهما كان الثمن، على غرار أقرانه في حي الياسمينة في وسط نابلس وأقرانه في مخيم جنين و سلواد والسلوان وغزة، ويقدمون النموذج الفلسطيني والجيل الجديد الذي يضع أمامه هدف واحد هو استعادة حقوقه والدفاع عن مقدساته بكل ما يستطيع.
هذا الجيل يتربى في مدرسة الآباء والأمهات من أمثال أم عدي وأم إبراهيم النابلسي وأبو رعد خازم وعبد الرحمن وقيس شجاعية وغيرهم من الذين يفتخرون بما فعله أبناؤهم الذين أحسنوا تربيتهم وإعدادهم لمثل هذه الساعات العصيبة التي يخرجون بعدها أكثر قوة وشدة ودعمًا لمشروع المقاومة والدفاع عنه، في صورة مشرقة يتكاتف فيها المجتمع كما حدث في شعفاط وكما يحدث في نابلس، واحتضان الشعب الفلسطيني لمجموعات عرين الأسود ودعمها وتأييدها والدفاع عنها في صورة من صور الالتحام بين المقاومة وجمهورها، وهو نتاج سنوات من البناء والتهيئة لهذا الجيل ليخرج لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي والدفاع عن المقدسات والمخيمات والمدن التي كان يستبيحها الاحتلال بكل سهولة.
هنا انتهى مشروع التسوية ومحاولة بناء الفلسطيني الجديد بالرؤية الأمريكية الإسرائيلية، وما قدمه الاحتلال من سنوات لدعم السلطة في سبيل إعداد جيل يتلاءم مع مشروعهم القائم على تذويب الهوية الوطنية والدخول في تسوية مع الاحتلال الإسرائيلي والتنازل عن الحقوق الوطنية، كل ذلك انتهى منذ الرصاصة التي أطلقها رعد، والتي أطلقها أخيرًا عدي.