فلسطين أون لاين

الموساد والاحتلال.. فشل مزدوج

...
د. أيمن أبو ناهية

في كل مرة ينجح جهاز الموساد الإسرائيلي بالإفلات والهرب من الجرائم التي يرتكبها في كثير من دول العالم باغتيال شخصيات فلسطينية من الطلاب والعلماء والتجار والقيادات البارزة، بإيعاز من الاحتلال الذي يقوم بالدور نفسه وعلى أكمل وجه بارتكاب المجازر ضد الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لكنه هذه المرة فشل في تحقيق أهدافه بمحاولة اختطاف فلسطيني في العاصمة الماليزية “كوالالمبور”، وقد انكشف أمر عصابة عملاء الموساد التي أقدمت على عملية اختطاف الفلسطيني لدى المخابرات الماليزية التي استطاعت الوصول إلى مكان العصابة وقد ألقوا القبض عليهم وتخليص المعتدى عليه من بين أيديهم.

لم يشهد العالم في أي عصر من العصور السابقة ولا العصور الغابرة جهازًا أمنيًا دمويًا يغتال ويصفي ويختطف رعايا دول على أراضي دول أخرى، حيث ينتهك سيادتها، وقوانينها ودستورها الوطني، واتفاقيتها الدولية، ويزعزع أمنها واستقرارها دون وجه حق، مثلما يفعل جهاز الموساد الإسرائيلي منذ زمن بعيد، ولا يجد من يوقفه عند حده، لأن (إسرائيل) تعتبر نفسها دائماً فوق القانون الدولي، لا بل فوق العالم بأسره ولا تحسب حساباً لأحد، حتى إنها لا تحترم المعاهدات الدولية التي وقعتها، لأنها لم تجد من يلزمها ويقيدها بها، وقد شجعها على ذلك الصمت العربي والدولي المطبق الذي اعتادته على مدار الثمانية عقود الماضية لعمر الاحتلال. فكم مرة تصدر المحاكم الدولية قرارات باعتقال مجرمي الحرب من الصهاينة؟ وكم مرة تصدر قرارات اعتقال ضد مسؤولين عسكريين صهاينة في كثير من الدول الغربية، ولكن لم تنفذ بعد؟ فبدلاً من تنفيذ إلقاء القبض عليهم ومحاكمتهم، توجه لهم التحذيرات بعدم القدوم إلى تلك الدول أو يوجه لهم النصح بالمغادرة إذا كانوا موجودين في تلك الدول خوفاً عليهم من الاعتقال والملاحقة القانونية بحجة تمتعهم بحصانات دبلوماسية.

هذه المحاباة والمراضاة والتساهلات المقدمة للصهاينة على طبق من ذهب نتج عنها كل هذه التجاوزات والانتهاكات الصهيونية وعدم إعطاء أي اهتمام لأي جهة إطلاقاً، والواضح أن الاحتلال ومعه أجهزته الاستخباراتية والعسكرية لا يخشون أي ردة فعل ولا حتى استنكار من أحد على هذه الجرائم المتكررة ضد الشعب الفلسطيني، لأنهم يأخذون القانون الدولي بأيديهم، بغطاء ودعم أمريكي لا محدود، لذلك نجد جهاز الموساد الإسرائيلي يسرح ويمرح في دول العالم من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه، سواء كانت دولًا صديقة للاحتلال، أو دولًا لا تقوم معها علاقات، فهو المسؤول عن اغتيال الشهيد خليل الوزير (أبو جهاد)، والشهيد صلاح خلف (أبو إياد)، والشهيد هايل عبد الحميد (أبو الهول)، والشهيد فخري العمري في تونس، والشهيد كمال عدوان، والشهيد غسان كنفاني، والشهيد ناجي العلي، والشهيد كمال ناصر، والشهيد محمد النجار، في لبنان، والشهيد عماد مغنية في سوريا، والشهيد فتحي الشقاقي في قبرص، ولا ننسى اغتياله الشهيد محمود المبحوح في إمارة دبي على مرأى ومسمع من العالم بأسره، لا بل أن خلية الموساد الإجرامية،  (بحسب ما أعلنته شرطة دبي)، كانت قد انتحلت أسماء أشخاص واستخدمت جوازات سفر وبطاقات مزورة تعود لدول غربية.

لم تكن هذه المرة الأولى التي يقدم عليها الموساد بتزوير أسماء وجوازات سفر غربية، فقد سبق أن استخدم جوازات سفر كندية في تنفيذ محاولة الاغتيال الفاشلة لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل في عمان.

لا شك أن عملية الموساد الفاشلة في ماليزيا مرتبطة بعامل زمني مهم مع ما يحدث في الضفة الغربية المحتلة، التي تشهد مقاومة شرسة للاحتلال، الذي فقد السيطرة على الأرض تماما، وفشل رغم كل الإمكانيات لديه في احتواء المقاومين والفدائيين الأسود في الضفة، فذهب بعيدا لنقل المعركة على ما يبدو إلى خارج فلسطين، وهذا نوع من أنواع الاستدراج السياسي الذي ينتهجه الاحتلال للفت الأنظار بعيدا عما يحدث في الداخل المحتل. 

فلا أعتقد أن حركة حماس وفصائل المقاومة قد تقع من جديد في فخ الانجرار وراء ما يسعى إليه الموساد منذ سنين طويلة لجعلها تنقل المعركة إلى الخارج بالثأر، بل يعتبر هذا خطأً إستراتيجياً يؤثر سلبياً في مستقبل القضية، وأرى أن الصواب هو وضع قضية التصفيات والاغتيالات المسؤول عنها الاحتلال بين يدي العدالة الدولية ومن ثم الشرطة الدولية (الانتربول) الجهة المختصة بالقبض على المجرمين الدوليين.

 

المصدر / فلسطين أون لاين