فلسطين أون لاين

حماس في دمشق.. رسائل جيوستراتيجية

...
محمد مصطفى شاهين

إن المتتبع لوثيقة حماس السياسية يرى أنها تؤمن أن العلاقة مع الدول نابعة من الاحترام، كما أنها تدين أي طرف يدعم الكيان الصهيوني ويغطي على جرائمه وعدوانه، ومن هذه المنطلقات فإن النقاط المشتركة ووحدة الهدف والمصير والعدو المشترك لنا وهو العدو الصهيوني، حركة حماس باتت طرفا مؤثرا في المنطقة، وتعمل لحماية البرنامج المقاوم، وإن إعادة علاقاتها مع دولة سوريا تحمل رسائل جيوستراتيجية قوية في مواجهة الكيان الصهيوني وأدواته وكل من سار في فلكه، وهو ما ساهم في قرار عودة العلاقات مع دمشق، فحماس حركة مؤسسات، وقرار العودة نابع من مؤسساتها، وهو ما يعكس فهما حقيقيا للأولويات الاستراتيجية ووعيا سياسيا لدى الحركة بعد دراسة مستفيضة لهذا القرار. إن انفتاح حماس في علاقاتها العلاقات العربية والإسلامية والدولية يأتي في إطار تحقيق حضور إقليمي ودولي أوسع، والزيارات التي قامت بها الحركة إلى روسيا وتركيا ولبنان والجزائر شاهد على ذلك.

لقد ترجمت عودة حماس إلى دمشق باستقبال الرئيس السوري بشار الأسد وفداً من الفصائل الفلسطينية ضم عضو المكتب السياسي لحماس خليل الحية، ما يمثل انطلاقة جديدة متجددة للعمل الفلسطيني السوري المشترك في مواجهة التحديات واستئناف العمل لخدمة المقاومة والشعب الفلسطيني ومواجهة البلطجة والهيمنة الأمريكية.

إن إعادة حركة حماس علاقتها مع سوريا خطوة مهمة جاءت ضمن أصول ثابتة من قلب المقاومة، وإن سوريا كانت ولا تزال من أبرز الداعمين للشعب الفلسطيني ومقاومته، فلقد وفرت البيئة الحاضنة للعمل المقاوم في عدد من الأماكن في سوريا لتطوير العتاد العسكري وتدريب المجاهدين لمواجهة الاحتلال، وفي هذا السياق نستحضر الشهيدين جمعة الطحلة ومحمد الزواري، وغيرهما الكثير من الأبطال الذين احتضنتهم الأراضي السورية. وإن هذا التطور يؤكد أن حماس في محور المقاومة، وما تحقق تمتين علاقة حماس بمكونات الأمة الإسلامية والعربية هو جزء من وعي حماس وأدبياتها، وإن الخطوط العريضة للعلاقة مع سوريا تأتي في إطار تعزيز المحور الداعم للقضية الفلسطينية (محور القدس) وأن سوريا في حالة مواجهة مستمرة مع الاحتلال، وفي ظل التغيرات الإقليمية والدولية والتضييق الذي تتعرض له الحركة في مناطق عدة من العالم.

ستبقى سوريا القلعة التي ترفض هيمنة الاحتلال في المنطقة، وتدين كل أشكال العدوان ضد الشعب الفلسطيني، ومن هنا فإن ازدهار العلاقة السورية مع حماس سيكون له انعكاسات فاعلة وقوية على العدو الصهيوني، ومن أبرز الرسائل الجيوستراتيجية أن محور المقاومة (محور القدس) على أتم الجهوزية لمواجهة أي تحركات صهيونية، ويمثل عنصر قوة في أي معارك مستقبلية.

ومن هذه الزاوية هناك تعزيز لمحور الممانعة مقابل محور التطبيع في ظل المتغيرات المتسارعة في المنطقة، أن ما قامت به إيران وحزب الله من تحرك لإعادة العلاقة بين حماس وسوريا يعكس رغبة واسعة ومقاصد حقيقية من محور القدس لفهم التحديات والواقع الجيوستراتيجي الذي يربط مكونات المحور وأهمية استمرارها في علاقات متقدمة وتحشيد القوى في مواجهة الكيان تمهيدا لمشروع العودة والتحرير.

المصدر / فلسطين أون لاين