فلسطين أون لاين

لإخلاء منزله في الشيخ جراح

عارف حماد.. يراوده المستوطنون عن بيته منذ 50 عامًا

...
صورة أرشيفية
القدس المحتلة-غزة/ هدى الدلو:

لا يزال المقدسي عارف حماد يعيش وعائلته تحت وطأة العروض المالية والمغريات الإسرائيلية لترك منزله في حي الشيخ جراح وإخلائه للمستوطنين، لتمر تلك الأيام بثقل وصعوبة على الصغار قبل الكبار.

يقول الرجل السبعيني لصحيفة "فلسطين": "منذ عام 1972 عندما بدأ الصدام والمحاكم الإسرائيلية بيننا وبين المستوطنين ونحن نعيش في ضغوط، فالأمر ليس جديدًا، فقد بدأ بإغراءات مالية لتتدحرج الأمور وتصل إلى ابتزاز نفسي واعتداءات يمارسها المستوطنون لإجبارنا على الإخلاء".

يضيف حماد: "أيًّا كان نوع الضغط أو الإغراء، فلن يجد المستوطنون أسلوبًا لطيفًا للنقاش أو المساومة، فالأمر بالنسبة لنا مُنتهٍ ولا نقاش فيه، غير أنهم لم يكلَّوا ولم يملَّوا في تجديد العروض والاستفزازات بأساليب عديدة، كان آخرها وضع نجمة دواد على باب بيتي، وكتبوا بجانبها (الموت للعرب)".

بات الأمر هاجسًا لدى عائلة حماد وغيرها من العائلات التي تقطن حي الشيخ جراح والمهددة بالإخلاء، وهي التي لجأت إلى الحي قادمة من مدينة حيفا عام النكبة التي عاشوها بفعل التهجير القسري.

يقول حماد إن والديه من مواليد حيفا وهُجّرا مع إخوته بسبب الحرب التي شنتها العصابات الصهيونية على المواطنين الفلسطينيين فعاشوا ويلاتها وذاقوا الفقر، وقدِموا إلى القدس دون أن يصطحبوا معهم أي شيء، اعتقادًا منهم بعودة قريبة كما فعل كل الفلسطينيين، فعاشوا حياة صعبة لعدم توفُّر مأوى وعمل يقتاتون عليه.

يتابع حماد حديثه: "لذلك فنحن غير مستعدين لتكرار التجربة ومعايشتها مرة ثانية، رغم أنهم يستخدمون ضدنا كل الوسائل للضغط علينا وتحطيم معنوياتنا، لكننا -والحمد لله- صامدون في بيوتنا".

من الاستيلاء إلى الاستئجار

ويعود بذاكرته ليثبت أحقيته بالبيت الذي يسكن فيه، فبعد قدوم والديه من حيفا سمعا عن مشروع ستنفذه الحكومة الأردنية في القدس -كانت تحت وصايتها- يهدف لتوطين اللاجئين في حي الشيخ جراح.

حصل والده على وحدة سكنية في الحي، وفي عام 1956 اتفقت معه الحكومة الأردنية أن يتم تسجيل البيت باسمه بعد مرور ثلاث سنوات، بشرط العمل على إيصال الكهرباء والمياه إلى المنزل وإنشاء الحدائق وبناء أسوار خاصة به، ولكن عدوان عام 1967 حال دون ذلك. 

ويبين أنه منذ عام 1972 بدأت تصل إليه إخطارات الإخلاء من جمعيتين استيطانيتين ادعتا ملكيتهما للأرض التي يُقام عليها المنزل، وطُلب منه الإخلاء بدعوى أنه سيطر عنوة على الأرض، ومن حينها بدأت المحاكم مع سلطات الاحتلال.

ويستكمل حماد: "لا يقتصر الأمر على عائلتي، وفي الثمانينيات رفعت تلك الجمعيات الاستيطانية دعاوى ضد 13 عائلة مقدسية تسكن في الحي، لتحكم المحاكم الإسرائيلية أن الأرض التي يقام عليها تلك البيوت تملكها الجمعيات وأننا مجرد مستأجرين لها، وعلى إثر ذلك تم الاستيلاء على 4 بيوت، وتقديم دعاوى على ثلاث عائلات".

ويوضح أن المستوطنين الموجودين فيه يتلقون رواتب من الجمعيات والمؤسسات الإسرائيلية بهدف التنغيص على المقدسيين، ويسمح لهم باستخدام أساليب مختلفة لذلك تصل إلى حد حمل السلاح واستخدامه ضد المقدسي.

بعد الحراك الشعبي العام الماضي اضطرت محكمة الاحتلال إلى تجميد قرارات الإخلاء، لتعود بفعل طلب استئناف من طاقم الدفاع عن المستوطنين لتقدّم اقتراحًا بأن المقدسيين مستأجرون محميون وعليهم دفع الإيجار.

معاناة مستمرة

يمضي حماد بالقول: "نعيش في معاناة لا نهاية لها، كأننا في دوامة. نخشى التهجير من بيتنا الذي يضم 18 فردًا، يمارسون ضدنا الضغوط النفسية والعروض مالية بشيكات مفتوحة وتقييد الحركة بهدف إرضاخنا، لكننا لن نقبل".

ويستذكر أن حفيدته الصغيرة رغم مرور أكثر من عام على أحداث حي الشيخ جراح والتي قادت إلى معركة سيف القدس في مايو/ أيار 2021، فإنها حتى اللحظة بمجرد أن تسمع صوت فوضى، تجلس في زاوية الغرفة وتقول "طخوا الباب" بسبب اقتحامهم البيت وإلقاء قنابل الصوت والغاز على من بداخله.

وينبّه حماد إلى أن الاحتلال يهدف من هذه السياسة تغيير ديموغرافية مدينة القدس، وسعيًا لطمس كل ما يدل على هويتها الفلسطينية.