جاء قرار حركة المقاومة الإسلامية حماس استئناف علاقاتها مع سوريا في سياق حرصها على تعزيز العمق العربي والإسلامي، ودعم مشروع المقاومة، وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده، وفق ما يقول مراقبون.
وتُوج قرار حماس باستئناف العلاقات مع سوريا، بعقد الحركة وفصائل فلسطينية أخرى، أمس، لقاءً مع الرئيس السوري بشار الأسد في العاصمة دمشق، في زيارةٍ رسمية هي الأولى لحركة حماس منذ عام 2012.
وعقب اللقاء، أكد رئيس وفد حماس، وعضو مكتبها السياسي د. خليل الحية، في مؤتمر صحفي، أن وفد الفصائل التقى بالرئيس الأسد، وكان إيجابيًا وتاريخيًا، مشيرًا إلى أنه يمثل انطلاقة جديدة للعمل الفلسطيني السوري المشترك، وإضافة جديدة لـ"محور المقاومة".
تغييرات إقليمية
يقول الكاتب والمحلل السياسي، مصطفى الصواف، إن قرار حركة حماس العودة إلى الساحة السورية اتُّخذ بإجماع قيادتها ولأسباب كثيرة، أبرزها أنها تتيح مجالا أوسع للعمل المقاوم في ظل تبني سوريا مقاومة الاحتلال.
وأشار الصواف في حديث لصحيفة "فلسطين"، إلى أن وفد حماس وصل لسوريا ضمن وفد فصائلي وليس وفدًا منفردًا، وهي خطوة جيدة لتعزيز العلاقات مع دولة تريد إعطاء القضية الفلسطينية ما تستحق.
وبين أن عودة حماس إلى سوريا تُعد أمرًا مهمًا جدًا في ظل تغيرات كبيرة تشهدها الساحة العربية والإقليمية الدولية، تؤثر في الأماكن التي توجد فيها حماس، لافتًا إلى أنها ستكون بداية لزيارة وفود حماس إلى دمشق.
من جهته رأى الكاتب والمحلل السياسي، إياد القرا، أن زيارة وفد حماس إلى سوريا وإعادة العلاقات معها، جاءا ضمن تمتين علاقة المقاومة بجميع مكونات الأمة العربية والإسلامية.
وقال القرا لصحيفة "فلسطين": إن "حركة حماس توجد في أماكن وجود الشعب الفلسطيني لكونها مكونا رئيسا من قيادة الشعب، كما أن الفصائل الفلسطينية موجودة في سوريا، وحماس جزء مهم من ذلك".
وبين أن الذي يحكم علاقة حماس مع أي جهة مدى خدمة القضية الفلسطينية، ودعمها، وسوريا كانت وما زالت من أكبر داعمي القضية الفلسطينية، والعلاقة بين حركة حماس وسوريا تاريخية، ووثيقة.
وأشار إلى أن سوريا من أكبر الداعمين للشعب الفلسطيني ومقاومته، حيث وفرت البيئة الآمنة لاحتضان المقاومة وتدريب عناصرها وقادتها والنماذج كثيرة.
وأضاف القرا أن حركة حماس لا تتدخل في الصراعات الداخلية للدول، ومعنية بعلاقة مميزة مع جميع المكونات السورية ولا يمكن أن تكون جزءا من التجاذبات الداخلية.
نضوج سياسي
من جانبه عدّ الباحث السياسي والأكاديمي، عبد الله سلامة، أن قرار حماس العودة إلى سوريا، يُمثل نضوجًا على المستوى الإستراتيجي في النظرة السياسية لبناء التحالفات، وإعادة التموضع بعد التدهور الذي شهدته القضية الفلسطينية في حُمّى التطبيع العربي مع الاحتلال.
وقال سلامة لصحيفة "فلسطين": إن قرار حماس أثبت للجميع أن الحركة ليست في جيب أحد، ولا رهنًا لإملاءات دولية، ولا كذلك تبعًا لسياسة داعمين، بل حافظت على استقلاليتها في القرار وسيادتها التي لا تقبل القسمة، وهي بعودتها إلى سوريا أيضًا تؤكد هذه الهوية.
وفي 15 سبتمبر/أيلول الماضي، أعلنت حماس مضيها في "بناء وتطوير علاقات راسخة مع الجمهورية العربية السورية، في إطار قرارها استئناف علاقتها مع سوريا الشقيقة؛ خدمةً لأمتنا وقضاياها العادلة، وفي القلب منها قضية فلسطين، ولا سيما في ظل التطورات الإقليمية والدولية المتسارعة".