أثارت زيارة رئيس حكومة رام الله محمد اشتية مخيم جنين ولقاؤه الأيقونة فتحي خازم "أبو رعد" وأهالي الشهداء الجدل في الشارع الفلسطيني، ما بين مؤيد للزيارة، ومُشكّك في أهدافها واعتبار أنّ لها أهدافًا خفية لا تصب في صالح المقاومة والصف الوطني.

وكان اشتية قد التقى أول من أمس عائلات الشهداء وقدَّم واجب العزاء، وألقى كلمة مؤيدة للمقاومة اعتُبرت خارج المألوف، خاصة أنّ حكومته ملتزمة بما تلتزمه السلطة ضمن اتفاق "أوسلو" المشؤوم، الذي ينص على ملاحقة المقاومة ورجالها، كما جاء في كلمة رئيس السلطة محمود عباس في خطابه الأخير بالأمم المتحدة الذي أكد فيه أنه لن يحمل السلاح، وأنه ملتزم بملاحقة ومحاربة "الإرهاب"، ويقصد المقاومة.

الكاتب والمحلل السياسي ياسين عز الدين اعتبر زيارة اشتية لجنين "حركة استعراضية، ومحاولةً بائسة لركوب الموجة مع تصاعد العمل المقاوم" وأنها تمَّت بموافقة ضمنية من الاحتلال الإسرائيلي الذي لا يزال يُراهن على السلطة لإعادة السيطرة على شمالي الضفة الغربية المحتلة.

وقال عز الدين لصحيفة "فلسطين" إنّ أهالي الشهداء يعلمون الحقائق جيدًا، ولا يجوز لومهم على استقباله، فهم يستقبلون جميع المُعزّين بغض النظر عن شخصياتهم.

بدوره، يرى الخبير بالشأن الفلسطيني عصمت منصور أنّ وجود اشتية في جنين خطوة أولى في الاتجاه الصحيح، متمنيًا أن تتبعها خطوات أخرى لدعم المواطنين في وجه الاحتلال وجرائمه.

أما المواطن ناصر بدارنة من جنين، فقد اعتبر زيارة اشتية بمنزلة "رفع عتب سياسي" إذ يحاول ركوب موجة المقاومة عله يُخفّف من حدة الانتقادات لحكومته التي لم تنجز لشعبها سوى الكلام، بل إنها تعتقل العشرات على خلفية سياسية أو مقاومة الاحتلال، كما يجري مع المعتقل السياسي مصعب اشتية، الذي يقبع في سجن أريحا مع العديد من المعتقلين السياسيين.

ورغم ذلك، تمنى بدارنة في حديث لـ"فلسطين" أن تكون زيارة اشتية صادقة، وأن تتخلص السلطة وحكومته من "أوسلو"، ويلتحقوا بصفوف شعبهم.

وقال: "إنّ اشتية أتى إلى بيت عزاء الشهداء، ولا يصح طرد من يقدم واجب العزاء، وكل جنين والضفة الغربية تعرف أن حكومة اشتية لن يغسل عار تنسيقها الأمني مع الاحتلال مجرد زيارة بيت عزاء والوقوف بجانب أبو رعد".

وبحسب المتابعين والخبراء بالشأن الفلسطيني، فإنّ التنسيق الأمني بين السلطة وحكومتها وأجهزة أمنها من جهة، والاحتلال من جهة أخرى، يعتبر حجر عثرة أمام جهود بناء الثقة بحركة فتح والسلطة، وإنجاز المصالحة الوطنية، وهو ما يتسبب بتراجع أسهم فتح وسلطتها في الشارع الفلسطيني بشكل كبير، وباتت في وضع حرج للغاية.