حين نُعَرّف "عرين الأسد"، فإننا نقول إنه أجمته أو مأواه، أما حين نبحث في امتداده بمعنى استأسد الرجل أي صار كالأسد جرأة وشجاعة، أما استأسد على الخصم، فقد اجترأ وأقدم على مهاجمته، واستأسد كذلك فهي أنه طال وتشعب.
ولعمرك فإن هذا ما كان وهو قائم اليوم، ماثل أمام العيان حين ندرك ونَسْبُرُ غور ما يقوم به المجاهدون في "عرين الأسود"، وهم يحملون جينات شعبهم الصابر، الصامد، المرابط في طول الأرض وعرضها.
إن ما يميز هذه الوحدات المقاتلة المباركة أنها تمتلك قدرة وخبرة وجُرأة المقاتلين وتاريخهم الحافل، وعلى المقلب الآخر فإنها تمتلك حاضنتها الشعبية الممتدة في كل أرجاء الوطن المحتل، وقد عملت بكل الجهد خلال الأشهر الطويلة المنصرمة على تثبيت أركانها عميقاً على المستوى الجماهيري، وقد تشعبت لتغطي كل الطيف الاجتماعي الفلسطيني ولا أَدَلّ على ذلك غير دعوتها للإضراب العام حداداً على أرواح شهداء نابلس وجنين وكل شهداء فلسطين الأسبوع الماضي لنجد استجابة جلية شاملة من كل الجماهير الفلسطينية شمال ووسط وجنوب ضفة العياش وقد غطت قدس الأقداس أيضاً وكان لهذا وقعه الصادم على التحالف الصهيوني العباسي وقد دفعهم لحالة من الإحباط أضافت لرصيدهم المتخم بالقنوط والخيبات أمام هبة الشعب العظيم.
من جهتها قالت القناة 13 العبرية السبت الماضي إن مجموعة "عرين الأسود" في نابلس، أصبحت ذات تأثير كبير.
وترى القناة العبرية إن المجموعة المسلحة في نابلس، لم تنجح فقط في القيام بعمليات عسكرية مستمرة ومؤثرة وقاتلة، بل وتمتلك من النفوذ والتحريض ما سيدفع جميع المناطق نحو المقاومة في كامل الضفة وحتى في القدس نفسها.
وتضيف القناة 13 العبرية، أن مجموعة "عرين الأسود" تحولت وفي أقل من عام من منظمة ثانوية، تكاد لا تُذكر إلى منظمة مؤثرة على الأرض.
وتؤكد وسائل الإعلام العبرية بل وتعترف بأن مجموعة "عرين الأسود" نجحت في اختراق منظومة العدو الأمنية حين أماطت اللثام مساء الجمعة الماضية عن مخطط صهيوني كان يهدف لمحاصرة عدد من نشطاء المجموعة واغتيالهم وقد تأكدوا حين تابعوا من كثب تقدم أكثر من 40 آلية للقوات الخاصة الصهيونية برفقة عناصر من المستعربين بحصار مداخل اعتقد العدو أن مقاتلين من عناصر "العرين" سينطلقون منها.
لقد تنفس فجر نابلس الأغر في منطقة "التعاون" على جبل جرزيم الذي يتكئ نصف مدينة جبل النار على كتفه، أما على جبل عيبال فيستريح نصفها الآخر، وكان الاشتباك قد بدأ قرابة الثالثة بعد منتصف ليل كان ساكناً منذ قليل، أما هدف البطل سائد الكوني ورفاقه من وحدات "عرين الأسود" فقد كان جنود العدو ومستوطنوه، وكان لهم ما أرادوه.
تستفيق مدينة نابلس وهكذا كل مدن وقرى ومخيمات الوطن المحتل على عمليات وبيان "العرين"، اشتباكات عديدة تستهدف الجيش الفاشي وعصابات المستوطنين كان من بينها مستوطنة "براخا" جنوب نابلس وزخات الرصاص التي أمطرت ثكنات جيش العدو والبيوت المنهوبة لسوائب مستوطنيه.
رجال ينتشرون في أحياء المدينة ومحافظتها، وفي جنينغراد والقدس وبيت لحم وكل التجمعات، يرفعون شعارهم الخالد، تحرير فلسطين، كل فلسطين، ويأخذون على عاتقهم السير على طريق الجهاد ومقاومة الاحتلال طريقاً وهو الأقصر والأقل كلفة نحو وطن يستحق كل التضحيات.
و"العرين" له قواعده العسكرية الفعالة أيضاً في "عش الدبابير" مخيم جنين كما يسميه جيش العدو الذي ذاق منه الويلات، وسجّلَ استشهاد عديد الشهداء الأماجد ليدشن هذا المنعطف التاريخي الذي يستمر فصولاً حتى الغد الواعد والمعمد بدماء شهداء "العرين" الأبرار ومن بينهم البطل قيس شجاعية والمعتقل السياسي مصعب اشتية لدى مُعاوني الاحتلال في "مسلخ أريحا" والمئات من المعتقلين السياسيين.
بركان الغضب ولهيب الثورة العارمة يمتد نحو الخليل ومعه "عرين الأسود" لأيقونة الانتفاضة وخزانها البشري وفعلها اللافت على مدار التاريخ الوطني الفلسطيني الحديث.
سلطة المتخابرين بدأت منذ زمن بمطاردة خلايا "العرين" وقامت باعتقال من تشك بعلاقتهم برجال تلك الوحدات.
أجهزة العدو الأمنية ومستعربيه وقادة جيشه يعلنون حرباً على "عرين الأسود" بل ويحرضون عليه ويلاحقونه، في الوقت الذي يُعلن فيه أحد الأسود الملثمين وقد ظهر وهو يتلو بيان الانطلاق في مهرجان حاشد عند شارع حطين وسط مدينة نابلس حين ظهر مقاومو "العرين" بكامل عدتهم وعتادهم وقامات مرفوعة الجبين في منظمة تهتز لِخَطْوهم الأرض التي من أجلها أكد بيانهم أن غطرسة العدو بقتل وسفك دماء أبناء الشعب الفلسطيني تفرض عليهم كمقاومين "معارك متجددة"، لا يقرأ الاحتلال شكلها ولن يفهم طبيعتها، وهي قادرة كل يوم على تقديم إبداعاتها في وجه العدو وعلى السير قُدُماً للتصدي للاحتلال ومن يساندهم من العملاء. وتؤكد وحدات "العرين" وحدة الدم والمصير والبندقية حتى إنجاز الظفر التام.
ولم يَفُت "عرين الأسود" ما أقدمت عليه الأجهزة الأمنية من فعل أحمق باعتقال "المطارد الأخطر"، والمطلوب رقم 1 للاحتلال مصعب اشتية.
مهرجان الانطلاقة كان حاشداً بالآلاف وحِصْنٌ شعبيٌ يحمي ويبارك "العرين" ويَمدهُ بكل أسباب القوة والعزم، نهجهم المقاومة، وبوصلة نحو القدس، وزحف هادر رغم كل القيود، نابلس وجنين و "قصة مدينتين" وحبل سرّي يجمع أشتات الوطن تحت راية "لا إله إلا الله"، إنهم فرسان "العرين"، ظاهرة جماهيرية، وسلامة خطى لا تخطئها العين تتقدم ثابتةً ودوماً نحو المستقبل.