حذر مركز حقوقي من أن إقصاء آلاف الموظفين العموميين، ومن بينهم آلاف العاملين في وزارتي الصحة والتعليم دون الاستناد إلى أية مسوغات قانونية ينذر بانهيار القطاعين ويهدد بتوقف تقديم الخدمات التعليمية والصحية لأكثر من مليوني فلسطيني هم سكان قطاع غزة.
وقال المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في بيان له بهذا الخصوص إنه ينظر بقلق بالغ لقرارات السلطة في مقاطعة رام الله بحق سكان قطاع غزة، والتي باتت تمس حياتهم المعيشية بشكل مباشر، وتهدر حقوقهم الأساسية بشكل جدي.
ووفقًا لمتابعة المركز، أصدرت حكومة الحمد الله بتاريخ 4 يوليو 2017، قرارًا بإحالة 6145 من موظفي قطاع غزة إلى التقاعد المبكر، من بينهم آلاف العاملين في قطاعي الصحة والتعليم.
هذا القرار عدا عن كونه غير إنساني وغير قانوني ويتعارض مع العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وأنه يفاقم الأوضاع الإنسانية المتردية في قطاع غزة، ويهدد بتوقف الخدمات بتوقف تقديم الخدمات الأساسية لأكثر من 2 مليون مواطن في قطاع غزة.
وأفاد أشرف القدرة الناطق باسم وزارة الصحة في غزة، لباحث المركز أن 3,679 موظفًا من العاملين في الوزارة في غزة يتلقون رواتبهم من حكومة رام الله، وبالتالي فهم مرشحون للتقاعد.
ومن ضمن هؤلاء 942 طبيبًا من الاستشاريين والأخصائيين (26%)، و876 ممرضًا (24%)، 221 من موظفي أقسام الصيدلة، 96 موظفًا يعملون في قسم الأشعة، 55 من موظفي أقسام العلاج الطبيعي، 99 من العاملين في الحرف الهندسية والصيانة، 67 من العاملين في المواقع الإشرافية، و22 مهندسًا في المجالات المختلفة.
وأضاف القدرة أن إحالة هؤلاء خاصة الأطباء الاستشاريين والأخصائيين يهدد بتوقف العمل خاصة في المستشفيات التي تختص في معالجة الأمراض الخطيرة، مثل علاج الأورام والقلب والدم والكلى والنساء والولادة، وحضانات الأطفال، وهو ما يعني انهيار خطير في الخدمات الطبية في قطاع غزة.
من جهته، أفاد معتصم الميناوي مدير دائرة العلاقات العامة والدولية بوزارة التربية والتعليم بغزة، لباحث المركز أن نحو 5 آلاف موظف في الوزارة يتلقون رواتبهم من حكومة رام الله مهددون بالإحالة إلى التقاعد، ومن شأن تطبيق هذا القرار إحداث تدهور كبير في الخدمات التعليمية المقدمة لسكان القطاع، لا سيما أن هؤلاء الموظفين من أصحاب الخبرات في قطاع التربية والتعليم.
وأشار المركز إلى أن القرار المذكور جاء في إطار سلسلة من الإجراءات التي قامت بها السلطة بحق سكان القطاع، بدأت باستقطاع ثلث رواتب الموظفين الحكوميين بذريعة سياسة التقشف التي تتبعها السلطة الفلسطينية، وتقليص عدد التحويلات الطبية لمرضى قطاع غزة، وتقليص توريد إرسالات الأدوية والمهمات والمُستهلكات الطبية، وقطع مخصصات 277 من الأسرى المحررين.
وعليه دعا المركز عباس وحكومة الحمد الله إلى التراجع الفوري عن الإجراءات العقابية بحق سكان قطاع، لا سيما أن هذه الاجراءات لا تهدد حياة المواطنين فحسب بل تعاقبهم، ولا تعتبر الخيار السليم المُدَّعى لإنهاء الانقسام، والضغط على حماس.
وحث المركز الفلسطيني أطراف الصراع الداخلي على الشروع فورًا بتنفيذ اتفاق المصالحة بالكامل "اتفاق الشاطئ الموقع في أبريل 2014، وأن تقوم حكومة رام الله بتحمل مسؤولياتها بالكامل والقيام بمهامها لتلبية احتياجات المواطنين ومعالجة الأوضاع في قطاع غزة.
وحذرت منظمة الصحة العالمية بأن السلطة الفلسطينية خفضت بشكل كبير الدعم المالي الذي تقدمه للشعب الفلسطيني في قطاع غزة المحاصر.
وأضافت المنظمة، في بيان لها، أن عدد الموافقات للخروج بقصد العلاج خارج قطاع غزة منذ شهر حزيران/يونيو الماضي، تراجع بنسبة 80% مقارنة بالمعدل الشهري في عام 2016، حيث حصل 477 فلسطينيًا فقط على موافقة مالية للسفر لتلقي العلاج خلال الشهر، مقارنة بـ1883 شخصًا حصلوا عليها في حزيران/يونيو العام الماضي.
بدوره دان المسؤول في وزارة الصحة بغزة مدحت محيسن ما وصفه بـ”الإجراءات العقابية”، ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عنه القول: “نحن بحاجة لأن تقوم المنظمات الدولية بالضغط على السلطة لوقف الإجراءات العقابية ضد غزة”.
وكانت الأمم المتحدة حذرت الشهر الماضي من أن قطاع غزة قد يكون بالفعل أصبح “غير صالح للحياة” تحت وطأة الحصار المفروض عليه.
وقال منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية روبرت بايبر في فلسطين المحتلة في حينه، أن “السلطة الفلسطينية اتخذت بعض الإجراءات التي أدت على الأقل إلى إبطاء فرص الحصول على خدمات صحية مناسبة (…) هذا النوع من الإجراءات غير مقبول”.
وهكذا يواصل محمود عباس أداء دوره الوظيفي وتقاسم المهام مع قوات الاحتلال لوضع قطاع غزة على شفير الهاوية، في الوقت الذي تحاول فيه قوى المقاومة عملها الدؤوب لمواجهة كوارث عباس المنهجية المنظمة ضد شعب المقاومة والصمود في القطاع الباسل والعمل على إنجاز المصالحة المجتمعية وفتح الآفاق لوحدة وطنية شعبية راسخة تمتد آثارها الإيجابية إلى كل الوطن الفلسطيني المحتل. وفد القوى والفصائل الذي يغادر إلى القاهرة يحمل أجندة وطنية ستنعكس على الجميع على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والصحية وستكون فاتحة خير لفك حصار استطال.