كشفت صحيفة "الحياة اللندنية" في السادس من الشهر الجاري وجود مبادرة مصرية لإنهاء الانقسام الفلسطيني، وافقت عليها حركة حماس، ووافق عليها الرئيس محمود عباس خلال وجود الطرفين في القاهرة، لكنه سرعان ما انقلب عليها بمجرد عودته إلى رام الله.
وبحسب ما ورد بـ"الحياة" وغيرها إن المبادرة المصرية تستند إلى 6 بنود، هي: حل اللجنة الإدارية الحكومية في غزة، وإلغاء كل إجراءات عباس وقراراته العقابية ضد غزة وحماس دون استثناء، وتمكين حكومة التوافق من عملها في غزة، وحل مشكلة موظفي غزة ودمجهم في الجهاز الحكومي، والتوافق على موعد انتخابات رئاسية وتشريعية ووطنية، ودعوة القاهرة كل الأطراف الفلسطينية إلى حوار شامل للبحث في سبل إنهاء الانقسام نهائيًّا.
ويبدو أن القاهرة تركت الباب مواربًا في تحديد ترتيب البنود والأولويات للحديث فيها خلال اجتماعات الفصائل في القاهرة، بعد إبداء موافقتهم الرسمية على المبادرة، بيد أن الواقع السياسي يفرض أهمية وضرورة التزامن في بعض الخطوات.
من الواضح أن الرئيس عباس لم يستطع رفض المبادرة المصرية إبان وجوده في القاهرة، للكثير من الاعتبارات، غير أنه كرر أسلوبه المعتاد في التعامل مع الطروحات المصرية إذ تجاهل العرض المصري بعد وصوله إلى رام الله، وأعلن ما يمكن وصفه بشروط إذعان حماس، وضمنها بعض بنود المبادرة المصرية، وبعد انكشاف أمر المبادرة أطلق العنان للسيد عزام الأحمد كي ينفي وجود مبادرة أصلًا.
قوبل نفي فتح بتأكيد من حماس لوجود المبادرة وموافقتها عليها وأنها بانتظار رد فتح، وما عزز موقف حماس هو حديث العديد من وسائل الإعلام المصرية عن المبادرة وردود الفعل بشأنها، وبعد أيام ردت حماس على نفي الأحمد بطرح مبادرة جديدة على لسان القيادي صلاح البردويل، شملت أيضًا بنودًا تضمنتها المبادرة المصرية.
ويبدو أن القاهرة غاضبة من نهج أبي مازن في إجراءاته العقابية بحق سكان غزة، وطريقة تعاطيه مع المبادرات التي تطرحها لتحقيق المصالحة الفلسطينية؛ فقد سبق أن أدار عباس ظهره لخريطة طريق طرحتها الرباعية العربية للمصالحة الفتحاوية، ثم المصالحة الفلسطينية في سبتمبر 2016م، في حين يقرأ عباس الخطوات التي تتخذها القاهرة من مبادرات سياسية وإجراءات للتخفيف من الأزمات الإنسانية التي يصنعها لغزة أنها تصب في مصلحتي خصميه حماس ودحلان.
خطوات عباس تشير إلى قلقه من السياسة المصرية، وهو يعتقد أن القاهرة تسير في الاتجاه المضاد له، وبحسب ما ذكر مقربون منه قد أبدى تحفظًا بشأن التفاهمات المصرية مع حماس، واعتراضات على التسهيلات التي تقدم لسكان غزة المحاصرين، ودعم تسويات ضحايا أحداث الانقسام ما عرف بالمصالحة المجتمعية.
المؤشرات الجديدة تظهر أن القاهرة ترفض موقف عباس، وها هي تحتضن مجددًا لقاءات للجنة الوطنية الإسلامية للتكافل الاجتماعي، وتدعم بقوة خطوات المصالحة المجتمعية، ما يؤدي إلى التقريب بين الفرقاء الفلسطينيين، ما سينعكس إيجابًا على المواطن الغزي، إذ يتوقع فتح معبر رفح بصورة منتظمة أو شبه منتظمة مطلع الشهر المقبل.
ولأن الوقت من دم وأرواح سكان غزة المظلومين أتمنى أن ترعى القيادة المصرية حوارًا للكل الفلسطيني بشأن تشكيل حكومة وحدة وطنية بأقصى سرعة بعيدًا عن الإعلام، تنال ثقة المجلس التشريعي، وهو ما يعني فورًا حل اللجنة الحكومية في غزة وانتهاء دورها، وكذلك رحيل حكومة الحمد الله، وإلغاء كل إجراءات عباس العقابية، ثم تبادر الحكومة الجديدة بعمليات تنظيم واستيعاب الموظفين كافة بطريقة عادلة، وتصحح مسار العمل الإداري الحكومي، وتعيد هيكلة أجهزة الحكومة خلال 6 أشهر، وخلال هذه المدة يعقد الإطار القيادي المؤقت للتوافق على مواعيد انتخابات عامة تنفيذًا لتفاهمات بيروت.