أكد مسؤولون واقتصاديون أن حقل غاز "غزة مارين" مورد فلسطيني مهم للاقتصاد الوطني الهش، وأن أي تفاهم حول تطويره أو البيع منه للغير، يتطلب إجماعًا وطنيًّا، بما يحقق المصلحة العامة، محذرين من أي تفاهمات جانبية تجريها السلطة الفلسطينية في مسعى منها للهيمنة على عائدت الغاز المالية، في الوقت الذي تعطي فيه ظهرها لقطاع غزة منذ سنوات عديدة.
ويُقدر الاحتياطي في الحقل بـ 1.1 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، أي 32 مليار متر مكعب، يعادل طاقة إنتاجية 1.5 مليار متر مكعب سنويا لمدة 20 سنة.
ويؤكد رئيس سلطة الطاقة والموارد الطبيعية السابق، كنعان عبيد أن الغاز المكتشف قبالة قطاع غزة، هو حق لكل الفلسطينيين، وبناءً عليه فإن من يفاوض لتطوير هذا الغاز لا بد أن يكون مؤتمنًا على هذا المورد.
وبين عبيد لصحيفة "فلسطين" أن السلطة الفلسطينية تتعامل بازدواجية بين الضفة الغربية وقطاع غزة، إذ إنها تفرض على القطاع إجراءات عقابية اقتصادية منذ سنوات عدة واليوم تفاوض على تطوير وبيع الغاز.
وأضاف عبيد:" لذلك نؤكد أن المفاوض حول موضوع الغاز يجب أن يأخذ بعين الاعتبار أن الغاز للجميع، ولا يمكن بأي حال أن تستفرد به السلطة الفلسطينية وبعض المتنفذين فيها، وحرمان قطاع غزة من حقه، والذي يشهد أوضاعاً اقتصادية جداً صعبة".
اقرأ أيضا: ملف غاز غزة يطفو على السطح بعد تشكيل ائتلاف جديد
ويرى أنه من دون حصول الشعب الفلسطيني على حقه في الغاز، فإنه "من المؤكد أن تكون منصات استخراج الغاز في مرمى صواريخ المقاومة الفلسطينية، واعتقد أن الشركات المطورة تدرك ذلك جيدا وتطلب ضمانات بعدم المساس بأنشطتها".
ونبه عبيد إلى أن تاريخ السلطة في إبرام الاتفاقيات خاصة مع الاحتلال تظهر أن السلطة الحلقة الأضعف في أي اتفاق، وتقبل بأقل الحلول، وهذا يعني أن أي اتفاق له علاقة بالغاز يجب أن يتم مشاورته مع أهل الاختصاص من الفنيين والاقتصاديين والشركات ذات العلاقة.
كما دعا عبيد إلى ضرورة الرقابة على حقل الغاز في أثناء عملية الاستخراج حتى لا يحدث اختلاس، وذلك بوضع عدادات على حقل الغاز الفلسطيني.
وينظر إلى حقل الغاز على أنه مورد طبيعي مهم لتشغيل محطة التوليد الوحيدة بغزة ومحطة توليد في جنين.
ويبلغ متوسط استهلاك فلسطين من الطاقة الكهربائية سنويا، نحو 1.8 ألف ميغاواط، منها قرابة 600 ميغاواط لقطاع غزة.
وتعتمد فلسطين على دولة الاحتلال حاليا، للحصول على قرابة 92% من الطاقة الكهربائية، والنسبة المتبقية من الأردن ومصادر الطاقة الشمسية.
"سوق جديد للغاز"
ويُفسر الاختصاصي الاقتصادي د. نصر عبد الكريم، ما يصفه "التحول" في الموقف الإسرائيلي تجاه حقل غاز غزة على أنه يرمي لفرض (تل أبيب) نفسها على أنها مصدرة للغاز في منطقة الشرق الأوسط ورغبة منها في عدم حدوث تصعيد مع قطاع غزة.
وقال عبد الكريم لصحيفة "فلسطين":" إن الاحتلال الإسرائيلي كان في سنوات سابقة يضع عراقيل أمام استخراج غاز غزة، وبسبب معوقاته خرجت شركات من الاتفاقات السابقة".
وأضاف:" أما اليوم فإنه يبدي موافقة مبدئية على إخراج غاز غزة، وهذا تفسيره أن المتغيرات الدولية دفعت بدولة الاحتلال لأن تغير موقفها، حيث إن الغرب يتجه للشرق الأوسط للحصول على الغاز عوضاً عن السوقين الروسي والأوكراني، والاحتلال يظهر أنه سوق جديد للغاز".
ويرى عبد الكريم أنه حال استثمار الغاز الموجود قبالة قطاع غزة بالشكل المأمول فإن عائداته جيدة للخزينة الفلسطينية العامة، ويساهم في تغطية عجز المانحين الذين باتوا ينشغلون أكثر بأنفسهم.
ويتجه صندوق الاستثمار الفلسطيني للتوصل إلى اتفاق فني مع الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس" يقضي بتطوير حقل "غزة مارين"، وفق مصادر إعلامية.
ومن المرجح أن يوقع الجانبان خلال الربع الأخير 2022، على الاتفاق الفني الذي يحدد توزيع الحصص على الشركاء وكيفية تسويق الغاز.
ويملك صندوق الاستثمار الفلسطيني حصة تبلغ 27.5 بالمئة من الحقل، وشركة اتحاد المقاولين "CCC" نفس الحصة، بينما الحصة المتبقية البالغة 45 بالمئة ستكون للشركة المشغلة.
وفي فبراير/شباط 2021، وقع الصندوق و "CCC" و "إيجاس"، اتفاقية للتعاون بمساعي تطوير حقل غاز غزة والبنية التحتية اللازمة، لتوفير احتياجات فلسطين من الغاز الطبيعي.
وحسب ما صرح في وسائل الإعلام "بعد الانتهاء من توقيع اتفاقية الإطار الفنية، تبدأ إيجاس الخطوات العملية لتطوير الحقل، تمهيدا لاستخراج الغاز بالكميات التجارية بعد 30 شهرا من توقيع الاتفاقية".
تجدر الإشارة إلى أنه تحول البحث عن الغاز الطبيعي، إلى أولوية قصوى لغالبية دول الاتحاد الأوروبي الباحثة عن مصادر للطاقة، لتكون بديلة عن الغاز الروسي المعاقب، في حين أن فصائل العمل الوطني والإسلامي في قطاع غزة نظمت في 13 من الشهر الماضي فعالية شعبية بحرية لكسر الحصار عن القطاع، وأكدت الحق الفلسطيني في الغاز.