فلسطين أون لاين

​ملف غاز غزة يطفو على السطح بعد تشكيل ائتلاف جديد

...
غزة - رامي رمانة

بعد شهر من مصادقة حكومة الحمد الله على تخارج شركة «رويال داتش شل» العالمية للنفط والطاقة من ائتلاف الشركات المطورة لحقل مارين غزة (1) الواقع على بعد 36 كيلو متر غرب القطاع في مياه البحر المتوسط، أعلن حديثاً عن تشكيل ائتلاف بترتيبات جديدة: يضم صندوق الاستثمار الفلسطيني الذي رفع نسبته من 17.5 %إلى 27.5% وشركة CCC 27.5 %، والنسبة المتبقية لشركة عالمية مطورة مجهولة الهوية.

هذا التخارج لشركة متعددة الجنسيات دون الإفصاح عن قيمة الأموال المدفوعة لها ، وأسباب رفع الصندوق السيادي لحصته، وعدم اظهار حكومة الاحتلال موقفها من التكتل الجديد، والتلكؤ في تنفيذ تفاهمات المصالحة بين الضفة، و غزة" الحاضنة للحقل" وانعكاسه على الصفقة الجديدة، نقاط هامة بحاجة إلى إجابة.

واكُتشف حقلا غاز مارينا (1) ومارينا(2) نهاية تسعينات القرن الماضي، وتقدر كمية الغاز الطبيعي في حقل مارينا (1) الذي يقع في الأراضي الفلسطينية 28 مليار متر مكعب، في حين تبلغ كميته 5 مليارات متر مكعب في حقل مارينا (2) والذي يقع ضمن المنطقة الحدودية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1948 وبالتالي هو حقل مشترك”. ويتميز غاز الحقلين بنقائمها.

وتم وضع جزء من البنية التحتية لحقل مارينا (1) عام 2000 من قبل شركة «بريتيش غاز» البريطانية، وتمنع سلطات الاحتلال منذ ذلك العام أي أعمال تطوير للحقل.

وكانت شركة "شل" قد طلبت العام الماضي من الحكومة، التخارج من الحقل بعد نحو العامين على شراء حصة "بريتيش غاز" من الحقل، بسبب عدم وجود أفق لتطويره وصعوبة الوصول لتفاهمات بين السلطة والاحتلال على استغلاله.

وكشف رئيس سلطة الطاقة والموارد الطبيعية ظافر ملحم، لصحيفة فلسطين" أن عقد الاتفاق الذي أبرم بين الحكومة وشركة شل بشأن تخارجها، يشترط أن تسترد الأموال التي دفعتها, أي حصتها( 45%) بعد البدء بعملية استخراج الغاز من شواطئ قطاع غزة.

وأضاف ملحم أن الحكومة تواصل في الوقت الراهن البحث مع عدة شركات مطورة للإحلال مكان شركة "شل" في الترتيب الجديد، دون أن يبين إن كانت النسبة ستكون ذاتها 45% أم تزيد أو تقل.

وأشار أيضاً إلى تفاهمات تجري مع الاحتلال الإسرائيلي لتمكين الائتلاف من استخراج الغاز في قطاع غزة دون أن يتبين إلى أين وصلت مجرياتها.

وشدد في الوقت نفسه على أن تنفيذ اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس من أهم النقاط المساهمة في إنجاح استخراج الغاز خاصة وأنه يوجد في بحر غزة.

ونوه رئيس سلطة الطاقة والموارد الطبيعية إلى أن مباحثات الحكومة مع شركة يونانية مطورة -أفصح عنها العام الماضي لصحيفة فلسطين- لم تفضي إلى اتفاق ذلك أن الحكومة تشترط على الشركة الراغبة في الدخول في الائتلاف الإسراع في إخراج الغاز لأهميته.

واعتبر المختص في الشأن الاقتصادي د. سمير الدقران أن نصيب صندوق الاستثمار الفلسطيني في الترتيبات الجديدة قليل جداً، وأن النسبة ينبغي ألا تقل عن 60%.

وقال لصحيفة "فلسطين": إن المعايير المحاسبية المتعارف عليها لدى شركات تنقيب واستخراج البترول، لا تتعدى نسبتها من قيمة إنتاج أي بئر 40% في بادئ الأمر كي تسترجع الأموال التي صرفتها في الحفر والتنقيب، ثم بعد ذلك تـأخذ 10% ربحا دائما، لكن الملاحظ أن نسبة الحكومة الفلسطينية أقل من الشركة المطورة".

ويؤكد المختص الدقران على أن حقل غاز مارينا (1) ، يعد ثروة طبيعية لسد احتياجات السكان الفلسطينيين من الغاز في الأغراض المنزلية، و الصناعة، وتشغيل محطات توليد الكهرباء، فضلاً عن كونه مصدرا هاما لتوريد الأموال لخزينة الحكومة من تصدير الفائض.

وينظر إلى الغاز منذ فترة طويلة على أنه فرصة ذهبية أمام السلطة الفلسطينية التي تعاني شحا في السيولة المالية للانضمام إلى المستفيدين من طفرة الغاز في البحر المتوسط، وهو ما يوفر لها مصدرا رئيسيا للدخل لتقليص اعتمادها على المساعدات الأجنبية.

وكانت دراسات أجرتها السلطة حول حقلي الغاز بينت أن الواقع في المناطق الفلسطينية يوفر نحو 2 مليار دولار كإيراد لخزينتها في العام الواحد.

وأشار الدقران إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يواصل دون رقيب أو حسيب، سحب الغاز الطبيعي من حقل مارينا( 2) .

وينظر المختص في الشأن الاقتصادي د.عبد الكريم للفائدة الفلسطينية في عقد الاتفاق بنظرة أكبر مما يتطلع إليها نظيره الدقران، ذلك أن (CCC) هي شركة وطنية، يشكل وجودها بجانب صندوق الاستثمار حصة فلسطينية 55%.

واعتبر عبد الكريم لصحيفة "فلسطين" دخول صندوق الاستثمار في الصفقة ايجابيا، لأنه صندوق سيادي، يأخذ دوره في تنفيذ مشاريع استراتيجية تنموية ذات مخاطر عالية بعد أن كان في السابق ينافس على المشاريع الصغيرة.

وتساءل المختص عن المبلغ الذي سيدفع لشركة "شل" مقابل تخارجها من حقل مارينا؟! مبيناً أن البيانات الحكومية المتطرقة لموضوع الغاز وأحاديث المسؤولين حولها لم تأت على ذكر ذلك.

ولا يستبعد المختص عراقيل إسرائيلية أمام المتعاقدين لإخراج الغاز الفلسطيني، وتأثره أيضاً بالانقسام.

وقال:" إذا افترضنا شروع صندوق الاستثمار والشركات المتعاقدة معه في استخراج الغاز الغزي، فهل سينقل للمحافظات الفلسطينية عبر صهاريج أم شبكة خطوط الغاز الإسرائيلية، أم بناء شبكة جديدة؟! وما هو موقف المحتل من ذلك لاسيما وأن تل أبيب أصبحت منتجا منافسا رئيسيا للغاز في منطقة الشرق الأوسط، ولديها تعاقدات مع دول عربية وغربية بعد أن كانت تستورد الغاز.

ويرى المختص أن قبول صندوق الاستثمار بنسبة 27.5% قد يرجع لتخوفه من قيود مالية وتشغيلية ودرجة مخاطرة عالية خاصة إذا واجهت عملية اخراج الغاز معارضة اسرائيلية واصطدمت بفشل المصالحة.

وقال: إن شركة شل العالمية لها وزن كبير على مستوى بريطانيا والعالم، لم تستطع أن تضع منصات حفر بسبب العراقيل الإسرائيلية، ولا ندرك إن كان تخارجها مناطا بعدم جدوى مشروع الغاز أساساً من منظارها أم لاعتبارات أخرى ".