رغم نفي الدكتور صلاح البردويل، عضو المكتب السياسي لحركة حماس ما نشرته وكالة الأناضول عن خطة كتائب القسام لمواجهة الأوضاع غير الإنسانية في قطاع غزة، إلا أن قناة الميادين قد نسبت إلى مصدر خاص في قيادة حماس صحة ما نقلته وكالة الأناضول بشأن اقتراح القسام لإدارة قطاع غزة. وقال المصدر: إن "الخطة التي قدمتها القسّام من أجل مواجهة الأوضاع اللاإنسانية في القطاع تتلخص في إحداث حالة فراغ سياسي وأمني بغزة، قد يفتح الباب على مصراعيه على كل الاحتمالات بما في ذلك حدوث مواجهة عسكرية مع الاحتلال".
لقد أشغل هذا الخبر الرأي العام الفلسطيني، ولا سيما في قطاع غزة، وأشغل وسائل الإعلام الإسرائيلية، التي وصفت الخطوة بـ"غير المسبوقة والدراماتيكية"، معتبرة أنها "تنذر بإحداث "فلتان أمني" في القطاع، قد ينفجر بمواجهة مع إسرائيل" مشيرة إلى "أن المقترح يعتبر ورقة ضغط على جهات إقليمية وعربية لن تسمح بهذه المواجهة".
ورغم بلاغة الخبر القتالية، إلا أن المدقق في المضمون يكتشف أن كتائب القسام لن تخلي الميدان، ولن تتخلى عن مسؤولياتها، ولن تترك الساحة الأمنية لعبث العابثين، وفحوى الخبر لا يتحدث عن تمرد لكتائب القسام على القيادة السياسية، ولا يحكي عن اختلاف في الرأي والمواقف، من يدقق في مضمون الخبر يكتشف أن كتائب القسام قد اقترحت التالي:
1ـ تكليف الشرطة المدنية بمواصلة تقديم خدماتها للجمهور.
2ـ مواصلة بعض المؤسسات المحلية بتسيير الشؤون الخدمية.
3ـ مواصلة الأجهزة الأمنية في داخلية غزة بمتابعة الأمور الميدانية المدنية.
4ـ مواصلة الكتائب والأجنحة العسكرية التابعة للفصائل بالملف الأمني الميداني.
فماذا تبقى بعد كل ذلك من عمل في غزة لن تقوم به مؤسسات حركة حماس؟ وعن ماذا تخلت كتائب القسام، طالما أن الشرطة المدنية ستواصل عملها، وستقوم بواجبها في حفظ الأمن، وكذلك هي الأجهزة الأمنية التي ستواصل عملها، حيث لا تسمح كتائب القسام بالعبث الأمني، وهذا ينطبق على بقية وبقية المؤسسات الأهلية والمدنية والتي ستواصل تقديم خدماتها للجمهور؟
أزعم أن تسريب كتائب القسام لهذا الخبر من خلال وكالة الأناضول، ومن ثم قناة الميادين كان يهدف إلى وضع الجميع أمام مسؤولياتهم، ولا سيما تلك التنظيمات الفلسطينية التي تقف موقف المتفرج من مشاكل غزة وقضاياها، وتكتفي بالنقد وتحميل المسؤولية، وأزعم أن الخبر أوصل رسالة سياسية واضحة المعالم إلى القيادات الفلسطينية والعربية قبل للإسرائيليين، بأن بقاء هذا الحال على حاله من المحال، وأن أسباب الانفجار قائمة.
إن المقاومة التي سهرت وتعبت وأعدت وضحت وأنجزت، لن تتخلى عن جهد السنين، وعن أمل الفلسطينيين، وأن الذي اكتشف قدرات شعبه في المواجهة لن يخذله في لحظة حصار، فحركة حماس لن تتخلى عن مشروعها المقاوم للاحتلال، ولن تطعن ظهر تجربتها الإبداعية في القتال، ولن تترك الأمن في غزة على غارب المنفلتين، ولن تخذل تطلعات الشعب الفلسطيني الذي وثق بنفسه وبقدراته القتالية، فراح يتفاخر في كل مناسبة بالمقاومة، ويستعد لأسوأ الاحتمالات.