كشف عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، زكريا أبو معمر، عن إشراف الشهيد القائد جمعة الطحلة، على تأسيس وتشكيل وهيكلة وحدة الحرب الالكترونية، المعروفة باسم سلاح السايبر، لدى كتائب القسام.
وقال أبو معمر في حفل تكريم للشهيد الطحلة نظّمته كتائب القسام، اليوم الخميس، في مدينة غزة، إنّ الشهيد قاد بنفسه مع ثلة من الأبطال المجهولين هجمات سيبرانية عديدة، استهدفت منظومات الاحتلال الإسرائيلي الحيوية، وواصل التقدم والإبداع في تشكيل هذه الوحدة.
ونوه إلى أنّ الشهيد ذهب إلى أبعد من ذلك في تشكيل جيش القدس الإلكتروني، الذي أتاح المجال أمام طاقات الأمة الفاعلة لتشارك في مقاومة هذا الاحتلال المجرم، الذي أنّ ويئنُّ تحت ضربات هذا السلاح الذي كانت انطلاقته في مثل هذه الأيام، في شهر أكتوبر من العام 2014، أي بعد انتهاء معركة العصف المأكول بأسابيع قليلة.
وأردف: "بفضل الله تعالى ثم بجهدك وإصرارك أنت وفريقك المقدام أيها الشهيد الحيّ فينا، وبعد هجمات الكترونية تجريبية عديدة، كان الهجوم الالكتروني الأكبر في تاريخ 4-5-2019 أثناء جولة قتال بين المقاومة والاحتلال، هذا الهجوم الالكتروني الذي طال 30.000 ألف هدف للعدو، غالبيتها منشآت أمنية وعسكرية".
وكشف عضو المكتب السياسي عن تمكن الشهيد وفريقه ووحدته المقاتلة، من الولوج إلى قلب نظام صفارات الإنذار لدى العدو، والسيطرة عليه، والتحكم به خلال فترة هجمات، حيث أربك ملايين الصهاينة، وضربت منظومة تُعد من أهم ركائز السيطرة للعدو في جبهته الداخلية.
وذكر أبو معمر أن هذه الهجمات المؤلمة زادت من الاضطراب والارباك لدى منظومة الاحتلال الأمنية والعسكرية، فكثف من ملاحقته، وضرباته بحثاً عن أفراد هذا السلاح.
وكشف عن بطل أيضا من أبطال سلاح السايبر وشهيد من شهدائها الأبطال، ألا وهو القسامي البطل محمد الطواشي الذي ارتقى بغارة صهيونية أثناء معركة سيف القدس الخالدة.
وأكد بقوله: لقد تميز شهيدنا القائد بالوعي الكبير، والفهم الواسع، ورأي ببصره البعيد، وبصيرته النافذة، الاحتياجات الضرورية للمقاومة، وتراكمت لديه الخبرات، فعاد إلى فلسطين ومعه فريق نوعي من المهندسين الأطهار، منهم الشهيد محمد الزواري، والشهيد محمود فارس، ولقد عمل رحمه الله بتركيز شديد على نقل الخبرات وتوريثها، خاصة على صعيد الطيران المسيّر، فكان الشهداء حازم الخطيب وظافر الشوا وسامي رضوان، وكانت الثمرة الأولى لهذا العمل العظيم إنتاج النموذج الأول من طائرة أبابيل وتحليقها في سماء غزة بنجاح.
وأضاف: "نقف اليوم في هذا الحفل الوطني الجهادي الكبير، الذي تنظمه حركة حماس وجناحها العسكري كتائب القسام، لنؤبن علماً من أعلام فلسطين، ورقماً صعباً من أرقام مقاومتها الباسلة، ماجداً من أماجدها الكرام البررة، ضحّى بكل ما يملك من أجل القدس وفلسطين، جاب الأرض، طولاً بعرض، مقاتلاً من أجل الحق، مدافعاً عن الشعوب المقهورة المظلومة، عمل من أجل قضيته، خارج فلسطين وداخلها، حتى فاضت روحه الطاهرة إلى بارئها، شهيداً، جاهداً، مجاهداً، في معركة سيف القدس الخالدة".
وأكمل: نقف اليوم أيها الكرام والكريمات في حفل مداد الوفاء، لنسطر صفحاتٍ جديدة في سفر الوفاء، فالمقاومة الفلسطينية وفية لرجالها، تحفظ عهدهم، ومسيرتهم، وسيرتهم، كيف لا؟ وأبو مجاهد أو أبو رحمة، عاش بيننا بعيداً عن أهله وزوجه وأبنائه، مضحياً بكل هذا من أجل هدف أسمى، وغاية أعظم.
وقال: إن الشهيد تنقل في ساحات جهاد عديدة إلى أن قدم فلسطين من سوريا، حيث هناك أشرف بنفسه على تصنيع الطائرات المسيرة، وأشرف على تجريبها في سماء الشام المبارك، وكانت عينه دوماً على فلسطين، حتى حقق الله سبحانه له أمنيته، بالعودة إلى هذه الأرض المباركة، مشاركاً في الجهاد والمقاومة بشكل مباشر.
ونبه إلى أن الاحتلال دمر منزله مرتين في العامين 2012م، 2014م، مشددا على أنه قائد عسكري فذ، تجده مفكراً عميقاً مثقفاً، ثم تارة ثالثة أراه فقيهاً مُجيداً ملماً، ليجمع بذلك كل صفات القادة العظام، جهداً وجهاداً وعلماً وفكراً وفقهاً.
وأثنى أبو معمر على الشهيد بقوله: "عشتَ قرابة الستين عاماً أيها المقدام، وقد سلكتَ طريق الجهاد والمقاومة في ريعان شبابك، بين أهلك وشعبك في الأردن، هذا الشعب العظيم الذي ما بخل يوماً في دعم المقاومة وإسنادها، (..) في عام 2009 ميلادية إذ بدأتَ فوراً بترجمة خبراتك العظيمة، ومهاراتك المتنوعة إلى واقع ملموس، ولقد شرفك الله سبحانه وأكرمك أن دشنتَ بيدك وبعقلك أول المشوار في سلاح الطيران المُسيّر حتى أصبح اليوم سلاحاً يحسب له العدو ألف حساب.
وأشار إلى أن الشهيد طحلة كان مبدعا في استقطاب عقول عربية وإسلامية فذة.
وأكد أن القسام تؤبن الشهيد طحلة "ولولا ضوابطُ معروفة لأفسحت المجال أكثر، للحديث عن عظيم فعله، وجهاده وإبداعه.
كما وأكد أن خيار المقاومة هو الخيار الوحيد القادر على رد الحقوق، وتطهير الأرض والمقدسات وتحرير الأسرى وطرد الاحتلال، مع ما يتطلبه ذلك من وحدة وطنية وسياسية وميدانية لا بديل عنها، وستواصل حماس طريق المقاومة والوحدة دون تردد أو تراجع.
وفي ملف آخر، قال أبو معمر إن حفل تكريم الشهيد القائد طحلة، يأتي في ظل ثورة شعبية متصاعدة في كل فلسطين، ويتزامن كذلك مع اجتماع وطني آخر يعقد الآن في الجزائر الشقيق، يوقع خلاله ممثلو شعبنا وفصائله وقواه إعلاناً جزائرياً لتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية.
وأردف: "لقد تحلّت حماس ولا زالت بأعلى درجات المسئولية والمرونة إدراكاً منها بأن الوحدة الوطنية ممر إجباري لتحقيق أهداف شعبنا ومصالحه، وسنواصل هذا النهج والطريق دون تردد، كالتزام وطني لا تراجع عنه ولا بديل له".
وشدد على أن حماس جاهزة وفوراً لخوض اختبار التطبيق العملي لإعلان الجزائر، وندعو كل قوى شعبنا وفصائله لتحمل مسئولياتهم في هذا الإطار، وعدم التهاون مع أي تعطيل لتنفيذ هذا الاتفاق، لنكون جميعاً على مستوى التحدي والثورة التي يخوضها شعبنا اليوم في القدس والضفة والداخل المحتل وفي كل مكان.
وتضمن الحفل الذي تحدث فيه أبو معمر، عُرض فيديو يستعرض حياة القائد جمعة الطحلة وما قدمه للمقاومة خلال سيرته الجهادية.
وفي ختام الحفل كرّمت حركة حماس ممثلين عن عائلة الشهيد الطحلة، وقدموا لها درع وفاء لما قدم من تضحيات.