فلسطين أون لاين

تقرير حملة "الفجر العظيم" في عيون مقدسيّة

...
صورة أرشيفية
القدس المحتلة- غزة/ نور الدين صالح:

لم تكن حملة "الفجر العظيم" مجرد حراك مؤقت وسينتهي، إنما باتت عقيدة راسخة في قلوب وعقول المجتمع المقدسي بكل أطيافه، وتُعد وسيلة مهمة في التصدي لاقتحامات المستوطنين اليومية ومحاولاتهم لاستباحة المسجد الأقصى.

وانطلقت الحملة من الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل بالضفة الغربية في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2020، لمواجهة المخاطر المحدقة بالحرم واقتحامات قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين، ثم انتقلت إلى المسجد الأقصى المبارك، حتى عمّت بقية المدن الفلسطينية.

ومنذ انطلاقها، فإن أعداد المصلين المشاركين في الحملة آخذة في الزيادة، ما يدلل على نجاحها وإصرار المقدسيين على الاستمرار بها وصولاً لتحقيق كل أهدافها، وخشية الاحتلال ومستوطنيه منها، لذلك فإن صحيفة "فلسطين"، استطلعت آراء عدد من الشخصيات الدينية والنشطاء حول الحملة.

ويقول نائب مدير الأوقاف والشؤون الدينية في القدس د. ناجح بكيرات، إن الحملة لم تعد "مؤقتة" إنما هي برنامج متكامل بين العبادة التي تتلخص بصلاة الفجر، والرباط الدائم في باحات المسجد الأقصى.

وأوضح بكيرات، أن الحملة زادت من ارتباط المقدسي بالمسجد الأقصى وهو مسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، إذ تُشعره بأنه يقوم بدور تعبدي وحضاري للحفاظ على الوجود المعماري الذي يمصل الهوية والقداسة.

وأكد أن الحملة تكسب المقدسي قوة وثبات وتجعله في كنف الله وهو يواجه المستوطنين والاحتلال فهي تصقل شخصيته ووجوده، عادًّا أن الرباط في المسجد الأقصى "صمام الأمان للحفاظ عليه".

وعد عضو الهيئة الإسلامية العليا بالقدس، جميل حمامي، الحملة، بمنزلة "دعم معنوي وديني ووجودي للمسلمين والمقدسيين داخل المسجد الأقصى المبارك".

وأكد حمامي، أن الحملة لها تأثيرات إيجابية كبيرة في تعزيز الروح المعنوية للمواطنين المقدسيين في التصدي لممارسات المستوطنين والاحتلال.

بدوره، يرى مدير مركز القدس الدولي د. حسن خاطر، أن "الفجر العظيم"، هي تركيز لعبادة في وقت حساس جداً، بهدف الحفاظ على المسجد الأقصى، بعد الحرم الإبراهيمي في الخليل.

وقال خاطر: إن "هذه الحملة تأتي من أجل قطع الطريق عن المستوطنين، ورسالة للاحتلال أنه مسجد إسلامي خالص"، مشيراً إلى أن وجود المصلين هو أفضل وسيلة لحماية هوية المسجد الأقصى.

وبيّن مشاركة الآلاف بحملة الفجر العظيم، توصل رسالة للاحتلال بأن أهل المسجد الأقصى يقظون ولا ينامون كي يتصدوا لممارسات المستوطنين، مضيفاً: "رغم محاولة إفشال هذه العبادة العظيمة بكل الطارق إلا أن هناك إصرارًا كبيرًا على المشاركة فيها".

وأوضح أن الاحتلال يسعى لإبعاد المواطنين عن المسجد عبر وسائل عدّة مثل منع دخول المصلين وتعطيل وصول الحافلات من خارج القدس، وفرض مخالفات على المقدسيين.

إلى ذلك، يرى الناشط المقدسي فخري أبو دياب، الفجر العظيم "عبادة مهمة وتحمل رسائل مهمة وتجديد العهد مع المسجد الأقصى بأنه لن يكون لقمة سائغة للاحتلال".

وبيّن أبو دياب، أن الرباط الدائم في المسجد الأقصى يحميه من اقتحامات وممارسات المستوطنين العنصرية، التي يحاولون من خلالها فرض وقائع تهويدية عليه.

وعد مشاركة المقدسيين في الحملة، رسالة مهمة للاحتلال مفادها: "إننا سنحمي المسجد بكل ما نملك من وسائل، فهو لا يقبل القسمة على اثنين"، لافتاً إلى أن قوات الاحتلال تفرض ممارسات عنصرية في سبيل عدم وصول المشاركين للأقصى.

وأوضح أن الرباط في المسجد الأقصى أصبح عنوانًا رئيسًا للحفاظ عليه، من خلال شد الرحال إليه وأداء الصلوات الخمسة فيه، وخاصة "الفجر العظيم"، مشدداً على أن "الصلاة في الأقصى حق لنا ولا نسمح بفرض وقائع جديدة ولا تقسيمه زمانياً أو مكانياً".

وبحسب أبو دياب، فإن الأقصى بات يشكل سنام النضال الفلسطيني، "فليس للاحتلال أحقية في الوجود به، لكونه حق خالص للمسلمين، لذلك فهو عنوان الثبات والتحدي ولن يستطيع الاحتلال تغيير الواقع فيه".

إخافة الاحتلال

من ناحيته، يقول عضو لجنة حماة المسجد الأقصى الشيخ صالح الشويكي، إن "الفجر العظيم هو رسالة يرسلها أبناء القدس والبيت المقدس للعالم، بأنهم موجودون ومرابطون ليوم الدين".

وأشار الشويكي إلى أن الهدف الأساسي من الحملة، هو إخافة الاحتلال من المشاركة الكبيرة من المقدسيين الذين سيصلون فجر يوم الجمعة، لافتاً إلى أن الحملة تهدف لجعل أعداد المشاركين في الأقصى يوازي عدد المصلين في صلاة الجمعة.

وشدد على أهمية "شد الرحال للأقصى خاصة هذه الأيام، في ظل تردي الأوضاع وتكثيف الاقتحامات من المستوطنين، وممارسات الاحتلال العنصرية التي قد تصل إلى انتفاضة حقيقية".

ولفت إلى أن الاحتلال دجج أعداد هائلة في القدس وأصبحت كأنها احتلت في هذه الآونة بسبب كثرة الحواجز العسكرية وانتشار شرطة الاحتلال، "وهذه دلالة أن الشعب الفلسطيني يرهب الاحتلال".

أما مدير مركز زيد بن ثابت لتحفيظ القرآن في مدينة صور باهر عبد الرحمن بكيرات، فأكد أن الحملة تزيد من همّة المقدسيين، وصحوتهم تجاه العبادة أولاً وتكون محفزاً قوياً لهم.

وبيّن بكيرات، أن الحملة تعزز مكانة الأقصى في قلوب الفلسطينيين والمسلمين عمومًا، إذ تشكل منبهاً ومشجعاً، "وهذا فخر للإنسان أن يكون من المرابطين والمصلين في الأقصى".

وقال: "المسجد الأقصى في الآونة الأخيرة بحاجة ماسة لمصلين ومرابطين، في ظل استمرار الاقتحامات اليومية من المستوطنين"، مشدداً على أن "تصعيد الهجمة في الأقصى هي ضمن مخطط مدروس".

وأضاف: "الحملة لها أثر طيب أن يصلي الإنسان في الفجر ويبقى مدافعاً عن المسجد الأقصى ومرابطاً فيه بدءاً من أوقات الصباح".

دعم صمود الأقصى

أما المرابطة في المسجد الأقصى إسلام مناصرة، فتقول: إن "الحملة تأتي امتداداً لدعم صمود الأقصى واستمرارية لمسيرة الرباط التي تبدأ من صلاة الفجر ثم الاعتكاف".

وبيّنت مناصرة، أن الرباط في الأقصى يعزز الصمود والحماسة عند المواطنين، خاصة أنه يتعرض لانتهاكات وبات مستباحاً في كل وقت، مؤكداً أن للحملة أهمية كبيرة جداً في الحفاظ على هوية الأقصى.

وأضافت: "صلاة الفجر تبدأ اقتحامات المستوطنين، لذلك الحملة التي تعزز وجود المرابطين والمصلين في الأقصى لها أهمية في مواجهة هذه الاقتحامات خاصة في هذه الأوقات لمنعهم من استباحة الأقصى".

في حين تقول المرابطة في الأقصى عايدة صيداوي، إن المسجدة الأقصى يشكل عقيدة وإرث من الله للمسلمين، "وهو أغلى ما نملك ونفديه بأرواحنا وأولادنا".

وأكدت صيداوي، أن الحملة لها آثار إيجابية كبيرة، إذ استطاعت التصدي لاقتحامات المستوطنين على مرأى العالم، مضيفةً: "لن نسمح أن يتكرر سيناريو ما حدث في الحرم الإبراهيمي للأقصى".

وعدت الحملة "وسيلة مهمة للدفاع عن المسجد الأقصى"، واصفةً إياها بـ"الحدث العظيم والكبير".

وبيّنت أن الوجود الكبير للمرابطين في الأقصى وشد الرحال إليه، يدفع المستوطنين والاحتلال للتراجع عن تنفيذ اقتحاماته في بعض الأحيان، مشددةً "الأرض لنا والأقصى لنا".