فلسطين أون لاين

تقرير "الفجريون".. مبادرة لإعمار الأقصى في صلاة الفجر

...
صورة أرشيفية
القدس المحتلة-غزة/ ضحى حبيب: 

اعتاد أحمد القيمري أن يستنشق صفو نسيم الأقصى ساعة الفجر قبل أن تعكره أنفاس المستوطنين وجنود الاحتلال.

من بيته في حي الوادي بالبلدة القديمة الذي يبعد مسافة سير ثلاث دقائق عن المسجد الأقصى يخرج القيمري (54 عامًا) قبل أذان الفجر بنصف ساعة إلى المسجد الأقصى يتنفس هواءه ويحظى ببركة الوقت والمكان، وبهاتفه المحمول يبث أذان وصلاة الفجر ويلتقط صورًا للمصلين وينشرها على حسابه الشخصي على "فيس بوك". 

"أسود وأشبال الفجر" أو "الفجريون" مبادرة بدأها القيمري قبل ثلاث سنوات، يحضر مبكرًا لصلاة الفجر في الأقصى، وبابتسامة يرسمها على شفتيه يتجول بين صفوف المصلين بعد انتهاء الصلاة ويلتقط صورًا للوجوه النيرة التي حضرت. 

يقول: "جاءت الفكرة عندما كنت ألتقط صورًا لأصدقائي في صلاة الفجر وأنشرها في حسابي على فيسبوك، فأبدى كثير من المصلين إعجابهم بالصور وبالفكرة وصار عدد منهم ينتظرني بعد الصلاة لأصورهم وأنشر صورهم".

ومع الوقت بدأ بعض المصلين يحضرون أبناءهم إلى صلاة الفجر بالأقصى ويطلبون من القيمري أن يصورهم من باب التشجيع للاستمرار في الحضور إلى صلاة الفجر، "كنت أخرج من المسجد أرى الرجال والشيوخ والأطفال على باب المسجد ينادونني لألتقط لهم صورًا معًا ليرسلوها إلى أهلهم وأبنائهم المغتربين".

ويتابع: "بعد ذلك اقترح عليّ أحد الأصدقاء أن أصور الأذان والصلاة في بث مباشر على فيسبوك، فأحببت الفكرة وبدأنا بتنفيذها، وبعد أيام وصلتني رسائل من مغتربين في الصين وألمانيا وأمريكا ودول أخرى يشكرونني ويعبرون عن سعادتهم بسماع الأذان من الأقصى ومشاهدة صور المصلين".

ويقضي القيمري الوقت من الفجر إلى الضحى في بيته ينتقي الصور المناسبة ويرتبها ويجري بعض التعديلات عليها، ويقول: "في بداية الأمر كنت أنشر في حسابي على فيسبوك فقط، فعرض علي المصلون أن أنشر في مجموعات التواصل التي تضم أهالي القدس، وبالفعل تطورت الفكرة وانتشرت إلى أن بات كثير من الشباب يحضرون ويساعدونني في التصوير ويفعلون مثلي".

وعن تسمية "أسود وأشبال الفجر" و"الفجريون" يفيد القيمري أنه كان ينشر في البداية تحت مسمى "أبطال الفجر" لكنه مع الوقت وجد تسميتهم بـ"أسود وأشبال الفجر" أو "الفجريون" أبلغ في الوصف، فالذين يحضرون من بيوتهم ساعة الفجر من كبار في السن وشباب وأطفال اختاروا التعب على الراحة وأن يعمروا مسجد الله بالصلاة والذكر هم أسود وأقوياء.

ويصف علاقته بالمصلين في الفجر بـ"الصحبة والأخوة" ويقول: "بعد الصلاة نجلس في حلقات لتلاوة القرآن، ويسأل كل واحد منا عن أخيه ويفتقده إن لم يحضر للصلاة يومًا ونتواصى على الخير والثبات ونعود المريض ونفرح مع من عنده مناسبة ونواسي المهموم، فعلاقتنا لم تعد مجرد مصلين يلتقون في الأقصى بل إخوة وأسرة واحدة". 

ومن أسود الفجر الذين يواظبون على صلاة الفجر في الأقصى الشيخ موسى أبو دويح (80 عامًا) من سكان منطقة جبل المكبر في القدس لم يفته فرض في الأقصى منذ 24 عامًا، يحضر للصلاة ولتعليم القرآن واللغة العربية في مصاطب العلم. 

تبلغ المسافة بين بيته والأقصى 3 كم والطريق جبلية ووعرة وصعبة، "لكن المسافة إلى المسجد الأقصى لا تحتاج إلا نية صادقة" يقول أبو دويح. 

ويضيف: "أحضر للصلاة قبل أذان الفجر بساعة وأنتظر على أبواب المسجد الأقصى حتى تفتح مع 100 مصلٍّ يحضرون مبكرًا، منهم من يأتون من مناطق بعيدة مشيًا على الأقدام لينالوا الأجر والثواب".

ويصف أبو دويح القيمري بأنه: "رجل لطيف ومحبوب وروحه مرحة، ولهذا السبب أحبه المصلون وتفاعلوا معه".

ومن أسود الفجر أيضًا، الشيخ أمين العباسي من بلدة سلوان الذي يواظب على الصلاة في الأقصى وخدمة المصلين يوميًا منذ 40 عامًا، يقول: "المسجد الأقصى معلق بروحي، إن غبت عن الأقصى يومًا واحدًا أمرض وأتعب".

وعن المضايقات التي يتعرض لها المصلون في الأقصى يقول القيمري: "يقوم بعض جنود الاحتلال باختلاق المشكلات على الأبواب عند دخولنا للصلاة، وفي أغلب الأحيان يضعون الحواجز فيسمحون لكبار السن بالدخول ويمنعون الشبان". 

ويتابع: "ومن ممارسات الاحتلال أنهم يمنعوننا من إدخال الإفطار للمصلين ويطلبون إذنًا من مركز شرطة الاحتلال للسماح لنا بإدخال الطعام إلى الأقصى". 

ورغم ممارسات الاحتلال يستمر القيمري في الحضور يوميًا وتصوير المصلين ونشر صورهم مؤكدًا أن الرسالة التي يريد إيصالها من خلال مبادرته هي "تشجيع الناس من كل مناطق الضفة والداخل وأهل القدس خصوصًا للحضور إلى الصلاة في الأقصى لتحصيل الأجر والثواب والبركة، وإعماره بالحضور الدائم فيه لحمايته والوقوف بوجه المستوطنين".