عدَّ سياسيون ومتحدثون ونواب ترقية محافظ نابلس إبراهيم رمضان، إلى درجة مستشار لرئاسة السلطة بعد مساسه بأمهات الشهداء، ودفاع حركة فتح عنه أيضًا؛ يشكّل "إساءة وتشويه لنضال شعبنا وإرادته".
وكان رمضان وصف في تصريحات لإذاعة محلية قبل أيام، أمهات الشهداء اللواتي يرسلنَ أبناءهنَّ لتنفيذ العمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي بأنهنّ "أمهات شاذات، ويظهرن أنهنّ مناضلات، ويدفعن أبناءهن للانتحار"؛ الأمر الذي أثار سلسلة ردود فعل غاضبة من تصريحاته هذه، وسط مطالبات بإقالته، لكن ما حدث كان العكس.
ووصف حينها بيان لعوائل الشهداء، وُزّع في عدة محافظات بالضفة الغربية، تصريحات المحافظ بأنها مهينة وغريبة على ثقافة التضحية والمقاومة، وتمس أمهات الشهداء.
علاوة على ذلك، تعهدت أقاليم حركة فتح، هذا الأسبوع، في الضفة الغربية بالدفاع عن رمضان، والوقوف في وجه أي جهة تمس به.
وعدَّ رئيس قائمة الحرية والكرامة الانتخابية د.أمجد شهاب، مجرد دعم إبراهيم رمضان "إهانة لحركة فتح التي تتفاخر بتاريخها النضالي وبشهدائها وأسراها قبل أن تُشكّل إهانة لأمهات الشهداء".
وأضاف شهاب لصحيفة "فلسطين": "لو كان هناك تطبيق للقانون والنظام الداخلي لحركة فتح، لتعرض هذا الرجل (إبراهيم رمضان) للمحاكمة خاصة أنه يمثل أعلى سلطة في محافظة نابلس"، مشيرًا إلى وجود تناقضات في حركة فتح بسبب وجود أزمة مفاهيم لديها حول المقاومة وغيرها من المعتقدات الوطنية.
وتابع: "أيّ شخص لا يؤمن بالمقاومة ويمس بكلامه أمهات الشهداء كما فعله محافظ نابلس، يتوجب طرده ومحاكمته لا ترقيته أو نقله إلى أماكن أخرى".
وأشار إلى أنّ ما صدر عن رمضان وما تلا ذلك من إجراءات ترقية وجعله مستشارًا للرئاسة، يعكس سلوك السلطة برئاسة محمود عباس، في محاربة المقاومة واعتقال كل من ينشط في التصدي لانتهاكات الاحتلال وجرائمه.
ولفت إلى أنّ وصف رمضان لأمهات الشهداء بما صدر عنه من كلمات، وتعهُّد حركة فتح بالدفاع عنه، "يعكس الوصول إلى مرحلة الانحطاط، ويظهرون كأنهم أصبحوا أعداء الثورة الفلسطينية بدلًا من الدفاع عنها".
بدوره عدَّ المتحدث باسم حركة الأحرار ياسر خلف تصريحات رمضان بأنها إساءة بالغة لنضال شعبنا الفلسطيني، وكرامة حرائر فلسطين، وقد ضحّين بأبنائهنّ من أجل فلسطين، مؤكدًا أنها تعكس العقيدة الفاسدة لقيادة السلطة بكل مكوناتها المنحرفة فكريًّا وأخلاقيًّا، وهذه التصريحات تعكس السلوك الواضح لقيادة السلطة ومن خلفها القيادة المتنفذة لحركة فتح.
وتابع خلف لصحيفة "فلسطين" أنّ "دفاع أقاليم كبيرة لحركة فتح عن رمضان يُشكّل إساءة لتاريخ فتح ونضالها وتاريخ شهدائها وأسراها، والأصل ليس الدفاع عن رمضان وترقيته بل تجريمه وتعرية هذا الشخص ومحاسبته ومعاقبته على هذه التصريحات البائسة غير الوطنية التي تخدم الاحتلال".
وعدَّ أنّ تصريحات رمضان وما أعقبها من إجراءات للسلطة وحركة فتح، تُمثّل "تشويهًا لنضال الشعب الفلسطيني وإرادته الوطنية كذلك، وإساءة بالغة لكلّ تضحياته، وعنادًا ضد شعبنا في إطار الإساءة، انطلاقًا من عقيدة السلطة الفاسدة التي تسعى للاصطفاف والتساوق مع الاحتلال في تجريم شعبنا وتشويه نضالنا الوطني ومقاومته".
وطالب أحرار فلسطين بـ"رفع الصوت عاليًا والمطالبة بتجريم سلوك السلطة في التعامل مع رمضان بعد الإساءة لأمهات الشهداء، ورفض النشاز الفكري والأخلاقي الداعم للاحتلال وإعادة الاعتبار لأسر الشهداء وأمهاتهم".
من جهته، قال الباحث السياسي ثامر سباعنة: إنّ تصريحات رمضان كانت إساءة بحقّ كل فلسطيني مناضل وليس بحق أمهات الشهداء وحدهن، ولقد مسّ بكلامه رمزًا من رموز النضال الوطني، وهي قضية الشهداء، والمرأة الفلسطينية أيضًا.
وأضاف سباعنة لصحيفة "فلسطين"، أنّ الأغرب كان موقف حركة فتح وخاصة إقليم بيت لحم، المدينة التي ينحدر منها محافظ نابلس، وهو موقف غير مقبول ومُدان، والأصل بإقليم فتح في بيت لحم الدفاع عن الشهداء وعوائلهم، والتعبير عن رفضها لما ورد على لسان محافظ نابلس.
وأوضح أنّ بيان فتح شكّل إساءة كبيرة للحركة نفسها، مستغربًا من عدم وجود أي قرار رادع لمحافظ نابلس بعد مساسه بأمهات الشهداء.
من جهتها، قالت المرشحة عن قائمة القدس موعدنا فادية البرغوثي: إنّ "تصريحات رمضان تُعدُّ سابقة من حيث التجرؤ والتطاول على أمهات الشهداء من مسؤول بهذا الحجم، كونه مسّ قضية مقدسة اجتماعيًّا ووطنيًّا، المساس بها أمرٌ خطِرٌ".
وتابعت لصحيفة "فلسطين": "هذا التجاوز لم يصدر عن إنسان عادي وبصفة شخصية، هو كلام محافظ مدينة كبرى يُعدُّ ممثلًا رسميًّا للرئاسة الفلسطينية، للأسف صمتت الرئاسة عن أقوال ممثلها وكأنّ الأمر يتماشى مع سياسة عامة".
وأشارت إلى أنّ أقوال رمضان جاءت بعد انتهاكات نفّذتها أجهزة أمن السلطة وهاجمت مواكب استقبال الأسرى والشهداء، واعتقلت محررين، واستدعت أمهات شهداء.
وأثنت البرغوثي على ردود الفعل التي رافقت تلك التصريحات، وأكدت أنها حملت رسائل مفادها ألا تهاوُن مع من يمسّ أو يفكر في المساس بأمهات الشهداء، وأنّ الحل الأمثل هو محاسبة محافظ نابلس عليها.
من جهتها، قالت النائب منى منصور: إنّ إساءة محافظ نابلس لأمهات الشهداء "هي نهج لمحاربة الشهداء والقضية الفلسطينية"، مؤكدةً في الوقت نفسه أنّ الشعب الفلسطيني يفتخر بذوي وأمهات الشهداء لما قدموه من تضحيات للقضية الفلسطينية.
وأضافت منصور في تصريحات صحفية: "هم يسيرون على نهج لحماية الاحتلال وهذه هي بداية الطريق وأخشى أن يزيد التطاول على أهالي الشهداء.