حالة من التوتر يعيشها مخيم شعفاط شمالي شرق القدس المحتلة، نتيجة الحصار الذي فرضته قوات الاحتلال لليوم الثاني على التوالي، على الأهالي عقب عملية إطلاق النار الأخيرة التي نفذها شاب فلسطيني على الحاجز اللعين الذي يعزل المخيم عن امتداده الفلسطيني.
وأسفرت العملية البطولية التي نفذها الشاب الفلسطيني مساء أول من أمس، عن مقتل مجندة إسرائيلية وإصابة اثنين آخرين أحدهما بجراح، في حين تشهد المنطقة المستهدفة منذ وقوع العملية، حضورًا وانتشارًا مكثفًا لقوات الاحتلال، فضلًا عن نصب العديد من الحواجز العسكرية على مداخلها، ومنع الدخول والخروج منها.
وعلى مدار اليومين الماضيين، اعتقلت قوات الاحتلال أكثر من 60 مواطناً، ونفذت حملات تفتيش لأكثر من 200 بيت، في حين يتواصل تحليق الطائرات الإسرائيلية فوق سماء المخيم.
وهذه العملية لم تكن الأولى التي تحدث في مخيم شعفاط، إذ إنه يحظى بتاريخ حافل بالنضال والصمود في وجه الاحتلال الإسرائيلي ومخططاته العنصرية الرامية لتهويده كاملًا.
وشعفاط هو أحد المخيمات التي أُنشِئت بسبب حركة النزوح للاجئين الفلسطينيين على مساحة 203 دونمات حالياً، في أراضي ما بين قريتي عناتا وشعفاط ضمن حدود مدينة القدس والضفة الغربية المحتلة.
وبدأت حركة النزوح للمخيم من عام 1965 إلى ما بعد عدوان حزيران، وهو بحسب وكالة الغوث الدولية "أونروا" المخيم الوحيد الذي يحمل قاطنوه الهوية "الزرقاء" (دون الجنسية) أو ما يسمى بالهوية المقدسية، وتقول وكالة "أونروا": إن هذا المخيم قد أقيم بديلا لمخيم المعسكر الذي كان في البلدة القديمة بجانب حائط البراق أو الجهة الغربية للمسجد الأقصى.
وبحسب رئيس اللجنة الشعبية لمخيم شعفاط محمود الشيخ، فإن حوالي 80% من سكان المخيم هم مقدسيين، حيث يبعد عن بوابة مدينة القدس حوالي 3.5 كيلو متر، ويسكن فيه قرابة 125 ألف نسمة.
وخلال حديثه مع صحيفة "فلسطين"، يذكر الشيخ، أن "الانتفاضة الأولى عام 1987، جرى توسعة المخيم من أراضي شعفاط وعناتا، حيث جرى تأسيس أحياء رأس خميس ورأس شحادة والسلام، وأصبح عدد السكان يعادل ثلث سكان القدس".
ويقع المخيم داخل جدار الفصل العنصري، وله مدخلان، الأول هو الشرقي من جهة عناتا، حيث يدخل من خلاله حملة الهوية الفلسطينية من وإلى القدس والضفة الغربية، والمدخل الثاني "شعفاط الغربي" المخصص لحملة "الهوية الزرقاء".
ويؤكد الشيخ أن المخيم يتعرض لأحداث وانتهاكات يومية، تتمثل بهدم البيوت وحملات الاعتقال والتضييق ونصب الحواجز، إضافة إلى عرقلة حركة المواطنين في الوصول إلى العمل والجامعات والمستشفيات.
ويحظى مخيم شعفاط بتاريخ حافل بتنفيذ العمليات البطولية منذ بداية الصراع مع الاحتلال، وفق الشيخ، الذي ذكر أن شاباً فلسطينياً نفذ عملية فدائية على مدخل المخيم قبل 14 سنة، أدت إلى مقتل مجندة إسرائيلية.
وأشار إلى أن قوات الاحتلال أغلقت الحاجز الغربي في حينها، وأبقت مدخل عناتا مفتوحاً، وذلك ضمن سياسة العقاب الجماعي التي تمارسها ضد المواطنين القاطنين في المخيم.
ووفق قوله، فإن ثلاثة شبان من مخيم شعفاط وهم محمد سعيد علي وأحمد صلاح ووسام فرج نفذوا عملية طعن قرب باب العمود في عام 2015، وارتقوا جمعيهم شهداء.
ولفت إلى أن قوات الاحتلال تعتقل في سجونها حوالي 120 أسيراً من مخيم شعفاط ممن لم تتجاوز أعمارهم السن القانونية، يقضون أحكامًا متعددة، كما يوجد حوالي 140 أسيراً آخرون من الشبان والرجال.
وذكر أن أكثر من 70 شهيداً ارتقوا منذ انطلاق الانتفاضة الأولى وحتى الآن، في حين أصيب مئات المواطنين الآخرين.
وشدد على أن المخيم في حالة صراع واشتباك دائم مع قوات الاحتلال، خاصة أنه يقع على بوابة القدس، مشيراً إلى أن سكانه يعيشون حياة صعبة، من جراء ارتفاع البطالة وقلّة العمل.