لو كانت رئيسة وزراء بريطانيا ليز تراس تعرف أن الحكومات العربية ستغضب، وستثور، وتقطع علاقاتها مع بريطانيا، أو ستوقف تزويدها بالغاز والنفط على أقل تقدير، لما أقدمت على تصريحاتها بشأن نقل السفارة البريطانية إلى القدس، ولو كانت ليز تراس تعرف أن الشعب الفلسطيني سيخرج في مظاهرات ومسيرات ضد تصريحاتها، وستؤثر تلك المسيرات على الاستقرار الأمني، وعلى سلامة الجنود الإسرائيليين والمستوطنين على الطرقات، لما أدلت بتصريحات وقحة عن عشقها غير المقدس للصهيونية.
ليز تراس سياسية بريطانية، ولا يهمها حقوق الإنسان، ولا تكترث بالعدالة، ولا يعنيها كثيراً عدد الشهداء الفلسطينيين، ولا مستوى الظلم الذي لحق بالشعب الفلسطينيين من جراء الدعم البريطاني لـ(إسرائيل)، ومن جراء وعد بلفور بإقامة وطن قومي لليهود، ليز تراس لا يهمها إلا مصالحها الحزبية والاستعمارية، وحين تدلي بتصريح الاستعداد لنقل السفارة البريطانية إلى القدس العربية، فهي تعرف تأثير ذلك على المنطقة، وقد سارعت إلى زف بشرى نقل السفارة البريطانية إلى رئيس الوزراء يائير لابيد، وكأنها في عجلة من أمرها، وهي ترى مصلحة بريطانيا تقوم على توطيد العلاقة مع (إسرائيل).
لقد جهرت ليز تراس بعقيدتها الصهيونية، لتتوافق بذلك مع تاريخ رؤساء وزراء بريطانيا المحافظين، ومع وزراء خارجيتهم، وأعلنت بكل صلف سياسي بأنها تسير على درب الرئيس الأمريكي السابق رونالد ترامب، وقالت بلغة سياسية فاضحة لعنصريتها: "أنا صهيونية بحق، ومن أشد الداعمين لـ(إسرائيل)، ونحن قادرون على جعل العلاقات البريطانية الإسرائيلية أقوى وأقوى".
ليز تراس كانت تعرف أن أقصى ما لدى الأنظمة العربية هو بيان شجب واستنكار، ودون ذلك، فلن يتغير شيء على أرض الواقع، وكانت تعرف ليز تراس أن قيادة السلطة غائبة عن المشهد، وأن الشعوب العربية مغيبة عن الواقع، وعليه لن يتم إغلاق أي ميناء عربي في وجه السفن البريطانية، ولن يغلق مطاراً، ولن يتأخر تدفق الغاز والنفط إلى المصانع البريطانية، لذلك استخفت ملكة بريطانيا بالعرب جميعهم، بعد أن استخف العرب بالقرار الصادر عن الجمعية العامة سنة 1975، والذي اعتبر الصهيونية شكل من أشكال العنصرية، هذا القرار الذي وافقت الأنظمة العربية على شطبه عشية مفاوضات مدريد 1992.
نقل السفارة يشجع الصهاينة على المزيد من التطرف، ويعزز مكانة الفاشية اليهودية المتنامية، والتي باتت جزءا رسميا من النظام الحاكم في دولة الكيان، وصهيونية ليز تراس تعتبر مكافأة بريطانية للإرهاب الإسرائيلي، وحتى الدول الأوروبية التي تؤيد فكرة "حل الدولتين"، ترفض الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ويأتي حديث ليز تراس ليؤكد: أن بريطانيا وكل من دار في فلك السياسة الأمريكية، بما في ذلك الرباعية الدولية، لن يعترفوا بدولة فلسطينية، وهنا نطرح السؤال المنطقي: لماذا يشترط محمود عباس اعتراف حركة حماس بشروط الرباعية لتحقيق لمصالحة الفلسطينية؟
ملحوظة: نحن آباء الشهداء نقول لمحافظ نابلس:
أولادنا أبطال، أولادنا شهداء لا ينتحرون، ولولا تضحيات أولادنا، لاستغنى عنك الصهاينة، وقذفوا بأمثالك إلى سلة الزبالة، وتذكر مصير كتائب السلام الفلسطينية، فبعد أن حاربوا ثورة 36، وسلموا الثوار، بصق عليهم عدونا، وأخذ سلاحهم، وقطع رواتبهم، وزجرهم كالكلاب الضالة!