خطرت فكرة عبور شبه الجزيرة العربية سيرًا على الأقدام نحو الدوحة، برأس السعودي عبد الله السلمي في وقت سابق من هذا العام، عندما كان يتابع برنامجا تلفزيونيا وعد فيه مسؤول قطري كبير بتجربة “استثنائية” خلال بطولة كأس العالم المقبلة بكرة القدم.
ويتذكّر الشاب البالغ من العمر 33 عاما بحماسة ماذا قال لنفسه حينها: “سأذهب إلى الدوحة مهما حدث، حتى لو اضطررت إلى المشي”.
كانت هذه بداية مغامرة جريئة وصفها بعض أقرباء السلمي بأنّها “مجنونة”، بحيث إنها تقوم على المشي في رحلة منفردة تستمر لمدة شهرين، على طريق بطول 1600 كلم من مسقط رأسه في جدة على ساحل البحر الأحمر إلى العاصمة القطرية.
ويقول السلمي لوكالة فرانس برس إن الرحلة الموثقة لآلاف من متابعيه عبر تطبيق “سناب شات” تهدف إلى تسليط الضوء على الحماسة في المنطقة تجاه بطولة كأس العالم التي تقام لأول مرة في الشرق الأوسط – والتي اعتبرها المسؤولون السعوديون علامة فارقة “لجميع العرب”.
وصرّح السلمي وهو يحتمي من أشعة الشمس قرب شجيرات على جانب الطريق في بلدة الخاصرة على بعد 340 كلم جنوب غربي الرياض “نريد دعم كأس العالم”.
وأضاف الشاب الذي كان يعتمر قبعة ويحمل حقيبة ظهر وضع عليها العلمين السعودي والقطري “أعتبر نفسي قطريا مهتما جدا بكأس العالم هذه ونجاحها”.
يتمتع السلمي بخبرة طويلة في رحلات المشي في كندا وأستراليا حيث كان يعيش، إلا أن تلك الرحلات تبدو سهلة مقارنة بصعوبة عبور شبه الجزيرة العربية.
وعادة ما يخرج عند شروق الشمس ويمشي حتى الساعة العاشرة أو العاشرة والنصف صباحا، لكن الحرارة العالية تجبره بعد ذلك على الاستراحة لبضع ساعات قبل العودة في فترة ما بعد الظهر والاستمرار في المشي حتى غروب الشمس.
وبين الحين والآخر يمشي في المساء ليحافظ على هدفه البالغ 35 كلم في اليوم.
وللحفاظ على حمولة خفيفة، يعيش السلمي على طعام يمكنه شراؤه من محطات الوقود غالبا ما يكون عبارة عن الدجاج والأرز، فيما يقوم بالاستحمام وغسل ملابسه في المساجد.
وتوضح منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي تفاصيل الحياة على الطريق، من الحياة العادية إلى العقبات التي يواجهها وبينها البحث ليلا عن مكان للنوم أو حتى رؤية عقرب بالقرب من خيمته.
كما أنّه يسجل محادثاته مع السعوديين الذين يلتقي بهم على طول الطريق، وكثير منهم يقدم وجبات خفيفة وعصيرا لمساعدته على مواصلة رحلته.
وقال “عندما أقابل أشخاصا وأسمع هذه الكلمات الجميلة (سنتابعك على حسابك وندعمك) فهذا يشجعني على إكمال” الرحلة.
ويشرح أنه كوفئ بمشاهدة المناظر المتنوعة في المملكة وهو أمر لم يكن يقدّره تماما من قبل.
وتابع “المشي من جدة إلى الدوحة يختلف كل 100 كلم. يعني أول 100 كلم كثبان رملية ثم جبال ثم أراض فارغة ثم مزارع”، مضيفا “سأمر في جميع التضاريس في بلد واحد في غضون شهرين. هذا شيء جميل”.
يأمل السلمي أن يتمكّن من خلال نشر خبرته في رحلات المشي الطويلة، من إلهام السعوديين الآخرين للتفكير في القيام برحلات عبر بلدهم.
وقال “أريد أن أظهر للناس أن المشي لمسافات طويلة رياضة جميلة، حتى لو كان الطقس صعبا هنا في السعودية، وحتى لو كانت التضاريس صعبة. يمكننا القيام بذلك”.
وتابع “إنها رياضة بسيطة (…). ما عليك سوى حمل حقيبة وبعض الأشياء البسيطة وخيمة”.
وإذا سارت الأمور وفقا للخطة، سيصل السلمي إلى الدوحة في الوقت المناسب لحضور مباراة السعودية الافتتاحية في مواجهة الأرجنتين في 22 نوفمبر/تشرين الثاني، علما أن الأرجنتين هو فريقه المفضل إلى جانب منتخب بلاده السعودية.
وبعد ذلك بأربعة أيام، سيحضر مباراة السعودية ضد بولندا. وآماله كبيرة بالنسبة للمنتخب السعودي الذي تأهل لست نهائيات في بطولة كأس العالم بلغ خلالها الأدوار الإقصائية مرة واحدة فقط خلال ظهوره الأول عام 1994.
وقال السلمي “هذا العام لدينا لاعبون جيدون. المدرب هو المدرب الفرنسي العظيم (هيرفيه) رونار (…) ونتوقع ونأمل أن يقدم الفريق هذا العام أداء استثنائيا”.