رئيس السلطة محمود عباس يتصل بغانتس وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي ليهنئه بحلول رأس السنة العبرية والأعياد اليهودية، ويتمنى له سنة جيدة! في الوقت الذي أُجري فيه اتصال التهنئة كانت قوات الجيش وحرس الحدود التي تحت إمرة وزير الجيش تحرس المتطرفين والمستوطنين المقتحمين للمسجد الأقصى بأعداد كبيرة. في الاتصال الهاتفي طلب غانتس من عباس مزيدا من العمل لحفظ الأمن، والتنسيق مع الأجهزة لإحباط هجمات فلسطينية متوقعة، في حين لم يذكر بيان الاتصال أن عباس طلب منه وقف اقتحامات المتطرفين للأقصى، ولا حتى تقليل الأعداد لمنع الاحتكاكات!
هذه المفارقة في المشهد تتعزز بمفارقة في موقف صدر عن الفصائل الفلسطينية المقاومة مجتمعة تندد فيه بتهنئة عباس، وتجدد استعدادها للدفاع عن حرمة المسجد الأقصى، وتحمل حكومة الاحتلال مسؤولية تدهور الأوضاع. ما أودّ قوله إنه إذا كانت معركتنا مع الاحتلال تستوجب الدفاع عن الأقصى وحرمته، فالمنطق يقتضي توافق رئيس السلطة مع مطالب الشعب والقوى الفلسطينية، وألا يخذلهم بالتهنئة، وترك مطالبتهم بإبعاد المتطرفين عن المسجد.
إن ما يشجع الاحتلال والمتطرفين على هذه الأعمال هو تفرّق الصف الفلسطيني، وتوجه سلطة عباس للتعاون الأمني، والعمل ضد المقاومة، واعتقال رجالها في نابلس، وغيرها من المدن الفلسطينية، كما أن غياب موقف حازم لعباس في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يشجع بعث الإحباط في نفس الفصائل فانتقدته، وذمته، لأنها لم تجد فيه الموقف الوطني المجمع عليه.
الأقصى قضية وطنية من قضايا القِمة، ويحتاج لتوافق وطني يعلي من شأن الأقصى، ويعلي من قيمة الموقف الوطني الموحد دفاعا عنه.