أثارت دراسة حديثة أصدرتها شركة (ميتا) المالكة لموقعي "إنستغرام" و"فيسبوك" أظهرت محاربة الموقعين للمحتوى الفلسطيني خلال العدوان الإسرائيلي على غزة مايو/ أيار 2021، التساؤلات بشأن إمكانية تراجع المنصتين عن سياستهما الممنهجة ضد المحتوى الفلسطيني ووقف التمييز العنصري.
وأظهرت الدراسة التي نُشرت، الخميس الماضي، أن التقييدات التي فرضها موقعا التواصل "فيسبوك" و"إنستغرام" أضرت بحقوق الإنسان الأساسية للمستخدمين الفلسطينيين خلال العدوان على غزة والمصلين في المسجد الأقصى وكذلك أهالي حي الشيخ جراح.
انتهاكات إلكترونية متصاعدة
وأوضح المختص في الإعلام الاجتماعي سمير النفار، أن دراسة (ميتا) جاءت استجابة للمؤسسات الحقوقية والأهلية، حتى منظمة (هيومن رايتس ووتش) طالبت بتحقيق منفصل بشأن الرقابة على المحتوى الفلسطيني.
وقال النفار لصحيفة "فلسطين" إن الدراسة جاءت متأخرة وهي متعلقة بالعدوان الإسرائيلي على غزة في 2021 -ونحن في نهاية عام 2022- لافتا إلى أن "فيسبوك" كانت تماطل في إجراء التحقيق وتبيان تحيزها الحقيقي ضد الفلسطينيين.
وكانت 12 منظمة من المجتمع المدني وحقوق الإنسان وجهت رسالة مفتوحة تحتج فيها عن تأخر الشركة في إصدار نتائج الدراسة التي تعهدت بنشرها في الربع الأول من العام الجاري 2022.
وبحسب النفار، رصد المركز الشبابي الإعلامي في تقرير (واقع الإعلام الرقمي الذي صدر عام 2021) أكثر من 500 انتهاك للحقوق الرقمية الفلسطينية على مواقع التواصل في الفترة بين 10 – 21 مايو/ أيار من العام الماضي، أي خلال العدوان.
وأظهر التقرير أن "إنستغرام" الأبرز في محاربة المحتوى بأكثر من 250 انتهاكا، 46% من تلك الانتهاكات كانت حالات حذف مباشر دون إعطاء تنبيه وإشعار للمستخدمين، و91% من هذه الحسابات كانت مرتبطة بمواقع أخرى مثل "تويتر"، في حين سجل التقرير أكثر من 179 انتهاكًا على "فيسبوك".
وعد الأرقام الموثقة كبيرة، لافتا إلى أنه تمت حينها مخاطبة شركة (ميتا) من أجل وقف الانتهاكات وإزالتها.
وشدد النفار على ضرورة تفعيل الدبلوماسية الرقمية الرسمية من قبل وزارة الخارجية الفلسطينية بالتواصل مع إدارة مواقع التواصل كما تفعل بعض حكومات العالم التي تغرم تلك المنصات بملايين الدولارات من أجل إيقاف الحملة الممنهجة ضد المحتوى الفلسطيني، والتمييز العنصري تجاه القضية، وعدم تبني رواية الاحتلال.
تعزيز السيادة الرقمية
وأكد رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد" صلاح عبد العاطي أن تحيز شركة (ميتا) لصالح الرواية الإسرائيلية خلال العدوان المذكور، وكذلك في الفترات السابقة، بمنزلة "استهداف للحقوقيين والمختصين".
وعد عبد العاطي في حديثه لصحيفة "فلسطين" أن إجراءات "فيسبوك" انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، ولحرية الرأي والتعبير، وتأتي في سياق اتفاق هذه الشركات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وشدد على أهمية الضغط من أجل ضمان وقف محاربة المحتوى الفلسطيني، وقال: المطلوب منا نحن الفلسطينيين ضمان تعزيز السيادة الرقمية وفق إستراتيجية مع هذه الشركات، لمنعها من ممارسة الانتهاكات والتواصل مع الأجسام الدولية كافة وصولا لمقاضاة هذه الشركات.
ودعا إلى الانطلاق في الوقت الحالي في حملة مناصرة على المستوى الدولي لضمان وقف هذه الانتهاكات أو الحد منها بالحد الأدنى.
واقع مستجد
ورأى المختص في الإعلام الاجتماعي سائد حسونة، أن الدراسة تعكس تحليلا لواقع مستجد في انتهاك تصنيفات جديدة كان مسموحا بها سابقا، في إشارة لـ"المحتوى الإنساني".
ويعتقد أنه يمكن استثمار مثل هذه الدراسة ونتائجها وإضافتها لمجموعة تقارير الانتهاكات التي تصدر عن الهيئات المختصة في الرصد والتوثيق لتوضيح الانحياز لصالح رواية الاحتلال والانسجام معه في تقييد المحتوى الفلسطيني، الأمر الذي يحتم التواصل الفلسطيني الرسمي مع مدير السياسات بشركة (ميتا) في الشرق الأوسط للتراجع عنها.
وأكد حسونة أن هذا الانحياز وهذا الانسجام يوضحان التباين بين نسبة الانتهاكات وقرارات الحظر والتقييد التي تتخذها الشركة، التي ترتفع طرديا، بمعنى "أن كل قرار وانتهاك لمعايير النشر والمراسلة تقابلها زيادة في عدد الانتهاكات التي تسجل ضد المحتوى الفلسطيني".