الأزمة الروسية الأوكرانية كشفت حقيقة المبادئ الزائفة التي يتغنى بها الاتحاد الدولي لكرة القدم، حيث لم يعُد الممنوع مسموحاً فقط، بل أصبح مطلوباً من أجل رفض مبدأ الاحتلال والتضامن مع المظلومين.
فقد أصبح علم أوكرانيا يجوب ملاعب العالم من باب التضامن معها بعد الغزو الروسي لأراضيها، دون أن يتدخل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لمنع إقحام السياسة في الرياضة، وهذا إن دل على شيء، إنما يدل على أن الفيفا تدعم حرية الشعوب.
فإن كان ذلك حقيقياً، فعلى الفيفا وجميع الاتحادات الدولية والقارية ألا تمنع أي متضامن مع فلسطين وشعبها، سواء بارتداء علمها كشارة لقائد الفريق، أو التوشح بعلمها مثلما رأينا بعض لاعبي منتخبات العالم يتوشحون بعلم أوكرانيا.
نحن شعب مثلنا مثل كل شعوب العالم ولن نزيد ولن ننقص عنها بشيء، وعلينا أن نقوم بحملة دبلوماسية واسعة لحث الدول العربية والإسلامية والدول الصديقة أن تتضامن مع فلسطين وشعبها وقضيتها مثلما تضامنت منتخبات دول مع أوكرانيا بشتى الطرق.
وبناء على تغاضي الفيفا عن الكثير من الأمور التي كانت ممنوعة في الملاعب، بل تعدت ذلك بتجميد عضوية روسيا، وهي تعلم أنها لم تفعل نفس الشيء مع دولة الاحتلال الصهيوني لفلسطين، فإننا كفلسطينيين يجب أن نطالب بحقوقنا في بقاع الأرض، ونكشف عنصرية الهيئات الرياضية الدولية.
اليوم أصبحنا أمام فرصة لحشد الدعم والتضامن مع الشعب الفلسطيني على الصعيدين العربي والإسلامي أكثر من أي وقت مضى، ولا سيما أنه أصبح من المطلوب استثمار المعايير المزدوجة التي تتعامل بها دول العالم وهيئاته الرياضية، وبالتالي فإن أي دولة مهما علا شأنها وأي هيئة رياضية مهما علا نفوذها، فإنها لا تستطيع منع التضامن مع فلسطين، وهذا أمر يجب استثماره بقوة ودون تأخير أو تردد.
مع كل هذه العنصرية، فليكن ذلك، وليتضامن من يريد أن يتضامن مع أوكرانيا، ولكن من حقنا أن نطلب من يتضامن معنا، مع أن التضامن لا يُطلب بل يُمنح لمن يستحق، وأُجزم أننا كفلسطينيين نستحق أن يتم التضامن معنا، وقد فعل كثير من الرياضيين العرب والمسلمين على مدار سنوات طويلة، ولكنهم تعرضوا للعقوبات المُعلنة وغير المُعلنة، سواء بالإيقاف أو غيره من العقوبات التي كان منها أقسى بكثير مما يتم وصفها بعقوبات، مثلما حدث مع البطل الجزائري فتحي نورين بطل الجزائر وإفريقيا في الجودو، عندما تم إيقافه 10 سنوات لرفضه مواجهة خصم صهيوني في دورة الألعاب الأولمبية الأخيرة في طوكيو اليابانية.
ولم يكن الجزائري نورين الأول ولا الأخير ممن تضامنوا مع فلسطين، ولكنه كان الأبرز ولا سيما بعد أسرع قرار فرض عقوبات عليه، وهو الإيقاف الذي يُشبه الحُكم بالإعدام، حيث إن إيقافه 10 سنوات يعني إنهاء حياته الرياضية بشكل نهائي.
لقد أعلنت دول بعينها موافقتها على التضامن مع أوكرانيا بوضع علمها كشارة قيادة، وأبرزها منتخب بولندا الذي تسلم قائدها لفاندوفيسكي شارة القيادة من النجم الأوكراني شيفشينكو، ليضعها على ذراعه في كأس العالم القادمة في قطر.
اليوم ونحن على اعتاب كأس العالم، فأمامنا أكثر من فرصة للاستثمار، وهي مشاركة أربعة دول عربية وهي قطر وتونس والمغرب والسعودية، وجميعها لها صولات وجولات للتضامن مع فلسطين، وقد حان الوقت المناسب لرفع صوت الحق عالياً، وتذكير العالم بأن هناك دولة عربية تخضع للاحتلال، وذلك من خلال ارتداء قادة هذه الدول الأربعة علم فلسطين كشارة للقيادة، مثلما سيفعل بعض قادة منتخبات العالم لرفع علم أوكرانيا.
وعلينا جميعاً تفعيل "هاشتاق" (شارة#الكابتن#فلسطينية)، والذي أطلقه بعض النشطاء الفلسطينيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
إن حدث ذلك ونأمل أن يحدث، فإنها ستكون لفتة مهمة وقوية ومعبرة وذات مردود إيجابي على القضية الفلسطينية وشعبها وأرضها وقدسها وأقصاها، وهذا لا يعني عدم مطالبتنا بحقوقنا.
إن كأس العالم ليس الساحة الوحيدة التي نسعى لتذكير العالم بحقوقنا من خلاله، فهناك ساحات كثيرة يجب استثمارها.