لم يكن المطارد القسامي الشهيد القائد عزالدين الشيخ خليل رجلاً عادياً بين أبناء الشعب الفلسطيني، بل شكّل رعباً للاحتلال وقادته، وهو ما أكده رئيس حكومة الاحتلال الصهيوني الأسبق إسحاق رابين ومن على منصة الكنيست عندما قال إن "عز الدين الشيخ خليل هو رأس الأفعى، وهو الأب الروحي ليحيى عياش وعماد عقل"، ولا يخفى على الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية بطولات الشهيد المهندس يحيى عياش وعماد عقل، والحديث في هذا المقام عن قائد عياش وعقل، الشهيد عزالدين الشيخ خليل الذي يوافق اليوم السادس والعشرون من سبتمبر الذكرى الثامنة عشرة لاستشهاده.
نشأة القائد
ولد عز الدين صبحي سلامة الشيخ خليل "أبو محمد" في الرابع والعشرين من يوليو عام 1962م، بحي الشجاعية شرق مدينة غزة، في أحضان أسرة تعود أصولها لمدينة غزة، أنهي دراسته الثانوية بمدرسة فلسطين للبنين، ثم التحق بكلية أصول الدين في الجامعة الإسلامية، ومنها انخرط في العمل النقابي الطلابي كأحد مؤسسي "الكتلة الإسلامية" الذراع الطلابية لحركة المقاومة الإسلامية " حماس " ، وهو حاصل على درجة الماجستير من دولة الباكستان.
كانت بدايته في العمل الدعوي حين انتقل للدراسة في مدرسة فلسطين الثانوية، والتي أتاحت له فرصة الالتقاء بالشيخ المؤسس الشهيد أحمد ياسين والشيخ خليل القوقا نهاية السبعينيات، ثم بايع جماعة الإخوان المسلمين عام 1980م، وبرز كناشط في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" منذ تأسيسها في ديسمبر عام 1987م، بعدها سافر إلى أفغانستان والتقى بالشيخ عبد الله عزام.
تأسيس القسام
بعد عودته من أفغانستان عمل على تنظيم العمل العسكري، فبدأ بتوحيد المجموعات المقاتلة المتواجدة في مناطق قطاع غزة المختلفة، وعمل على نقل العمل العسكري من غزة إلى الضفة، وساعده في ذلك تنقله بين غزة والضفة بحكم نشاطه التجاري، واستطاع أن يجد حلقة وصل بين قادة القسام بغزة والضفة.
كما حمل على عاتقه مهمة تحديد واختيار أهداف العمليات الاستشهادية في الضفة والداخل المحتلة، فأشرف على العديد من العمليات الاستشهادية حتى بعد خروجه من قطاع غزة، كان آخرها عملية بئر السبع التي أسفرت عن مقتل 16 صهيونياً.
مرارة الزنازين والإبعاد
اعتقلته قوات الاحتلال عام 1985م لمدة أربعة أشهر بتهمة قيادته إحدى المجموعات العسكرية، تلا ذلك اعتقاله على خلفية اختطاف الرقيب أول نسيم توليدانو عام 1992م، لمدة سبعة أشهر إدارية لاقى خلالها صنوفاً من العذاب داخل زنازين العدو الصهيوني، ثم أُبعد من داخل المعتقل مع 415 من نشطاء وكوادر حركتي حماس والجهاد الإسلامي إلى مرج الزهور جنوب لبنان.
خلال الإبعاد عَلِمَ الشهيد عز الين أن الاحتلال استطاع أن ينتزع من أحد معاونيه تحت التعذيب القسري اعترافاً يتضمن دور عز الدين الشيخ خليل في قيادة كتائب القسام، فقرر عدم العودة إلى القطاع، ولجأ إلى سوريا، ثم تنقّل بين عدة دول عربية وإسلامية كاحتياط أمني، وانتهى المقام به في العاصمة السورية دمشق.
يد الموساد الغادرة
في أعقاب عملية بئر السبع التي اتهمت "إسرائيل" عز الدين الشيخ خليل بالتخطيط لها، هدد رئيس حكومة الاحتلال آنذاك أرئيل شارون بضرورة نقل المعركة إلى داخل سوريا، لإيوائها قادة المقاومة الفلسطينية.
وفي السادس والعشرين من ديسمبر عام 2004م، وبعد رحلة جهادية مشرفة تمكن جهاز الموساد الصهيوني من اغتيال القائد الشهيد عز الدين الشيخ خليل عبر عبوة وضعت تحت مقعد سيارته في حي الزاهرة بالعاصمة السورية دمشق وفُجرت لاسلكياً، ليكون أول من اغتالته الاحتلال من قادة القسام خارج فلسطين.