حالة من الخوف والذعر تنتاب أهالي قرية "الخان الأحمر" شرقي مدينة القدس المحتلة، في أعقاب إغلاق قوات الاحتلال الإسرائيلي جميع مداخل القرية، باستثناء المدخل الشرقي الرئيس مساء أول من أمس.
ويخشى سكان القرية من إقدام الاحتلال على تدمير القرية بشكل مفاجئ خلال تلك المرحلة، سيّما أن البوابة الرئيسة الوحيدة المفتوحة تقع تحت سيطرة جنوده المطلقة، وقد وضعوا عليها أقفالا للتحكم في دخول الأهالي وخروجهم.
وأفاد رئيس تجمع أهالي قرية الخان الأحمر عيد أبو داهوك بأن محكمة الاحتلال عقدت جلسة خاصة قبل عشرة أيام للبت في مسألة هدم القرية، إلا أنها لم تصدر قرارا نهائيا بهذا الشأن حتى اللحظة.
وبيّن أبو داهوك في حديث لصحيفة "فلسطين" أن حكومة الاحتلال طلبت من المحكمة تأجيل التهجير القسري لأهالي القرية حتى يناير/ كانون الثاني 2023، لكن بعض المؤسسات المتطرفة كمنظمة "ريغافيم" ومجلس المستوطنات ووزيرة داخلية الاحتلال اليت شاكيد رفضت ذلك.
وأوضح أن هذه المنظمات الاستيطانية والأحزاب اليمينية المتطرفة بعثت رسالة مكتوبة لرئيس المحكمة مفادها أنه "لا يمكن تأجيل هدم القرية لأن هناك قرارا صدر عام 2018 بإزالتها وتم تأجيله 7 مرات".
وفي مايو/ أيار 2018، أعطت محكمة الاحتلال العليا الضوء الأخضر بهدم الخان الأحمر وتهجير الفلسطينيين منه قسرًا، وتعهد رئيس الوزراء الأسبق بنيامين نتنياهو بالقيام بذلك، لكنه تراجع بعد ذلك، بعدما حذرت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية من أن هدم المنازل يمكن اعتباره "جريمة حرب".
ورأى أبو داهوك إغلاق الطرق في القرية إما مقدمة لتنفيذ جريمة الهدم أو لجس نبض المجتمع الدولي والسلطة في رام الله بشأن هذه القضية، لافتا إلى أن هناك حالة من الخوف تنتاب الأهالي في القرية خاصة النساء والأطفال، خشية هدم القرية وضياع بيوتهم وممتلكاتهم.
وأكد أن المواطنين صامدون على الأرض وسيتصدون للاحتلال بصدورهم العارية "هم لا يملكون أسلحة ولا دبابات، وحتى لو هُدمت القرية سنبقى على الأرض ولن نغادر وسنعيد بناءها مرة أخرى".
وأوضح أن الاحتلال يسعى لإزالة القرية للربط بين مستوطنات شرقي القدس مثل "معاليه أدوميم" و"كفار أدوميم" وغيرهما، منبها إلى أن القرية تشكل شريان حياة للمنطقة الشرقية لمدينة القدس، وعصب التجمعات البدوية المجاورة لها.
ولفت أبو داهوك إلى أن أهالي التجمع أبلغوا قيادة السلطة برام الله ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" والمؤسسات الدولية المناصرة للشعب الفلسطيني والاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي بجرائم الاحتلال وقراراته المتعلقة بالقرية.
وتقع القرية قرب مستوطنتي "معاليه أدوميم" و"كفار أدوميم"، ويشكل موقعها الحالي وصلا في الأراضي بين القدس وأريحا، وتبلغ مساحتها 40 دونمًا، تضم أكثر من 40 عائلة يعيشون في خيام وبيوت من الصفيح، وأخرى في "كرفانات" متنقلة، وتفتقر لأدنى مقومات البنية التحتية والخدمات الأساسية.
من ناحيتها، تقول مديرة مدرسة الخان الأحمر حليمة زحايكة إن إغلاقات الاحتلال المتكررة لمداخل القرية تنعكس سلبا على الحياة التعليمية ووصول الطلبة والمعلمين للمدرسة.
وبيّنت زحايكة في حديث لـ"فلسطين" أن هناك قرارا إسرائيليا بهدم المدرسة، لكنه تأجل عدة مرات كما هدم القرية، معربةً عن خشيتها أن يتم تنفيذ هذا القرار في الأيام القادمة.
وأوضحت أن إغلاق القرية يتفاقم بالتزامن مع الأعياد اليهودية "لكن من الواضح أن هناك مخططا إسرائيليا للسيطرة على القرية بأكملها".
تصفية الوجود العربي
ويقول الناشط والباحث المقدسي فخري أبو دياب إن الاستهداف الإسرائيلي يطال كل مدينة القدس ومحيطها، مشيرا إلى أن الاحتلال يريد تغيير الوجه الحضاري والديمغرافي لمناطق محيط المدينة.
وأوضح أبو دياب في تصريح لـ"فلسطين" أن الاحتلال يستهدف المنطقة الشرقية للقدس التي تقع فيها قرية الخان الأحمر، لتصفية الوجود العربي في هذه المنطقة وطرد السكان، ليسهل عليه ضم المستوطنات مثل "معاليه أدوميم"، و"كفار ادوميم" وغيرهما للمنطقة.
وبيّن أن عين الاحتلال على هذه المنطقة ضمن ما يسمى بـ"مشروع القدس الكبرى" لتتوسع المستوطنات وليستطيع ضمها وجعلها جزءا من دولته المزعومة، لافتا إلى أن القرية تشكل عائقاً أمام استكمال مشاريعه في الجزء الشرقي، لذلك يسعى لهدمها.
وأشار إلى أن الاحتلال يريد المزيد من المستوطنين في المنطقة، إذ إن هناك مخطط لإقامة مستوطنات لما يسمى بـ"غلاف القدس".