فيما يواصل جيش الاحتلال والصحافة الإسرائيلية في الأيام الماضية نشر أخبار وتحليلات حول "انهيار الوضع الأمني" في الضفة الغربية المحتلة، والخطورة التي يشكلها المقاتلون والخلايا العسكرية في شمال الضفة، خاصة نابلس وجنين، على الصهاينة ليس فقط في المستوطنات المقامة في الضفة، بل في المدن المحتلة داخل الخط الأخضر، مثل (تل أبيب)، فقد تشهد الضفة الغربية المحتلة تصعيدا متواصلا للمقاومة على مدار الساعة ولا تولي أهمية لتهديدات الاحتلال، التي تعبر عن جذوة الوعي لدى الفلسطينيين في نصرة قضاياهم العادلة ضد الاحتلال الإسرائيلي وقطعان المستوطنين، ولعل عملية حاجز الجلمة الفدائية الأخيرة شمال جنين الأسبوع الماضي، أسفرت عن استشهاد منفذيها، هما الضابط الفدائي أحمد عابد، والمزارع الهادئ عبد الرحمن عابد في اشتباك مسلح مع قوة صهيونية قتل أحد أفرادها، بأنها وقعت في وقت حساس جداً بالنسبة للاحتلال، بأن كل إجراءاته قد فشلت لمنع عمليات المقاومة المتصاعدة طبيعة ملهمة من معركة “سيف القدس”.
الواضح أن سلطات الاحتلال الإسرائيلية لم تفلح في السيطرة على أعمال المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، رغم كل الإمكانيات والقدرات العسكرية، والأمنية، والاستخباراتية، والأقمار الصناعية وأجهزة التجسس المتطورة وكاميرات التصوير والطائرات بدون طيار التي أدخلت إلى الخدمة الجوية في الضفة... إلخ من هذه الإمكانيات وغيرها التي تمتلكها قوات الاحتلال الإسرائيلية، فقد أثبتت فشلها. ولقد لجأ قادة الاحتلال لخداع مجتمعهم بإطلاق خطط وعمليات عسكرية عديدة لإجهاض المقاومة ووأدها على أرضها، مثل “كاسر الأمواج”، وقد ثبت فشلها كما فشلت سابقاتها “جز العشب”، و”بزوغ الفجر”...إلخ لتزايد وتوسع أعمال المقاومة، بل تعددت أشكالها وتنوعت أساليبها الاحترافية وتوزعت ضرباتها وأربكت حسابات الاحتلال، الذي ظن أنه استطاع بسط سيطرته على الأراضي الفلسطينية المحتلة وأدام الهدوء.
أي هدوء يعتقده الاحتلال الإسرائيلي في ظل الاقتحامات والمداهمات اليومية من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية، في القدس ونابلس وجنين وبيت لحم ورام الله وباقي مدنها وقراها، يتخللها عمليات خطف، واعتقال، وإعدامات ميدانية للمواطنين، وهدم وتجريف للبيوت والمزارع، وتهديد المناهج في القدس، واقتحامات الأقصى...إلخ ولا تجد من السلطة الفلسطينية أي ممانع. وهذا ما أكدته القناة العبرية (13) بأن قوات الاحتلال تستعد لتنفيذ "عملية واسعة النطاق" في جنين ومخيمها والبلدة القديمة من نابلس، قد تخلف عددًا كبيرًا من الضحايا ودمارًا كبيرًا. وأوضحت الإذاعة، أن جيش الاحتلال وجه رسائل لقادة أجهزة أمن السلطة طلب فيها منهم العودة بسرعة للعمل بقوة ضد المقاتلين في نابلس، لمنع فقدان السلطة الفلسطينية سيطرتها على نابلس كما حدث في جنين. وأضافت، أن تقديرات جيش الاحتلال و"الشاباك" تشير أن نابلس باتت قريبة جدًا من الخروج عن السيطرة الفلسطينية.
لقد ذكرت في مقالي السابق أن الاحتلال الصهيوني فشل فشلا ذريعا في احتواء التصعيد والمقاومة في الضفة الغربية، ويبحث عن حل سريع، فذهب إلى الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية شريكه الحصري في التعاون الأمني، وأقسامها في المقدمة، لقد تجسد هذا السلوك للسلطة الفلسطينية بمباشرة التعاون مع الاحتلال هذه المرة على الملأ باتباع سياسة “الباب الدوار”، في اختطاف واعتقال المقاومين في مدينة نابلس على رأسهم مصعب اشتية، لتثبت أجهزة أمن السلطة تواطؤها بالكامل مع الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني والمقاومة التي اختارها ضد الاحتلال الصهيوني، وبالتالي نجح الاحتلال بتوريط السلطة من خلال التعاون والتنسيق الأمني في سفك الدم الفلسطيني، بدلا من حقنه والاتفاق إلى جانب حقوق الشعب الفلسطيني ومساندة المقاومة خط الدفاع الأول عن القضية الفلسطينية.