فلسطين أون لاين

تقرير فراس يعيش.. بحث عن أمان لمركبته فطالته رصاصات أمن السلطة

...
الشهيد فراس يعيش الذي قضى برصاص أجهزة السلطة في نابلس - أرشيف
غزة/ يحيى اليعقوبي:

دوى صوت رصاصة مساء الاثنين الماضي، ووصل إلى مسامع زوجة فراس يعيش (53 عامًا) حينما نزل من البيت ليركن سيارته في منطقة آمنة، كذلك اخترقها أصوات حناجرٍ غاضبة، ونداءات الجيران المتسارعة بالأسفل "فراس.. تصاوب! – وين الإصابة؟ – بالراس".

نظرتْ من شرفة المنزل بجسد يرتجف، وهي ترى زوجها يُحمل من أمام باب البيت تنزفُ الدماء من رأسه، ويُنقل بسيارةٍ نحو المشفى، بعد إصابته برصاص أطلقته عناصر من أجهزة أمن السلطة على محتجين على اعتقال المقاوِم المطارد مصعب اشتية بالقرب من منزله في شارع "غرناطة" وسط مدينة نابلس.

قبل بدء مسلسل المشهد الدموي السابق الذي توقعه، فراس المكنى "أبا فارس" حاول البحث عن مكانٍ آمن لركن مركبته بعيدًا عن الأحداث، لكونها عهدة لديه تعود لصالح شركة مبيعات يعمل فيها، خوفًا من أن تتعرض للأذى، ولم يدرك أنَّه سيقع في الخطر، وأن إحدى رصاصات أمن السلطة ستخترق رأسه.

"يعني صرت يتيمة!؟".. وقفت الأم عاجزة أمام سؤال طفلتها الصغيرة لمى (12 عامًا) حينما بدأ خبر إصابته الخطرة في الرأس يصلهم عبر أشقاء زوجها الموجودين بالمشفى حينها، إلى أن أعلن استشهاده.

لم يكن أمام الأم إلا مواجهة طفلتها وإخبارها بالحقيقة المُرَّة التي لم تتهيأ لها، محاولةً التخفيف من صدمتها: "في ناس كتير بموتوا آباؤهم"، قربتها إلى حضنها، تواسي طفلتها ونفسها في آنٍ واحد: "هيني حوليك؛ مش راح أسيبك".

اللقاء الأخير

تروي الزوجة المكلومة، لصحيفة "فلسطين" آخر اللحظات التي عاشها زوجها قبل إصابته: "عدنا من الخارج قبل نحو عشر دقائق وعندما سمع أصوات الأحداث، أخبرني أنه سينزل لركن السيارة في مكان آمن وكانت الساعة تشير إلى الحادية عشرة مساءً تقريبًا، لكنه لم يصل لباب سيارته فقد أصابته الرصاصة عند باب البيت بعدها توالت الأحداث وأصوات الرصاص".

"على باب الدار ينطخ هدا قمة الظلم" تصف الجريمة.

لدى فراس أربعة أبناء، ثلاث بنات وهن: فايزة، ودانا، ولمى، وابن وحيد فارس (26 عامًا)، كان والده يستعد للفرح به، تردف زوجته بحسرة عن تلك الفرحة التي لم تكتمل: "كان دائمًا يقول لي، إنه يريد أن يفرح بابنه الوحيد بعد عامين عندما يتم عامه الثامن والعشرين (..) لم ندرِ أننا سنشيِّعه، لم أتخيل أن أعيش هذه الصدمة، كل شيء حدث بلمح بالبصر وكأنَّي في حلم".

تعلق على صدمة طفلتها لمى: "كانت متعلقة بوالدها كثيرًا، حتى أنه قبل ساعات من استشهاده أخذها للتنزه وعادا، كان هو متعلقًا بها لكونها أصغر أبنائه".

لحق فراس بشقيقه أمجد يعيش الذي استشهد برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال أحداث الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، وأمه التي توفيت متأثرةً بمرضها وحزنها على استشهاد نجلها أمجد.

"المُسالم" لم يسلم!

في شارع غرناطة، يعرف الناس فراس، بأنه شخص مسالم "حنون، طيب، لا يؤذي أحدا ولا يتدخل بأي شيء غير عمله وعائلته" وهذا ما تضيفه زوجته عنه.

لا تملك زوجته أي مطالبٍ لأنها لن "تعيد زوجها إلى البيت فلا قيمةَ لأي شيء بعد رحيله، لكن شقيقه مهند، يؤكد أن العائلة تنتظر نتائج الطب الشرعي، حتى تقرر خطواتها المقبلة، رغم أن مطلق الرصاص معروف وهم عناصر أمن السلطة، مشيرًا إلى أن هناك مقطع فيديو يظهر لحظة إصابته عند مدخل باب منزله.

مهند الذي استقبل اتصالاً من زوجة شقيقه لحظة الإصابة، عاش لحظات عايش فيها جهود الأطباء في محاولة إسعافه رغم خطورة الإصابة، يقول لصحيفة "فلسطين": "حاول الأطباء إسعافه رغم أن حالته كانت خطرة فالرصاصة دخلت من الجانب الأيسر لرأسه وخرجت من المنطقة الأخرى، وأدخل لغرفة العمليات، لكن أعلنوا عن استشهاده"، لافتا إلى أن جثمان شقيقه نقل لمستشفى جامعة النجاح لتشريحه، وإلى الآن لم تعطَ العائلة التفاصيل.

ويؤكد يعيش أن من حق العائلة الحصول على النتائج، ومعرفة من قتل شقيقه، واصفًا شقيقه الذي التقى فيه قبل يوم من استشهاده خلال زيارته له بأنه "شخص محبوب، لم يؤذِ أحدًا، يكرس حياته لأجل أبنائه وعمله".