العمل في مهنة الصحافة التي يُطلقون عليها (مهنة البحث عن المتاعب)، عمل له انعكاساته الإيجابية على العامل في هذا المجال، وفي الوقت نفسه له سلبياته في بعض الأحيان.
وكما يقولون إن كثرة الشكوى تُميت القلب، ويقولون الشكوى لغير الله مَذلة، ونحن بصفتنا عاملين في مجال الإعلام عامة والرياضي خاصة، فإن نقد السلبيات في ظل نُدرة الإيجابيات له انعكاسات إيجابية وأخرى سلبية.
نحن لا نشكو ولكننا نؤدي واجبنا المهني لانتقادات الحالات السلبية التي تنعكس على الوطن ورياضته، ونُظهر حالة التهميش المتعمد لغزة ورياضييها، رغم علمنا أننا سنُتهم بالعديد من التهم المُغلفة والجاهزة، وأقلها العمل لصالح أجندات خارجية.
ورغم كل ذلك سنضعكم أعزائي القراء في صورة واحدة من مئات حالات التهميش للرياضة والرياضيين في غزة منذ عام 2008 وحتى يومنا هذا في ظل خضوع رياضتنا الفلسطينية لحكم الفريق جبريل الرجوب.
فيوم أمس، اختتم الألماني توماس باخ رئيس اللجنة الأولمبية الدولية زيارته إلى مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة، وسط حضور شخصيتين من غزة وهما الدكتور أسعد المجدلاوي نائب الفريق الرجوب رئيس اللجنة الأولمبية، وإبراهيم أبو سليم، نائب نفس الفريق الذي يرأس اتحاد كرة القدم.
الأمر قد يبدو عادياً ومنطقياً للسطحيين في التعامل مع القضايا الهامة، وقد يبدو عادياً وأكثر من منطقي لفئة السحيجة الذي ينقسمون بين عالم بما يحدث وجاهل به، ولكنه في الحقيقة أمر غير عادي وغير منطقي.
فهي الزيارة الثالثة لرئيس اللجنة الأولمبية لفلسطين منذ المرة الأولى التي زار فيها الإسباني خوان أنطونيو سامارانش حين وضع حجر الأساس لمقر الأولمبية الفلسطينية في غزة، ومن ثم زيارته لرام الله التي كان يوجد فيها الرئيس ياسر عرفات قبل عام من حصاره في المقاطعة، ومن بعدها الزيارة الثانية التي قام بها البلجيكي جاك روغ لرام الله دون زيارة غزة، وهذه هي الثالثة التي يتكرر فيها الشيء نفسه.
قد يقول البعض ولماذا تُصر أيها الكاتب على (حَشر غزة في كل شيء)؟ أوليست غزة تضم قرابة نصف المواطنين الفلسطينيين في الأراضي التي احتلتها دولة الكيان الصهيوني عام 1967؟ أوليست غزة تخضع لحصار صهيوني منذ 15 عاماً وتستحق أن يعرف كل ضيف عربي أو أجني يزور فلسطين، كل ما يُمارس على غزة من عدوان متكرر راح ضحيته آلاف الشهداء والمصابين وآلاف البيوت المهدمة والمصالح المُعطلة؟
ومن المعروف أن رئيس أي دولة أو رئيس حكومته أو وزيره المختص في أي جانب من الجوانب السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، عندما يستقبل ضيفًا بنفس الرتبة والقيمة، يقوم باصطحابه للتعريف بحضارة دولته وتطورها وتقدمها، وفي حال كانت هذه الدولة تقبع تحت نير الاحتلال، عليه أن يصطحب ضيوف بلده لتعريفهم بحقيقة دولة الكيان الصهيوني العضو في اللجنة الأولمبية الدولية، وبمدى الإجرام الذي تركبه هذه الدولة بحق الشعب الفلسطيني وبمدى همجية الاحتلال في التعامل مع الشعب الفلسطيني على الحواجز داخل الضفة الغربية، وبكل مآسي الشعب الفلسطيني في غزة بسبب الاحتلال.
ألم يصل الفريق الرجوب إلى أهمية تعريف العالم بحجم الظلم الذي يعانيه بلده بسبب الاحتلال وهو السبب نفسه الذي من أجله جمدت اللجنة الأولمبية عضوية روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا!
ألم يصل الفريق الرجوب إلى أهمية إحراج الاحتلال من خلال دعوة الشخصيات الرياضية الدولية البارزة التي تتمتع بصلاحيات كبيرة، إلى لقاء عدد من الرياضيين الذين تعرضوا للاعتقال والقمع على الحواجز الاحتلالية وعرض بعض الوثائق المصورة لإثبات ذلك، ومن بينهم الحكم الدولي فاروق عاصي الذي تم اعتقاله على حاجز وتم تقييده وعصب عينيه والاعتداء عليه رغم إظهاره بطاقته الدولية، آخرهم اعتقال عضو إدارة نادي بلاطة، ناهيك بصور الشهداء الذين طالهم ونال منهم رصاص الاحتلال؟
فقط أريد تذكير الجميع أن الرجوب عندما يريد أن يأتي أحد لغزة أو يخرج أحد منها إلى أي مكان آخر، فإنه يستطيع فعل ذلك أو الضغط لتحقيق ذلك، وهو ما حدث عندما قام الجنوب إفريقي طوكيو ساكسويل بزيارة غزة على رأس وفد من الاتحاد الدولي لكرة القدم برفقة عدد من المسؤولين عن رياضتنا في الضفة الغربية من أجل معرفة الضرر الذي لحق بالرياضة الفلسطينية من جراء القمع الصهيوني، وذلك بعد أسابيع قليلة على إخفاقه في إنجاح مشروع طرد (إسرائيل) من الاتحاد الدولي لكرة القدم.