أتفق مع مضمون التقرير الإسرائيلي الصادر عن "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة (تل أبيب)، الذي أكد "أن نمط الممارسات الإسرائيلية الحالية ضد تصاعد العمليات التي ينفذها فلسطينيون في الضفة الغربية، تشكل أرضا خصبة لتعاظم روح المقاومة الفلسطينية"، وهذا استنتاج دقيق يحاكي مكنون الوعي الفلسطيني، الذي يستثار كلما تعرض للضغط، ويتفجر كلما اعتمد العدو أساليب العنف والإرهاب، وهذا الذي أرشد الفلسطيني إلى الحازم الناسف، يلفه حول خاصرته، ويتفجر وسط جموع الصهاينة.
هذا هو الفلسطيني الذي يحاول العدو الصهيوني تصفية مقاومته، من خلال الاقتحامات اليومية للمدن والقرى الفلسطينية، ومن خلال تكثيف الهجمات العدوانية، وإطلاق النار، والاعتقالات التي تجاوزت 1500 معتقل فلسطيني منذ بداية هذا العام، ومع ذلك، فالمقاومة في تصاعد، والغضب الشعبي في ازدياد، حتى أولئك الشباب الفلسطيني الذين التحقوا بأجهزة أمن السلطة، وظن الصهاينة أنهم قد انتزعوا من عقولهم فكرة مقاومة المحتل، حتى هؤلاء الشباب الفلسطيني، لما يزل يحتفظ معظمهم في قلبه بخريطة الوطن، وبعضهم حمل سلاحه قبل يومين، وصوبه باتجاه الصهاينة، ليتأكد العدو الإسرائيلي أن سياسة "جز العشب" كما يسميها، قد فقدت مفعولها، بل شكلت فرصة سانحة لبراعم العشب المقاوم كي تنمو، وتملأ الوادي سنابل، تنبئ بانفجار عنيف واسع، يربك كل الحسابات الإسرائيلية عن الأمن المزعوم.
الشعب الفلسطيني ليس استثناء عن بقية الشعوب، فكل أمة تعرضت للغزو والاحتلال والتصفية قاتلت عن مصيرها ومستقبلها بكل ما أوتيت من قوة، ولكن جهل العدو الإسرائيلي بمسار التاريخ، وبحركة الشعوب، جعلته يرسم مستقبل الصهاينة على الورق، ويحاول فرضه على الشعب الفلسطيني، ليكتشف بعد مئة عام، بُعد المسافة الفاصلة بين نظرية الأمن الإسرائيلي، والتطبيق على الواقع الفلسطيني، لذلك عقد الصهاينة اجتماعًا مطولًا ضم رئيس الوزراء، وعددًا من الوزراء، وقادة الأجهزة الأمنية، ودرسوا الآثار المترتبة على عملية واسعة في الضفة الغربية، لقد حذرت الأوساط الأمنية من مضاعفات أي اقتحام للمدن الفلسطينية، ومن مواجهة صعبة في الضفة الغربية، لذلك اتفق المجتمعون الصهاينة على تحميل السلطة الفلسطينية مسؤولية الأمن، وتكليفها بالإنابة عن جيش الاحتلال الإسرائيلي في قمع ثورة الشعب الفلسطيني.
فهل تقبل السلطة الفلسطينية بهذا الدور المشبوه؟ هل تصير السلطة هي العصا التي تجلد ظهر الشعب الفلسطيني؟ أم تستغل السلطة هذه الحالة الفلسطينية، وتحاول أن تطهر نفسها، وأن تنظف سيرتها من دنس التنسيق والتعاون الأمني، وتلتحق بشعبها المقاوم؟
حتى الآن، تعجز السلطة الفلسطينية عن تلبية مطالب الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وحتى الآن تعجز القيادة الإسرائيلية عن تقديم القليل من التنازلات السياسية، التي تشجع السلطة على القيام بمهمة جيش الاحتلال الإسرائيلي، تحت بند المصلحة الوطنية، والحفاظ على المشروع الوطني، وأزعم أن هذه الساعات حاسمة بالنسبة لمستقبل الصراع العربي الإسرائيلي، والذي تشير كل المعطيات إلى التصعيد، فقد بلغ السيل الزبى، والمارد الفلسطيني الذي خرج من القمقم لن يعود ثانية إلى حظيرة الخنوع والانتظار، فقد تذوق لذة المواجهة والانتصار.
ملحوظة: يقول بعض الإسرائيليين: حزب الله هو الخطر الحقيقي الذي يهدد الوجود الإسرائيلي
ويقول آخرون: بل المقاومة الفلسطينية في غزة، هي الخطر الحقيقي.
ويقول آخرون بل الضفة الغربية هي الخطر الذي يهدد أمن الدولة ووجودها.
ويقول آخرون: بل فلسطينيو 48 هم الخطر الأعظم.
ونحن نقول: لن تنعموا بالأمن أيها الصهاينة؛ نحن هنا.