- عبد العاطي: اللجنة شُكِّلت على أساس سياسي وليس مهنيًّا
- عساف: مؤشر على خنوع ورضوخ قيادة السلطة للضغوط الإسرائيلية
لم تجتمع اللجنة الوطنية الفلسطينية العليا للمتابعة مع المحكمة الجنائية الدولية منذ أكثر من عامين، أي قبل وفاة رئيسها صائب عريقات في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2020، ما يثير تساؤلات عديدة، إن كانت اللجنة دُفنتْ بقرار من رئيس السلطة محمود عباس بعد موت عريقات، ومصير الملفات المحالة للمحكمة بعد سنواتٍ طويلة ترقب فيها أبناء الشعب الفلسطيني الوصول لنتائج ملموسة في محاكمة مجرمي الحرب من قادة الاحتلال الإسرائيلي.
وينفي مسؤولون في السلطة ما أثاره الإعلام العبري بأن قيادتها أوقفت مساعيها في المحكمة الجنائية الدولية، لكن توقف اجتماعات اللجنة يجعل ما يثار موضع شك تعززه أدلة وسلوك سياسي وحقوقي تحاول قيادة السلطة تجنبه.
ما يعزز الأسئلة المثارة وقف السلطة في ديسمبر/ كانون أول 2021، إجراءات الدعوى المقدمة ضد نقل الولايات المتحدة الأميركية سفارتها إلى القدس المحتلة في محكمة العدل الدولية، بناء على وعود من إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، بإعادة فتح القنصلية الأميركية في مدينة القدس، وإقناع حكومة الاحتلال بتقديم تسهيلات معيشية واقتصادية للفلسطينيين.
وفي موضوع اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة، أحالت شبكة الجزيرة في نهاية مايو/ أيار الماضي، هذا الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية، وشكلت تحالفاً قانونياً لمتابعة الجريمة في الهيئات القضائية الدولية.
لكن السلطة و-عبر وزارة خارجيتها- وليس اللجنة الوطنية العليا، قدمت شكوى بهذا الخصوص لدى النائب العام للمحكمة الجنائية الدولية، وهو ما يعد دليلاً على توقف عمل اللجنة أو موتها.
أساس سياسي
على أثر انضمام فلسطين للأمم المتحدة بصفة مراقب غير عضو، وبعد ضغوط عديدة تأخر انضمام السلطة إلى ميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية عامين ويزيد، ونتاج تعثر مسار المفاوضات لجأت السلطة للانضمام لميثاق روما في 31 ديسمبر/ كانون أول 2014، واكتملت عملية الانضمام في 1 إبريل/ نيسان 2015، وفق رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد" صلاح عبد العاطي.
وأشار عبد العاطي لصحيفة "فلسطين"، إلى أن السلطة وخلال الفترة التي سبقت اكتمال انضمامها لميثاق روما، شكّلت لجنة وطنية لمتابعة محاكمة مجرمي الحرب أمام المحكمة الجنائية الدولية، برئاسة الراحل صائب عريقات.
ويعتقد عبد العاطي أن اللجنة شُكلت على أساس سياسي وليس على أساس مهني، وعلى ذلك اجتمعت اللجنة ونظرت في كيفية المتابعة أمام الجنائية الدولية، مستدركا: "لكن غلب على عمل اللجنة غياب الشفافية والموضوعية والتواصل مع المجتمع، والطابع السياسي الذي فوت فرصا كثيرة من بينها تأخر إحالة الملفات بموجب المادة "14" بعد اكتمال انضمام فلسطين للمحكمة".
وقال: "منذ تلك اللحظة بدأت اللجنة في عملية التسويف ولم تقم بإحالة ملفات الاستيطان والأسرى وجرائم الحرب وملف العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014، وعليه فإن اللجنة لم تفعل دورها ولم تقدم استقالتها وتعاملت مع الأمر باعتبار أن عضوية اللجنة تشريف أكثر منه تكليفا"، وهذا ما أكدته تقارير المحكمة الجنائية الدولية السنوية.
لكن منذ وفاة عريقات، كما ذكر عبد العاطي، لم تفعل اللجنة ولم تجتمع، وبالتالي باتت ميتة، معتقدًا أن عباس التزم لأمريكا وللاحتلال بعدم إحالة الملفات للجنائية الدولية، مشددًا على أن اللجنة الوطنية تحتاج إلى إعادة تفعيل على أساس الاختصاص والكفاءة ومواءمة التشريعات ضمن ميثاق روما حتى نتمكن من مسار جاد لمساءلة قادة دولة الاحتلال.
توجيهات سياسية
ويرى الكاتب والمحلل السياسي عمر عساف، أنّ اللجنة المسؤولة عن متابعة الجنائية تعمل وفق تعليمات رئاسة السلطة ووزارة خارجيتها وبالتالي عدم اجتماعها، لا يمكن أن يكون مصادفة بل هو توجه عن وعي واستنادًا لقرار المستويات العليا، وهذه المستويات تتعرض دومًا للضغوط الأمريكية والإسرائيلية لدرجة التهديد.
وقال عساف لصحيفة "فلسطين": "للأسف عودتنا هذه القيادة أن تخضع للضغوط وتستجيب لها، ولنا في تقرير جولدستين مثال على ذلك، وكذلك فيما حصل في ملف اغتيال الصحافية شيرين أبو عاقلة نموذج آخر، حيث تم التسليم والاعتماد على الإدارة الأمريكية وتحقيقها بديلًا للتحقيق الدولي والذهاب بالملف للمحكمة الدولية".
وبيّن أنّ هذا السلوك مكّن مجرمي الحرب من الإفلات من العقاب، إذ كان التقرير الأمريكي منسجمًا مع ما أراده الاحتلال الذي أعلن أنّ جنديه مطلق النار لن يخضع للتحقيق، هذه كلها مؤشرات على خنوع ورضوخ قيادة السلطة للضغوط الإسرائيلية.
وختم حديثه: "هذا ما يجعل ملفًّا كملف المحكمة الجنائية الدولية عرضة للضياع في مهب الريح ويُشجّع الاحتلال على المضي في جرائمه بحقّ شعبنا وأرضنا وحقوقنا".