بتاريخ 30 أبريل/ نيسان من هذا العام قال يحيى السنوار، رئيس حركة حماس في قطاع غزة: "سنبدأ بالتنسيق مع محور القدس في تشغيل الخط البحري لقطاع غزة، لنكسر الحصار تمامًا، والمشاورات والاستعدادات لهذا الموضوع تسير على قدم وساق".
خمسة أشهر عبرت على ذاك التصريح الذي أثار الاهتمام، وطرح السؤال الكبير: هل يمتلك رجال المقاومة الفلسطينية القوة لفرض إرادتهم على عدو إسرائيلي، سيقاتل بكل ما أوتي من قوة كي لا ينهزم في معركة السيادة على البحر؟
في تقديري أن السنوار لم يكن يجهل الحقائق حين قطع على نفسه عهداً بفك الحصار عن غزة، وهو القائد العاقل الذي يقدر جيداً ما لديه من قدرات، ويعرف ما له من تحالفات محلية وإقليمية، وله حساباته السياسية والإستراتيجية. ولتنفيذ الوعد الذي قطعه على نفسه لا بد من اختيار التوقيت المناسب، ولا بد من ربط قضية فك الحصار بجملة من الاعتبارات الميدانية، التي ستفرض نفسها على الخريطة السياسية في الأيام القادمة، ومنها:
أولاً: الأوضاع المتوترة في الضفة الغربية، ودور غزة في تجسيد البطولة التي تستنفر طاقة شباب الضفة الغربية لمحاكاتها، والسير على خطاها، وهذا اعتبار لا تتجاهله المقاومة.
ثانياً: الاعتداءات التي يعد لها الصهاينة على المسجد الأقصى مع بداية أعيادهم التي تبدأ يوم 26 أيلول/ سبتمبر، حيث يشهد الأقصى الاقتحامات والصلوات المشوهة، وللمقاومة هنا كلمتها.
ثالثا: الحراك الفلسطيني على شواطئ غزة، والمطالبة الجماهيرية بالانتفاع من حقل غاز غزة، الذي تسيطر عليه دولة العدو الإسرائيلي، وتحرم الفلسطينيين من الاقتراب منه.
ثلاث قضايا إستراتيجية باتت مرتبطة ببعضها، ومرتبطة بفك الحصار عن قطاع غزة، ومن أجل هذه القضايا المصيرية تقام الحروب، وتطلق الصواريخ، وتكون للتضحية معانٍ عابرة للزمان، ومفجرة لقيود المكان، وهذا هو الوقت المناسب لفرض الشروط الفلسطينية على عدو لا يفهم إلا لغة القوة، ولا يعترف بحقوق الآخرين إلا مجبراً مضطراً، وهذا ما تحقق على شواطئ لبنان، حين خنع العدو الإسرائيلي أمام تهديدات حزب الله، ولم يستخرج الغاز من حقل كاريش مطلع شهر أيلول/ سبتمبر، كما أعلن سابقاً، لقد خضعت (إسرائيل)، وتأجل موعد استخراج الغاز من حقل كاريش، حتى يرضى عنهم لبنان، وبعد أن يستخرج غازه من البحر.
قطاع غزة جزء من محور المقاومة كما قال السنوار قبل خمسة أشهر، والتنسيق والترتيب بين الجبهات العربية قائم لمصلحة الأمة، وانتصار لبنان هو انتصار لفلسطين، وكان السنوار واضحاً وصريحاً حين قال: "سنبدأ بالتنسيق مع محور القدس في العمل على تشغيل الخط البحري لقطاع غزة؛ لنكسر الحصار تماما، والمشاورات والاستعدادات في هذا الموضوع تسير على قدم وساق". فهل اقترب الموعد؟ وهل ستدوي صواريخ المقاومة في اتجاه حقول الغاز الإسرائيلية أو ستتراجع (إسرائيل) أمام تهديدات غزة، كما تراجعت أمام تهديدات لبنان؟ وهل ستنسحب (إسرائيل) من بحر غزة، كما أُجبرت على الانسحاب من بر غزة في أيلول 2005؟
المطالبة برفع الحصار عن غزة، واستخراج الغاز من حقول غزة لم تعد حديثاً سرياً، ولا جانبياً، ولم يعد حديث فك الحصار عن غزة حديثاً تنظيمياً، ولا هو حديث مسؤولين في المؤسسات الحكومية، استخراج غاز غزة صار حاجة اقتصادية وسياسية فلسطينية، وصار مطلباً شعبياً، ولا طريق لاستخراج غاز غزة من البحر إلا برفع الحصار البحري عن غزة.
ملحوظة: هل تذكرون مايو 2021؟ حين قالت غزة: القدس والمسجد الأقصى خط أحمر! بعد أيام كانت (تل أبيب) تحت القصف بمعركة سيف القدس. اليوم، تقول غزة لكل الدنيا:
حقل غاز غزة ملك لأهل فلسطين، وستحرق غزة الأخضر واليابس إن لم نسترد غازنا.