تُختتم اليوم منافسات الجولة الأولى للدوري "الممتاز" لكرة القدم لموسم 2022-2023، ومعها منافسات الجولة الأولى لبطولتي دوريي الدرجتين الأولى والثانية، في وقت عاشت الأندية واللاعبون على أمل الحصول على حقوقهم المالية المتراكمة منذ موسمين.
حبل الأمل الذي تعلقت به الأندية واللاعبون المغلوب على أمرهم من أجل سداد الديون ودفع مستحقات اللاعبين، تعزز بعدما صرح مسير المجلس الأعلى للشباب والرياضية في غزة بأن الفريق جبريل الرجوب وعد بدفع هذه المستحقات قبل انطلاق الموسم.
وها هو الموسم قد انطلق فعلياً وانتهت جولته الأولى، وبعد ثلاثة أيام سندخل في الجولة الثانية، وستمر الأيام والأسابيع والأشهر دون أن تصل المنحة للأندية.
وحتى نكون منطقيين في تحليل الموقف، فإن مُسير المجلس الأعلى في غزة مغلوب على أمره، فهو لا يمتلك القرار ولا الفعل، فهو مأمور من رئيس المجلس الأعلى الذي يحتقر غزة ولا ينظر إليها مثلما ينظر إلى سواها من خارطة فلسطين.
وهنا نطرح سولاً بريئاً: على ماذا استند مُسير اللجنة الأولمبية في تصريحه المتلفز الذي قاله بصوت عالٍ وبنبرة من الثقة والتحدي، وكأن رئيس المجلس الأعلى في جيبه، أو أن ثقته بالفريق الرجوب أعلى من ثقة أولاد الفريق بأبيهم؟
لقد سَئِمت غزة وأنديتها الوعود غير الصادقة التي تُطلق من هنا ومن هناك، وكأن كرامة الناس لا تعنيهم، فاللاعبون بشر من الطبقة المسحوقة التي تحتاج للكثير من أجل توفير قوت أولادهم، فالأمر لم يعد مجرد تسلية أو هواية، الأمر أكبر بكثير من ذلك بسبب عدم وعي وإدراك إدارات الأندية أولاً بما يحدث معهم، وثانياً عدم حسم اتحاد كرة القدم الأمر بقرار عدم السماح بإبرام عقودٍ للاعبين لكونه يُطبق نظام الهواة في غزة وليس الاحتراف.
وبعيداً عن دور وموقف الأندية والاتحاد فإن الأمر متعلق بالدولة التي يجب عليها دعم الأندية وتوفير موازنة واضحة وصريحة يتم إقرارها في مجلس الوزراء، لكون المجلس الأعلى للشباب والرياضة بمنزلة وزارة الشباب، ورئيسه الفريق جبريل الرجوب بمنزلة وزير الشباب والرياضة.
لقد مرت علينا أزمة شباب الخليل مرور الكرام دون أن نعرف تفاصيل تراجع النادي عن موقفه القاضي بمقاطعة بطولات وأنشطة اتحاد كرة القدم ما لم يحصل على حقوقه، حيث قبل أن هناك لجنة شكلها اتحاد كرة القدم من أشخاص مقربين من شباب الخليل لحل الأزمة أو للتدخل لدى رئيس النادي مثقال الجعبري، حيث ضمت اللجنة رئيسا سابقا لشباب الخليل، وعضوين في إدارة سابقة للنادي، وكأن الأمور فيها شيء غير منطقي أدى إلى تراجع الشباب عن موقفه دون تحقيق مطالبه.
وبعيداً عن الأزمة المالية، فإن انطلاق النسخة الـ"18" لبطولة الدوري الممتاز وبالتالي بطولات الدرجات الأولى والثانية والثالثة ومن قبلها الرابعة، إلى جانب بطولات الصالات المغلقة والكرة الشاطئية، يجعلنا نفتخر بها منظومة رياضية فلسطينية عامة وغزية على وجه الخصوص في ظل الحصار المفروض على غزة منذ "16" عاماً.
اليوم ونحن نحتفل بافتتاح موسم كروي جديد يُضاف لكل المواسم السابقة التي بدأت وانتهت بتتويج فائز بلقب الدوري أو الكأس، علينا أن نستذكر كل من ساهم في إرساء دعائم كرة القدم الفلسطينية منذ تأسيسه في عام 1928 وحتى يومنا هذا.
وهنا لا بُد من استذكار رابطة الأندية الرياضية التي ترأسها عند تأسيسها عام 1978 صبحي فرح، ومن بعده إبراهيم عويضة، ومن بعده نصر غزال، ومن ثم معمر بسيسو، الذين أسسوا لإعادة إرساء قواعد الرياضة عامة وكرة القدم على وجه الخصوص بعد النكبة عام 1948، ومن ثم النكسة عام 1967.
كما لا ننسى كل الكوادر الرياضية في اللجان العاملة وأبرزها اللجنة الفنية ولجنة الحُكام، الذين كانوا الوقود للرابطة وبطولاتها.
كما لا يمكن تجاوز مرحلة تأسيس السلطة الوطنية في عام 1994 التي في ضوء ترتيباتها تمت إعادة تأسيس اتحاد كرة القدم بعدما سُلبت حقوقه في عام 1948، بقيادة المناضل اللواء أحمد العفيفي، الذي قاد كرة القدم الفلسطينية لمدة 12 عاماً في ظل أجواء قاسية جداً على المستويين المالي والإداري والإمكانات، حيث أعاد تنظيم بطولات الدوري على الملاعب الترابية، وأعاد تشكيل المنتخبات الوطنية دون توفير الحد الدنى من الدعم المالي الرسمي وغير الرسمي، فكل التحية لكل من عمل بجد واجتهاد وفق أجندة فلسطينية لا تفرق بين فلسطيني وآخر.