لم تتوقف أجهزة أمن السلطة وقوات الاحتلال الإسرائيلي، عن شن عمليات اعتقال وملاحقة عشوائية ضد النشطاء والمواطنين، لاسيما بعد انتشار صور ومقطع فيديو يظهر مقاتلين من كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، في جبال جنين، شمالي الضفة الغربية المحتلة.
وتعيش قوات الاحتلال وأجهزة السلطة حالة من التخبط بعد انتشار الفيديو أخيرًا، حيث اعتقلت السلطة الصحفي مجاهد السعدي ثم أفرجت عنه لاحقًا، والصحفي محمد عتيق بعد اقتحام منزله وتفتيشه بشكل همجي، ومصادرة الأجهزة المحمولة وحاسوبه الخاص.
كما شنت السلطة حملة اعتقالات واسعة بجنين، طالت عددا من الشباب في محافظات مختلفة.
وكشفت "القناة 12" العبرية في تقرير لها، عن حالة من القلق والإرباك لدى المحافل الأمنية والعسكرية التابعة للاحتلال عقب ظهور مقاتلي القسام، ووصفت الصور بأنها "غير عادية"، مؤكدة أنها "تتسبب في انفجار وعاء الضغط الإسرائيلي".
ونبهت إلى أن ظهور هؤلاء المقاومين بهذا الشكل، هو بمثابة "عرض عسكري" لحركة حماس، مثل الذي يجري تنظيمه في غزة، إلا أنه في "هذه المرة تم في جنين، وليس بعيدا عن العفولة"، في إشارة لاقتراب رجال حماس المقاومين من مدن ومستوطنات الاحتلال.
التزامات أمنية
ورأى المحلل السياسي، صلاح حميدة، أن سياسة السلطة منذ نشأتها تقوم على تطبيق الالتزامات الأمنية تجاه الاحتلال والولايات المتحدة والسياسة الإقليمية العامة باستهداف المقاومة الفلسطينية.
وقال حميدة لصحيفة "فلسطين": إن "اعتقالات السلطة في جنين تأتي لترهيب المنافس الحقيقي على الأرض، والاستمرار بالاستفراد السياسي الفلسطيني، ومنع أي قوة يكون لها تأثير على الساحة الفلسطينية غير القيادة الحالية المنتفعة".
وأشار إلى تنفيذ السلطة وقوات الاحتلال اعتقالات في جنين، لها علاقة بالفيديو الذي ظهر فيه مقاتلو كتائب القسام، وحقق انتشارًا واسعًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ولفت حميدة إلى أن فيديو القسام جاء لإظهار أن هناك جناحًا مسلحًا لحركة حماس في الضفة الغربية، وأنهم حاضرون ويقومون بفعاليات مقاومة.
حالة ارتباك
من جانبه، رأى المحلل السياسي، بكر الشيخ عيد، أن ظهور مقاتلي القسام أحدث حالة من الارتباك لدى كل من الاحتلال، وأجهزة السلطة، وهو ما دفعهم إلى تنفيذ حملة اعتقالات.
وقال الشيخ عيد لصحيفة "فلسطين": إن السلطة والاحتلال سيواصلان اعتقال مزيد من المواطنين ومحاولة الوصول إلى مصوري الفيديو، كونه يشكل صفعة أمنية لهما".
وبين أن ظهور عناصر القسام يعني أن السلطة فقدت السيطرة على الوضع الأمني بالمناطق الفلسطينية في الضفة الغربية، لذلك قامت بشن حملة اعتقالات واسعة بجنين للوصول إلى أي أحد شارك في المقطع المتداول.
ولفت أن السلطة تريد إثبات قدرتها على مد الاحتلال بالمعلومات الأمنية الخاصة بـ"التنسيق الأمني"، خاصة بالفترة الأخيرة التي شهدت فيه الضفة تصاعد أعمال المقاومة والاشتباكات المسلحة.
من ناحيته، قال الكاتب والمحلل السياسي، سامي محمد، إن السلطة ماضية في نهج "أوسلو" المدمر للحالة الوطنية والمهددة للاستقرار والسلم الأهلي من خلال اعتقالها المواطنين.
وقال محمد لصحيفة "فلسطين": إن أجهزة السلطة تتجاوز الخطوط الحمراء للقانون الدولي الإنساني وذلك باعتقال الصحفيين الذين يتمتعون بحصانة قانونية وفقًا لمعايير حقوق الإنسان.
وأضاف: أن السلطة تنجر إلى مربع السياسة الصهيونية وتطبيق برنامج "التنسيق الأمني" بحذافيره وهو ما يسيء لوظيفتها الأساسية حماية الوطن والشعب من خطر الاحتلال.