تنتشر الجداريات التي تصور عيون قادة محليين وعالميين، وشهداء ومفكرين فلسطينيين وعالميين، عبر تلال سلوان في شرقي القدس المحتلة.
وتحتوي تلك الجداريات على عبارات وطنية توحي بالثبات والصمود، إلى جانب رسومات إبداعية أخرى بألوان مختلفة، لتضفي نوعًا من البهجة والحياة على الأحياء ذات البيوت المتلاصقة المهددة بالهدم والتخريب.
ومنذ ست سنوات يواصل المقدسيون كبارًا وصغارًا في بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى رسم جداريات الجرافيتي على جدران أحيائهم ومنازلهم؛ كجزءٍ من المشروع الفني العام الذي ما زال مُستمرًّا "أنا شاهدٌ على سلوان"، وذلك بهدف تسليط الضوء على هدم المنازل والتهجير القسري.
يضمُ المشروع جداريات كبيرة لعيون -فلاسفة ونشطاء وفنانين- منتشرة في مواقع مختلفة في سلوان تهدف إلى إخبار من يراها أنّ العالم يشهد على ما يحدث وأنّ كلَّ العيون موجهةٌ على البلدة.
تقول جنان مسودة من القدس سكان بلدة سلوان، خريجة تصميم ديكور داخلي، وهاوية في مجال الفن: "وبالعودة إلى التاريخ نعرف الدور القوي للفن في توصيل الرسالة مثل الكتابة والغناء والشعر، وعليه فإنّ للفن قوة تأثير عميقة".
وتشير مسودة إلى أنّ اختيارهم للرسم كان بسبب وجود أعداد كبيرة من المستوطنين في سلوان، وجداريات العيون المضطهدة بسبب التمييز العنصري تخاطب هؤلاء المستوطنين بأنها تراقبهم وشاهدة على ما يقوم به الاحتلال من جرائم.
وتتابع: "هذه العيون تقول للمستوطنين نحن شهود على كل شيء".
ويرسم فنانون القدس أيضًا جداريات أخرى غير العيون الشاهدة، مثل الورود والفراشات والطيور بهدف تجميل الحي وخلق بيئة جميلة ومريحة للأطفال، "لأنّ الأطفال في سلوان لا يعيشون حياة الطفولة بسبب الأحداث اليومية التي تحدث وتؤثر على نفسية الأطفال"، كما تؤكد مسودة.
وتلفت مسودة إلى أنّ جداريات سلوان، جعلت البلدة محط اهتمام وفضول الكثير من الناس سواء من خارج فلسطين، فأصبحوا على معرفة وإدراك بما يحصل في البلدة المقدسية والمشكلات التي تواجهها.
وتتمنى الفنانة الشابة توسعة المشروع ليشمل جميع أحياء المدينة المقدسة، لتسليط الضوء على معاناة السكان المقدسيين والانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة تجاه المدينة.
عيون تفضح الأذى
يعرف الموقع الإلكتروني لمشروع "أنا شاهد على سِلوان"، الجداريات التي أبدع في رسمها فنانون مقدسيون وعالميون، بأنه مشروع فني دولي يهدِف لِدعم نضال بلدة سلوان في وجه نزع الملكية، أطلقته مديرة منظمة آرت فورسيس سوزان جرين، وهي فنانة متعددة التخصصات وأخصائية نفسية كلينيكية، ويشرف عليه مركز مدى الإبداعي في حي بطن الهوى.
ويُبيّن زهير الرجبي، أحد العاملين في المشروع: "أنا شاهد على سلوان" بدأ في حي وادي حلوة في 2016م، وبعد عامين انتقل إلى حي بطن الهوى ولا يزال مستمرًّا حتى اليوم.
ويوضح الرجبي لـ"فلسطين" أنّ المشروع استهدف البيوت المهددة بالهدم في الحي والتي يصل عددها إلى 87 بيتًا وتضم 700 فرد، لتسليط الضوء على معاناتهم وصمودهم في هذا الحي رغم الدمار.
وعن التركيز على جداريات العيون، يقول: "البعض لا يستطيع البوح بالمشاعر التي تنتابه، ولكنّ العيون في المقابل تفضح الأذى الذي يعانيه، لذا تم اختيار رسم عيون تعود لأشخاص عانوا الاضطهاد، والقتل، والاستشهاد، إضافة إلى مفكرين فلسطينيين وعالميين".
ويُلفت الرجبي إلى رسم أشكال فنية أخرى كالعصافير، والزهور على جدران البيوت التي هدمت بهدف إضفاء جو رائع لأطفال وسكان الحيّ ومنحهم طاقة إيجابية، وتفريغًا نفسيًّا، عند رؤيتهم للوحات مبهجة تؤكد في الوقت نفسه الاستمرار في الصمود رغم الطغيان الذي يمارسه الاحتلال.
ومن الأطفال الذين يشاركون في المشروع الطفلة دارين الرجبي (11 عامًا)، وتقول إنّ مشاركتها في رسم الجداريات يعطيها مساحة للتعبير عن حياتها وتفريغ مشاعرها، "فأشارك في رسم الورد والشجر والعصافير والفراشات، وكلمة سلوان على الجدار".
وتضيف: "احنا صامدين بسلوان ولن نرحل وراح نضل صامدين، وسنقاوم حتى النفس الأخير حتى لو بالرسم والألوان لكونه يوصل رسالة قوية تغيظ المستوطنين في رسم علم فلسطين، والخريطة مما يقهرهم ويعملون على مسحها".
يُذكر أنّ القائمين على المشروع مجموعة من الفنانين المقدسيين والعالميين المتطوعين رسموا جداريات في الحيّ على مدار عامين ونصف العام.