فلسطين أون لاين

تقرير "أنا الفلسطيني".. مخيم تثقيفي بإعداد الأكلات التراثية

...
مخيم أنا الفلسطيني
غزة/ ضحى حبيب:

في بيت أثري عتيق، تشدك فيه رائحة الأكلات الفلسطينية القديمة التي تُطهى في الأواني الفخارية على نار الحنين والشوق لحياة عاشها الآباء والأجداد في قراهم قبل الهجرة، وعلى أنغام الأغاني التراثية القديمة تحضَّر أطباق الحلويات الشهيرة، وعلى قافية الشعر الذي يتغنى بأمجاد الأجداد وجمال الوطن، اختتم مخيم "أنا الفلسطيني".

في بيت السقا الأثري بالبلدة القديمة بغزة وبحضور شخصيات من مختلف الهيئات والمؤسسات الفلسطينية المعنية بالتراث والتاريخ اختتمت، الهيئة العامة للشباب والثقافة وأكاديمية "سمايل كتشن" ونادي الطهاة الفلسطيني المخيم التدريبي التخصصي "أنا الفلسطيني".

المخيم يقام للمرة الأولى من نوعه، كمساهمة من الهيئة العامة الشباب والثقافة في إحياء جزء مهم من التراث الفلسطيني الأصيل، إذ عمل مجموعة من الطهاة على مدار ثلاثة أيام على إعداد أطباق مختلفة من الأكلات التراثية الفلسطينية، كالمقلوبة والرُمانية وفتة الحمص والقدرة الغزية والكنافة العربية الفلسطينية.

مخيم تعليمي

يقول رئيس أكاديمية "سمايل كتشن" لتعليم فنون الطهي أحمد طه: "استهدف المخيم الطلبة الذين يدرسون في الأكاديمية، والمهتمين بفنون الطهي وإعداد الأطباق المختلفة؛ لتعليمهم طهي الأكلات التراثية التي نخشى أن ينساها الناس مع دخول كثير من الأطباق الغربية للمطبخ الفلسطيني".

وعدَّ طه المخيم نوعًا من أنواع المقاومة ضد الاحتلال الذي يعمل على طمس الهوية الفلسطينية ومحو ثقافتها، كمحاولته لسرقة الأطباق الفلسطينية الأصيلة ونسبتها إلى المطبخ "الإسرائيلي".

ويضيف مستدركًا: "وللأسف نجح الاحتلال في ذلك من خلال أخذ اعتماد من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) بتسجيل أكلة الفلافل والحمص والكنافة على أنها ضمن ثقافته وتراثه". 

وفي السياق، يؤكد رئيس الهيئة العامة للشباب والثقافة محمود بارود على أهمية المخيم ودوره في إحياء جانب من جوانب التراث الفلسطيني والحفاظ عليه من الاندثار والنسيان. 

ويقول: "إنّ الصراع مع المحتل لا يقتصر على الرصاصة والبندقية وإنما يشمل الصراع القائم على مدار الساعة وهو الصراع على الوجود الحضاري والمشهد الثقافي للشعب الفلسطيني".

وتابع: "الاحتلال كيان لا يمتلك تاريخًا ولا هوية، ويحاول جاهدًا أن يصنع لنفسه حضارة من خلال محاولاته المستمرة لسرقة التراث وتغيير الهوية الثقافية للأجيال المتعاقبة".

هوية تاريخية

أما علا الحاج التي شاركت في إعداد أطباق فلسطينية مختلفة في اليومين الأول والثاني من المخيم فأكدت دعمها للتراث الفلسطيني بكل أشكاله ووصفت الأكلات الفلسطينية بـ"الهوية التاريخية التي ترجعنا للحياة التي عاشها أجدادنا في بلادنا".

وتقول: "لكل مطبخ في العالم ما يميزه، وكذلك فإنّ المطبخ الفلسطيني يتميز بالكثير من الأطباق الشهية والصحية في الوقت نفسه".

وتعمل علا من خلال قناتها في يوتيوب على تبسيط الأكلات التراثية لتتعلمها الفتيات والأمهات دون أن يجدن صعوبة في إعدادها لأسرهنّ فتتفنّن في طرق التزيين والتقديم وتضيف لمساتها الخاصة على الأطباق لتُرغّبهم في تجربتها.

وتردف قائلة: "يشير واقعنا إلى أننا بعد عقد إلى عقدين من الزمن لن نجد كثيرًا ممن يعرفون الأطباق التراثية أو يجيدون طبخها، لعدة أسباب أهمها مزاحمة الأكلات الغربية والوجبات السريعة للأكل الفلسطيني التقليدي، لذا فنحن نحاول أن نحافظ على هويتنا الثقافية قدر استطاعتنا".

وفي نهاية اليوم التراثي، أشاد الحضور بالجهود المبذولة من قبل القائمين على المخيم، وعبّروا عن أملهم في أن تقام مثل هذه المخيمات بشكل أوسع لتستهدف كل شرائح المجتمع الفلسطيني لتعزيز الوعي بأهمية إحياء الأطباق الفلسطينية كنوع من مقاومة الاحتلال والحفاظ على الهوية.