فلسطين أون لاين

تقرير إعلانات الهواتف.. مخاطرها على الأطفال وسبل الوقاية منها

...
غزة/ ضحى حبيب:

في هذا العالم الواسع المتشعب، وفي ظل التسارع التكنولوجي الكبير، يتعرض الأطفال في الأوقات التي يقضونها على الهواتف أو الأجهزة الإلكترونية الأخرى لكمٍّ هائل من الإعلانات الإلكترونية المختلفة في أنواعها وأغراضها وطريقة عرضها، التي يؤكد مختصون أنها تشكل خطرًا تربويًا وسلوكيًا.

يحدد المختصون تلك المخاطر بوجود مخاطر تربوية وسلوكية لمتابعة الأطفال للإعلانات التي تظهر أمامهم في مواقع التواصل الاجتماعي أو في تطبيقات الألعاب الإلكترونية. 

مخاطر الإعلانات

يقول المدرب التربوي علي القطناني: "يتكون الإعلان من الصور والكلمات والصوت والحركات، وتلك العناصر مجتمعة تعمل على جذب انتباه الطفل وتركيزه، وحالة الجذب هذه تقوده من إعلان لآخر حتى ينغمس في دائرة لا متناهية من الإعلانات المستمرة التي لا علاقة لها ببعضها، ما يخلق حالة من التشتت والإرباك لدى الطفل". 

ويوضح أن متابعة الطفل للإعلانات تنعكس سلبيًا عليه من نواحٍ عدة، أهمها: تحول الطفل مع الوقت لمستهلك نهم يبحث عن شيء يشتريه وعن طريقة يقضي بها رغبته بالاستهلاك، ما يؤثر في علاقته بوالديه، إذ يراهما آلة لتلبية رغباته واحتياجاته للشراء فقط.

ويشير القطناني إلى أن هذه الحالة تؤثر في سلوك الطفل، فقد يلجأ في بعض الأوقات إلى العناد أو الكذب أو السرقة لتلبية رغباته إن رفضها الوالدان، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، "فمستقبلًا سيجد الطفل صعوبة في التأقلم مع طبيعة الحياة عندما يدرك أنه ليس بإمكانه شراء كل ما يريد كما كان يفعل له والداه". 

كما تؤثر تلك الإعلانات في نمط تفكير الطفل الذي ينحصر في تقليد غيره والانشغال بمحاولة الوصول إلى مستواهم، وهو ما يتفق معه أستاذ الإدارة والتخطيط التربوي محمود عساف، الذي يقول إن الإعلانات تخلق فجوة بين ما يراه الطفل في الإعلان وما يعيشه، "فتنشأ لديه حالة من التناقض والاضطراب وعدم الرضا عن حياته ومستواه". 

ويلفت إلى خطورة الإعلانات التي تحمل مضامين لا أخلاقية أو عقائدية خصوصًا على الأطفال فوق سن 12 عاما، حيث تمرر الألعاب الرقمية سيلا جارفا من الإعلانات ذات الإيحاءات الجنسية أو الصور غير اللائقة التي تثير فضول الطفل للبحث والتعرف أكثر إلى الموضوع، وتقوده إلى مواقع منحرفة تغير مفاهيمه وتؤثر في سلوكياته.

سُبل الوقاية

وقبل طرح سبل الوقاية والعلاج يؤكد عساف أن منع الطفل من مشاهدة الهاتف مطلقًا ليس حلًا مجديًا، بل قد ينعكس سلبيًا على سلوكه، ويثير فضوله للمشاهدة والبحث دون رقابة الوالدين.

وينبه إلى ضرورة ألا ينغمس الأبوان في الأجهزة الإلكترونية، "لأن الطفل يميل بالفطرة إلى التقليد، ولا يمكّنك الطفل من المشاهدة وأنت لا تستطيع ضبط نفسك في ذلك". 

ويقول: "العالم مفتوح ولا يمكن تقييد عملية مشاركة المعرفة فيه، لذا فإن الحل الأمثل للتعامل مع المحتوى الرقمي المتسرب هو تربية الطفل تربية سليمة من خلال زرع القيم والمثل العليا لديه، لتتكون عنده مع الوقت مرجعية ذاتية يقيس الأمور ويحكم على الأشياء من خلالها". 

ويعدد عساف طرقًا لوقاية الطفل والحد من مخاطر الإعلانات، منها توقيت التعامل مع الأجهزة، وتخصيص وقت للأنشطة البدنية بمشاركة الوالدين، وفتح مساحة للحوار مع الطفل ومشاركته اهتماماته. 

ويتابع: "من المهم الجلوس مع الطفل وسؤاله عن رأيه عند ظهور إعلان أمامه، وإدارة نقاش حول الدوافع الخفية للمعلنين، والحقيقة وراء الصور المنتشرة في الإعلانات، وعرض صور واقعية لمراحل تصوير الإعلان، وبعض الحيل والخدع التي تستخدمها هذه الإعلانات لتحسين جودة الصور لتصبح خادعة".

ربط الحسابات

وفي السياق، ينصح القطناني عند تحميل تطبيق أو لعبة يفضلها الطفل بمناقشة الرسائل الإعلانية والشعارات التي تظهر له، وإخباره ألا ينقر على أي إعلان، وألا يملأ نموذجا دون عرضه على والديه.

وينصح كذلك الآباء باستخدام التطبيقات التي تمكنهم من ربط جهاز الطفل بأجهزة أبويه، كتطبيق (Family Link) الذي يمكن الأبوين من معرفة المحتوى الذي يشاهده الطفل والتطبيقات التي يحملها والوقت الذي قضاه، وإمكانية إغلاق جهاز الطفل من جهاز الأب أو الأم عند انتهاء الوقت.

ويتابع: "من المهم ربط حسابات طفلك على مواقع التواصل الاجتماعي بحساباتك، إذ لا يمكنه الدخول عليها إلا بموافقتك، وألا يسمح للطفل باستخدام كل مواقع التواصل".

ويضيف القطناني: "قد يحتاج الأطفال إلى استخدام جهاز كمبيوتر لأداء واجباتهم المدرسية، ويمكن أن تساعدك أدوات الرقابة الأسرية المضمنة في نظام "ويندوز" باسم (Microsoft Family) و(macOS) في تعيين حدود زمنية لاستخدام التطبيقات والويب، ويمكنك وضع الأجهزة في غرفة عائلية لمراقبة استخدام أطفالك التكنولوجيا والتفاعل معهم حول المحتوى الرقمي". 

ويختم بقوله: "تظل التربية السليمة للطفل وزرع المفاهيم والقيم والمثل العليا لديه، ودفعه لاستشعار رقابة الله عز وجل أفضل طريقة لحمايته من المخاطر المحدقة به". 

المصدر / فلسطين أون لاين