نحن الشعب الفلسطيني من يطيل أيام إضراب الأسرى عن الطعام، ونحن من يقصرها، فإذا وقفنا على قلب رجل واحد خلف أسرانا في إضرابهم المفتوح عن الطعام، الذي سيبدأ بألف أسير اليوم الخميس 1/9، فذلك يعني أن الشعب الفلسطيني لن يخذل أسراه، ولن يتخلى عنهم، وهذه أهم رسالة سيقرأ تفاصيلها العدو الإسرائيلي.
حين يخوض الأسرى الفلسطينيون معركة الأمعاء الخاوية، فذلك لا يعني أنهم يثقون بإنسانية عدوهم، وبرحمته، وبقضائه وبمؤسساته الحقوقية، الأسرى الفلسطينيون يعرفون أن عدوهم يريد لهم الموت والهلاك، ولو كان الصراع بين الأسرى المضربين عن الطعام وإدارة السجون، بعيدًا عن الإعلام، لما توانى السجان عن ذبحهم، وتجويعهم، وتركهم في البرد والحر حتى الموت، وهذه بعض المطالبات النازية التي أعلنها بعض الوزراء الإسرائيليين، ويقف خلفها نواب صهاينة في الكنيست، وهناك مطالبات بإعدام الأسرى الفلسطينيين، وبعضهم يطالب بألَّا تكون السجون فنادق خمس نجوم، كما يزعمون، وبعضهم يطالب بألَّا يتوفر للأسرى مقومات الراحة والتعليم والنوم، ولا حتى الطعام والشراب.
الأسرى الفلسطينيون حين يخوضون معاركهم ضد عدوهم، لا يعتمدون على صمودهم وصبرهم وتضحياتهم فقط، وإنما يعتمدون في المقام الأول على الشعب الفلسطيني، بكل أطيافه وفئاته، يعتمدون على شعبهم الذي لن يخذلهم، ولن يتركهم وحدهم في الميدان، فالشعب الذي يتخلى عن أبنائه في المعركة هو شعب جاحد، لذلك سيقف كل الشعب الفلسطيني صفًا واحدًا خلف مطالب الأسرى، سنقاتل نحن الفلسطينيين في الشوارع وفي الحارات، وعلى مفارق الطرق، وعند بوابات المستوطنات، وعلى الحواجز الإسرائيلية، وعلى الخط الفاصل بين قطاع غزة ودولة الكيان الصهيوني، سنقاتل نحن الفلسطينيين مع أسرانا الأبطال في كل الساحات، دعمًا لمطالبهم، ولن نسأل نحن الفلسطينيين: ما مطالب الأسرى؟ لماذا يخوضون إضرابًا سيخلف عاهات وأمراضًا وأوجاعًا ستمتد معهم لعشرات السنين؟ أنا كفلسطيني لن أسأل: لماذا يخوضون معركة ضد عدو لا يرحم؟ ولن يشفع لهم غير شعبهم؟ أنا كفلسطيني مع شبابنا، وأولادنا، وبناتنا، وأبطالنا في خطوتهم النضالية خلف الأسوار، واجبنا أن نقف معهم، وأن ننصرهم، وألَّا نترك عدوهم يستفرد بهم، ويستقوي عليهم، واجبنا ألَّا نطيل فترة إضرابهم عن الطعام، فنحن الفلسطينيين من يقصر فترة إضرابهم، ونحن الفلسطينيين من يطيل فترة إضرابهم، وهذا الأمر متعلق بمدى الحراك الشعبي والجماهيري في المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، ففي اللحظة التي يشعر العدو أنه يواجه شعبًا متوحدًا في كل الساحات ضد عدو واحد، متوحدًا في كل الساحات خلف الأسرى المضربين عن الطعام، سيرتعب، وسيلجأ إلى مفاوضة الأسرى من اليوم الأول، طمعًا في التهدئة.
وإذا أدرك العدو الإسرائيلي أن ساحة الأسرى تخوض حربها ضد إدارة السجون وحدها، دون دعم جماهيري، ودون التفاف من كل القوى الوطنية والجماهيرية، وقتها، سيستفرد عدوكم بأولادكم، سيأكلكم الذئب ساحة في إثر ساحة، وأنتم عن مستقبلكم غافلون، فهذه ليست معركة الأسرى، وإنما هي معركة فلسطين، بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فانتصار الأسرى هو انتصار للإرادة الفلسطينية، وانكسار الأسرى انكسار للوجود الفلسطيني، وللكرامة الفلسطينية.
ملحوظة، الأسرى لا يخوضون الإضراب عن الطعام من جوعٍ، ولا من قلة الأكل، لا، فالطعام متوفر داخل الزنازين، والأسرى لا يخوضون الإضراب تحت شعار: بدنا نعيش، لا، الأسرى يخوضون إضرابهم بحثًا عن حريتهم، وطلبًا لكرامة شعبهم، وحبًّا لوطنهم فلسطين.