تعيش دولة العدو معادلة أمنية معقدة، وتبحث دوماً عن جُدُرٍ وأسوار أمنية تحميها من مصير باتت تراه واقعاً حياً لا مناص منه! " دولة (إسرائيل) " الكبرى من النيل إلى الفرات أَضْحت خلفنا بعد أن أكدت الحياة أن قدرات تل أبيب لن تُمَكِّنُها من التمدد أكثر مما هي عليه الآن، وهو نفوذٌ ينحسر يوماً بعد يوم وقدرة الجيش "الذي لا يُقهر" بدأت تتآكل منذ عام 2006 ميلادية!
حاولت قوات الاحتلال التقدّم في معارك عام 1967 حتى وصلت قناة السويس، ولكنها عادت إلى حيث كانت فقد كانت الأرض المصرية أكبر من أن تهضمها قدرات جيشها " الجرار "؟!
كما أنها جربت العدوان شمالاً في جنوب لبنان عام 1978 ميلادية وشكلت حزامها الأمني وجيش لبنان الجنوبي برئاسة الجنرال سعد حداد ثم تلاه بعد مقتله الجنرال أنطوان لحد.
في المعارك التي امتدت لأكثر من عشرين عاماً مع المقاومة الوطنية اللبنانية ورأس حربتها " حزب الله " خَسِر العدو الآلاف من قواته، قتلى وجرحى وأَسرى والذي تُوّج بخروج مُذلّ ومن طرف واحد عام 2000.
وقد شَكَّلت نتائج عدوان تموز عام 2006 منعطفاً تاريخياً في الصراع مع العدو النازي على جبهة فلسطين المحتلة الشمالية حين هُزِمَت نُخبة قوات الاحتلال البريّة والبحريّة والجويّة وقُبِرَت دباباته فيما سُميّ "بمذبحة وادي الحجير".
أما في قطاع غزة فقد كان الصمود الأسطوري إبان عدوانات الأعوام 2008، 2012، 2014، فوقعت حكومة نتنياهو بل وغرقت في رمال الصمود المتحركة لقطاع غزة العزة ومجاهديه والهزائم العسكرية وأسر الجنود.
حكومة نتنياهو تتخبط وتجرّب المجرّب حين أغلقت بوابة السماء، فَرَدَّها على أعقابها أبطال بيت المقدس، وقبلة المسلمين الأولى وعادت ساحات الأقصى تعج بآلاف المؤمنين الذين يعدون العُدّة لمواجهة مَكْر وخطط العدو القادمة.
الأسوار والتحصينات الدفاعية أضحت هاجساً وكابوساً يُحاصر العدو على مدار الساعة، وها هي تل أبيب تعود إلى خطط بناء السور الحديدي ليس فقط حول قطاع غزة بل أيضاً على حدودها مع مصر.
تحذيرات عِدَّة أطلقها غير مسؤول أمني وعسكري صهيوني من تداعيات التطورات التي تشهدها الساحة المصرية عموماً، وساحة شبه جزيرة سيناء خاصة!
ووفقاً للتقارير الأمنية، فقد تغيرت الإستراتيجية التي انتقلت من التصدي للمتسللين على الحدود إلى الاستعداد للقيام بعمليات عسكرية. لقد جاء هذا على لسان وزير الدفاع السابق بنيامين بن اليعازر، ورئيس الأركان السابق بيني غانتس.
أما عاموس هرئل المعلق العسكري لصحيفة " هآرتس " فقد سبق وأن قال إن " المسخ الفولاذي " يمتد ليغطي بعد فترة عام ونصف نحو سبعين كيلو متر، وسيستمر العمل على طول الحدود طالما ثبت أن ذلك ضروري.
وهذا الجدار سيكون تحت الأرض لمواجهة إمكانية حفر الإنفاق والتسلل إلى داخل كيان العدو من قِبل المجموعات الإسلامية التي تنشط بشكل متسارع على أرض سيناء على الحدود مع دولة العدو.
مَخاوف تتصاعد وتحاصر تل أبيب من شمال فلسطين في لبنان وسوريا، ومن القدس التي تغلي تحت أقدام الاحتلال، ومن الضفة الفلسطينية التي باتت على أعتاب تصاعد الانتفاضة الباسلة، وقطاع غزة ورجال الإعداد ليوم قادم أكيد، وها هي دولة العدو تضيف خطر الحدود مع مصر، وتتابع بقلق بالغ تهديدات جادة ومُحتملة من الجماعات الإسلامية السيناوية.
كل ذلك يذكرنا بما قاله أول رئيس وزراء لدولة المستوطنين اليهود في فلسطين المحتلة ديفيد بن غوريون، وفي أول مؤتمر صحفي له بُعَيد قيام الدولة العنصرية عام 1948، حين سُئلَ: " كيف ستدافعون عن الأمن القومي لدولتكم الوليدة ؟ ".
أجاب بن غوريون بتردد " يبدو أننا سنستمر في الدفاع عن وجودنا؟! ".