فلسطين أون لاين

قرية "الديوك التحتا" تحت الهدم القسري

تقرير "حمدان" يُحرم بيته.. وصلف الاحتلال يلاحق "الشلودي" خارج القدس

...

أريحا– غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

لم يتمالك المواطن كامل حمدان نفسه وهو يصف الخسارة التي مني بها بعد أن هدم الاحتلال الإسرائيلي "حلم عمره"، وحتى اللحظة لا يستطيع استيعاب مشهد تدمير منزله أمام ناظريه.

سنوات من الكد والتعب قضاها حمدان ليشيد منزله بعد أن أرهقته الإيجارات، فمنذ سبع سنوات يقتطع الرجل من قوته وقوت أولاده، ويضع القرش فوق القرش، كي يبني منزلًا يأوي إليه وأطفاله في أرضه في قرية "الديوك التحتا" غرب مدينة أريحا.

ولم يكن البدء في مشروع البناء الذي بات ركامًا قبل اكتماله بالأمر الهين قط، إذ كان مطلوبًا من "كامل" الموازنة بين إيجار المنزل ومصروف أبنائه الخمسة وغيرها من متطلبات الحياة، ونفقات البناء.

وعندما اقترب الحلم من الاكتمال وبدأ في التشطيبات النهائية لمنزله، فوجئ "كامل" بتسليم قرار له بمنع البناء، فتوجه لمحاكم الاحتلال التي أكدت له أن أموره سليمة، لكن جيش الاحتلال وما يسمى "الإدارة المدنية" التابعة له غدرا به وبجيرانه في المنطقة.

ففي الخامسة فجر الثاني والعشرين من آب (أغسطس) أفزعه اتصالٌ هاتفي من أحد جيران بيته الذي كان "قيد الإنشاء"، يخبره بأن قوات الاحتلال تحيط بالمنطقة، ويبدو أنها بصدد هدم البيت وعددٍ من البيوت المجاورة.

هرع كامل إلى المنطقة مصطحبًا أطفاله الخمسة؛ علّ قلوب جنود الاحتلال ترق عند رؤيتهم، لكن دون جدوى.

يقول: "طلبتُ منهم إِشهار القرار القضائي بالهدم، فأخبروني بأنه لا يوجد قرار وأن الهدم جاء بأوامر عسكرية خاصة، وشرعوا في هدمه وهدم حلمي ببيتٍ خاص إلى الأبد، ولم يتبقَّ لي سوى الديون المتراكمة، التي لا أعلم متى يمكن أن أنتهي من سدادها، لا أقول سوى حسبي الله ونعم الوكيل، لينتقم لي من هذا الاحتلال الظالم".

الديوك التحتا (4).jpeg
 

دمار شامل

وعلى مقربةٍ من بيت حمدان تقف عائلة الشلودي متسمرةً أمام ركام منزلها لا تستطيع استيعاب ما حلّ به من دمار، إذ لم يكتفِ الاحتلال بالهدم فانتزع الأساسات من أرضها، كما يبين أحد أفراد العائلة نادر الشلودي.

يصف نادر ما جرى للعائلة وغيرها من العائلات في "الديوك التحتا" بأنه فعل صادم، فالمنطقة تقع في النطاق الجغرافي السياسي لسيطرة السلطة الفلسطينية، وليست على مقربة من أي مستوطنات للاحتلال، "فهي منطقة أثرية بها تل السمرات الأثري، وهي من أقدم مناطق أريحا، تفوح بعبق جمال فلسطين وحضارتها".

ومنذ عشر سنوات عائلة الشلودي تسكن المنطقة، بعد أن ضيق الاحتلال معيشتها في شرقي القدس وحرمها البناء كغيرها من الأسر الفلسطينية في المدينة المحتلة.

يقول: "يقيم هنا أساسًا والداي المسنان، وأتردد إليهما أنا وأشقائي إذ نتنقل بين أريحا والقدس من أجل العمل وتحصيل قوت أطفالنا".

ويوضح نادر أن المنطقة هادئة بالعموم، ولا تجري فيها أي أعمال عسكرية لجيش الاحتلال، لكن أهلها فوجئوا منذ ثلاثة أشهر بتسليم الاحتلال إنذارات بوقف البناء لـ64 بيتًا.

ويضيف: "هرعنا إلى القضاء الإسرائيلي، وأظهرنا جميع الوثائق التي تثبت ملكيتنا وقانونية البناء، فمنازلنا موصولة بالماء والكهرباء من السلطة الفلسطينية، وهناك طمأنونا أن أمورنا سليمة، لكن الجيش غدر بنا، وهدم ثمانية منازل دفعة واحدة".

ويبين نادر أنه طلب من جنود الاحتلال أن يطلعوه على قرارات الهدم، فكان ردهم وهم يوجهون السلاح لرأسه بأن القرار اتخذته "الإدارة المدنية" التابعة لجيش الاحتلال، في الحادية عشرة والنصف من ليلة الثاني والعشرين من أغسطس، وجاءوا لتنفيذه في فجر اليوم نفسه.

يتابع حديثه: "لم يمنحونا الفرصة للتحرك لوقف القرار، هدمت الجرافات بيوتنا، وبدت المنطقة كأن صاروخًا سقط عليها إذ اقتلعوا الأساسات من الأرض".

وتبلغ مساحة منزل الشلودي قرابة 140 مترًا مربعًا، والأرض 900 متر مربع، وكانت تحتوي على بركة سباحة وحديقة مليئة بأشجار الحمضيات، تستمتع العائلة بقضاء أوقاتها فيها، خاصة في الإجازات، "والآن فقدنا المأوى لقرابة عشرين فردًا، فالمعاناة تلاحقنا دائمًا، في القدس وهنا في أريحا" والحديث لنادر.

ويمضي إلى القول معلقًا على عمليات الهدم القسري التي تطال المنازل الفلسطينية: "رغم الضغوط والضربات حبنا لفلسطين وتعلقنا بها سيزداد، وواهمون إنْ ظنوا أنهم كلما ضيقوا علينا كرهنا وطننا، فما يحدث هو العكس تمامًا".

وعين الديوك التحتا أو الديوك قرية فلسطينية من قرى محافظة أريحا شمال شرق الضفة الغربية، تقع على بعد كيلومترين غرب مدينة أريحا.

الديوك التحتا (3).jpeg
الديوك التحتا (3).jpeg
الديوك التحتا (2).jpeg
الديوك التحتا (1).jpeg
 

 

المصدر / فلسطين أون لاين